الخميس 18 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

عن عمر ناهز 76 عاماً توفي يوم 14/12/2025 الدكتور محمد صابر عرب أستاذ التاريخ الحديث بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، ووزير الثقافة الأسبق الذي ولد عام 1948، ودرس بالأزهر وتخرج في جامعته العريقة.

 

 

تدرج في سلك التدريس بالجامعة، فقد عُين معيداً بقسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية في الفترة من عام 1974وحتى عام 1979، ثم مدرساً مساعداً ما بين عامي 1979و1983، ثم مدرساً، فـ"أستاذاً مساعداً"، فـ"أستاذ دكتور" ما بين عامي 1983 و1994.

 

وإلى جانب عمله أستاذاً بجامعة الأزهر عمل كذلك أستاذاً بمعهد البحوث والدراسات العربية، التابع لجامعة الدول العربية في الفترة من عام 1994 وحتى عام 2005، وكذلك رئيساً للإدارة المركزية لدار الوثائق القومية منذ عام 1999، وأيضاً رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، ورئيساً للهيئة المصرية العامة للكتاب في الفترة من يناير 2005، وحتى ديسمبر2011.

 

وقد ترك "رحمه الله" بصمة واضحة في المجال الأكاديمي والثقافي، ليكون اسمه علامة بارزة في التاريخ الثقافي المصري، وقدوة للأجيال القادمة، فله ما يقرب من "40" مؤلفاً ومحرراً في تاريخ مصر والعرب الحديث، وكذلك في الثقافة والسياسة ومناهج البحث التاريخي، كما أسهم بأوراق بحثية ومناقشات فكرية في أكثر من "50" مؤتمراً علمياً بجامعات وهيئات محلية ودولية على مدار تاريخه، وتوج ذلك كله بحصوله على العديد من الجوائز، ومنها على الترتيب: جائزة أفضل رسالة دكتوراه في الجامعات المصرية 1983، وجائزة الدولة التقديرية 2012، وشخصية العام الثقافية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب ٢٠١٧، ودرع الكمال الثقافي من الحكومة الجزائرية ٢٠١٨.

 

لكن أهم محطات الدكتور محمد صابر عرب كانت تلك المحطة التي حمل فيها "حقيبة وزارة الثقافة" في أربع حكومات متعاقبة، وهي حكومة الدكتور كمال الجنزوري في ديسمبر 2011، وحكومة الدكتور هشام قنديل في أغسطس 2012، وحكومة الدكتور حازم الببلاوي في يوليو 2013، وحكومة المهندس إبراهيم محلب حتى منتصف 2014؛ ذلك أنه بشخصيته الهادئة والمثابرة - التي عُرفت عنه- قد لعب دورًا محوريًا خلال تلك الفترة في تطوير المشهد الثقافي المصري، عن طريق إطلاق الكثير من مبادرات الحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الفنون؛ ولمَ لا؟ وهو المعروف بشغفه الكبير للثقافة والفنون، وسعيه المستمر للحفاظ على التراث المصري الأصيل.

 

ولا يخفى على أحد كيف كانت تلك السنوات التي حمل فيها المغفور له راية وزارة الثقافة ظرفاً عصيباً ومريراً في تاريخ مصرنا الحبيبة؛ خاصة في ذلك العام الذي تولت فيه جماعة الإخوان الإرهابية زمام الأمور.

وخلال ذلك العام استقال من الوزارة مرتين لعدم رضائه عن السياق العام للحكومة في ذلك الوقت، ولعدم رضائه – كذلك- عن أدائها تجاه وزارة الثقافة، خاصة مع تقديمها دعما ماليا كبيرا لوزارة الشباب ووزيرها الإخواني على حساب دعم وزارة الثقافة التي تحتاج إلى الكثير من الأموال لهيئاتها ومؤسساتها ومسارحها وقصور ثقافتها.. وغيرها، وهو الأمر الذي أدى لتوقعاته بسقوطهم في النهاية وهو ما حدث فعلياً.

 

لقد كان الدكتور صابر عرب "نموذجًا للمثقف المستنير" على حد تعبير "نقابة المهن التمثيلية" في نعيها له، الأحد 14/12/2025، كما أسهم – على حد تعبيرها أيضاً- خلال مسيرته الحافلة في دعم الفنون والآداب، وتعزيز دور الثقافة كقوة ناعمة مؤثرة في وجدان المجتمع.

 

وعقب وفاته شهد له الكثيرون؛ فقد كتب الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "إنا لله وإنا إليه راجعون، أنعى بمشاعر الحزن والأسى الصديق العزيز الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق الذي عرفته إنساناً نبيلاً وزميلاً فاضلاً ومثقفاً قيماً، فكان نموذجاً خلوقاً يحتذى به في إدارة العمل الثقافي، كما نعى الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الراحل بقوله: إنه كان "عالماً ومفكراً رصيناً".

 

كذلك نعاه اللواء خالد اللبان مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة بقوله "إن الدكتور محمد صابر عرب كان نموذجا للمثقف الجاد الذي آمن بدور الثقافة في بناء الوعي العام، وتعامل معها باعتبارها فعلا يوميا ومسؤولية وطنية، وقد قدم خلال مسيرته خبرته العلمية ورؤيته المستنيرة في لحظات فارقة من تاريخ العمل الثقافي، وسيبقى أثره حاضرا في ذاكرة الحركة الثقافية المصرية".

 

أما زوجته السيدة أميرة خواسك (الكاتبة الصحفية المصرية)، فقد نعته عبر حسابها على «فيس بوك» قائلة: "توفي إلى رحمة الله تعالى العالم الجليل، والإنسان النبيل زوجي وصديقي وحبيبي الدكتور محمد صابر عرب، بعد معاناة طويلة مع المرض، وأشهد الله أنه كان نعم الزوج والصديق والإنسان".

 

هكذا ترجل فارس الثقافة "المثقف المستنير" القارئ والمحلل لتاريخ مصر وحضارتها عبر عمله الاكاديمي ودراسته للتاريخ وتدريسه له على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، امتزجت فيه دراسة التاريخ وتدريسه بالعمل الإداري، خلال سنوات حياته ليرى الثقافة المصرية بما تضمه من عناصر مختلفة عن كثب، وهكذا أيضاً نودع هذه الشخصية الكبيرة، داعين الله أن يتغمده برحمته الواسعة وألا يحرم بلدنا الحبيب من أمثاله وأن يحفظ مصر وقيادتها وشعبها إلى الأبد.

 

تم نسخ الرابط