عاجل
الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

كذبت أفلام "الخيال العلمي" وإن صدقت!!

كذبت أفلام "الخيال العلمي" وإن صدقت!!
كذبت أفلام "الخيال العلمي" وإن صدقت!!

حسام محفوظ



 

لماذا لم يجيء المستقبل .. وقد أصبح الآن من الماضي ؟

 

أغلبنا يحب أفلام الخيال العلمي .. فمنذ الطفولة تثير فينا هذه الخدع البصرية الجذابة رغبة بدائية في هزيمة المجهول وحب المعرفة.. بل ان افلام الكارتون ما هي الا افلام خيال علمي من نوع خاص جدا تناسب الأطفال!

وأحد أهم أدوار الخيال البشري (سواء خرج هذ الخيال على هيئة فيلم او رواية او صورة)  هو توقع شكل المستقبل،  ومحاولة مد خط التطور على استقامته .. بل والأهم من ذلك محاولة استشراف شكل المشكلات التي سيواجهها عالم الغد، والوصول لأفضل الحلول لها مسبقا.

ومن يهتم بالسينما العالمية سينتبه الى ان عدد كبير من أشهر أفلام الخيال العلمي قد تنبأت بمستقبل أصبح بالنسبة لنا الآن ماضي وانتهى.. فأفلام مثل 1984، 2001، 2012 تحمل عناوينها تواريخ صارت خلفنا الآن .. والأحداث في "افلام مستقبلية" مثل بلايد رانر وباك تو ذا فيوتشر تدور في أزمنة تجعلها بمقاييس اليوم "أفلام تاريخية"!

فهل استطاع الفن فعلا توقع الحياة القادمة وكأنه العراف الماهر؟ أم ان المستقبل قد خيب الآمال؟ والاهم: لماذا لم يأتي هذا الغد الموعود كما توقعته احلامنا، أو حتى كوابيسنا ؟

في الصفحات القادمة نستعرض مجموعة من أشهر أفلام الخيال العلمي، لنعرف متى نجحت النبوءة، ومتى فشل الخيال.

 

فيلم 2001

سنة الإصدار: 1968

سنة الأحداث: 2001

 

 

 

ربما يكون أهم واشهر أفلام الخيال العلمي في الخمسين عاما الأخيرة .. ولا يوجد عاشق واحد للأفلام عموما لا يعرف تحفة ستانلي كوبريك "2001 : اوديسا الفضاء" .. وحتى الذين لم يشاهدوا الفيلم يعرفون جيدا دقات الطبول المميزة للموسيقى التصويرية الخاصة به، وهي جزء من مقطوعة  "هكذا تحدث زرادشت" للموسيقار الألماني لريتشارد شتراوس، وظلت اجيال متعددة من المشاهدين المصريين يستمعون لها يوم الخميس من كل اسبوع في مقدمة برنامج اوسكار

الفيلم الذي انتج عام 1968، ومع ذلك لازال يبهر المشاهدين بجودته التقنية الفائقة، يتتبع بأسلوب يمزج الشعر بالخيال رحلة صعود الحضارة على الأرض منذ الانسان البدائي وحتى غزو الفضاء.. ويقدم وجهة نظر خاصة جدا في تفسير الطفرة التي طرأت على انسان العصر الحجري وجعلته يتغلب على المخاطر التي كانت تؤكد انقراضه مثل عشرات السلالات الضعيفة المنقرضة، لولا بزوغ فجر (الذكاء) في عقله فجأة نتيجة احتكاك غير متوقع مع كائنات فضائية.

في الفيلم يتوقع ارثر سي كلارك وستانلي كوبريك ان العالم في المستقبل عام 2001 ( بعد انتاج الفيلم بأكثر من ثلاثين عاما) سيكون في غاية التطور .. وان التقدم خلال هذه الاعوام الثلاثين سيجعل للبشرية مستعمرات على القمر، وسيجعل رحلات الفضاء الى القمر متاحة لعموم البشر وأكثر روتينية من رحلات القطارات، وان رواد الفضاء سيصلون الى كل كواكب المجموعة الشمسية (الحقيقة ان حتى الآن الجرم الفضائي الوحيد الذي وصل له رائد فضاء بشري هو جارنا القريب القمر .. باقي الكواكب نكتفها بالتحديق اليها فقط)

سبب هذه النبوءات المتفائلة ان في وقت انتاج الفيلم 1968 كان برنامج الفضاء الامريكي يشهد أعظم نجاحاته، وكانت ميزانية وكالة ناسا السنوية وحدها تتجاوز 5% من الناتج الاجمالي الكلي للولايات المتحدة (الآن تقل عن نصف في المائة) لأن السباق كان على أشده بين امريكا والاتحاد السوفييتي على الوصول للقمر. لهذا شعر القائمون على الفيلم ان مع القفزات السريعة في الانجازات الفضائية فترة 30 عاما ستكون كافية جدا لانشاء مستعمرات على القمر، وانزال رواد فضاء على جميع كواكب المجموعة الشمسية.

الغريب هو ان هبوط الانسان الحقيقي على سطح القمر تم لأول مرة بعد انتاج الفيلم بعام واحد، وكانت مراحل رحلة ابولو11 متوافقة تماما مع كل ما وصفه كلارك وكوبريك في الفيلم، حتى بدا وكأن الفيلم يتنبأ بالمستقبل ..لدرجة أن أحد هواة نظرية المؤامرة المتأخرين في عام 2002 افترض ان هبوط نيل ارمسترونج نفسه على القمر كان خدعة نفذها كوبريك أثناء تصوير 2001 .. فما الذي حدث؟ ولماذا لم يتطابق الخيال الفني مع سنة 2001 الحقيقية؟

الذي حدث هو ان سرعة برنامج غزو الفضاء (التي كانت على أشدها في الخمسينات والستينات) تناقصت جدا في السبعينات وما تلاها..بل ان الانسان بعد ان وصل للقمر للمرة السادسة في عام 1972 زهد هذا الجرم الفضائي الجميل، واكتفت البشرية بمجموع 12 رجل ساروا على القمر، لان علماء ناسا اكتشفوا الان كل رحلة قادمة للقمر ستكلفهم أكثر من 3 مليار دولار (بأسعار السبعينات) لكنها لن تفيد بأي نتائج علمية جديدة فتوقفوا عن زيارة القمر.

لهذا جاء عام 2001 ورحل، بل ومر بعده عقد كامل من الأعوام، ولازال هذا المستقبل الجميل الذي نسافر فيه الى القمر مثلما نسافر الى المدينة المجاورة لم يأت بعد للأسف ..  لكن النبوءة الأخيرة التي تحققت لصناع هذا الفيلم الرائع هي غزو الصين للفضاء (كان هذا مستبعدا جدا في 1968) بعد وصول المسبار الصيني الأخير الى القمر، فبهذا تحققت نبوءة كوبريك وكلارك، بأن من سيلحق بالامريكان والسوفيت الى الأجرام السماوية هم الصينيين.

 

 

فيلم 1984

سنة الإصدار: الرواية 1949 – الفيلم 1984

سنة الأحداث: 1984

 

 

 

هي بالتأكيد اشهر روايات الخيال العلمي السياسية عبر التاريخ، وخلودها سيستمر لقرون طويلة، لأنها يتم استدعائها دائما في مراحل الحكم الاستبدادي في اي مكان في العالم منذ صدورها في عام 1949، بل ان حياتنا اليومية العادية تحمل مقتطفات كثيرة من 1984 دون ان ندري سنتحدث عنها لاحقا.

الفيلم تم انتاجه في نفس العام الذي تحمله الرواية (1984) ،وكأن القائمين عليه يقومون ببحث مشابه لما نقوم به في هذا الموضوع، محاولين معرفة هل وصل العالم لما تخيلته الرواية ام لا، وقام ببطولته الممثلان البريطانيان الكبيران ريتشارد بيرتون وجون هيرت، وهو مهدى الى روح بيرتون لأنه الفيلم الأخير الذي مثل فيه، وتوفي قبل عرضه التجاري.

في الرواية (والفيلم) يتخيل المؤلف جورج اورويل عالم مستبقلي قمعي يتحكم فيه الاستبداد بشكل مطلق، ويتحول البشر الى مجرد ارقام بلا اي مشاعر في قبضة حاكم مطلق هو "الأخ الأكبر" التي تدعي وسائل اعلامه انه يحبكم ويعرف مصلحتكم أكثر منكم، لهذا فهو يبيح لنفسه مراقبتكم طوال الوقت. وهي رؤية قاتمة من رواية شهيرة أخرى لنفس الكاتب هي "مزرعة الحيوانات"، تتناول نفس المعنى الضمني (الطغاة كاذبون .. لا تتركونهم يحكمونكم) لكن بأسلوب فكاهي شبه طفولي.

الفيلم يتتبع حياة ونستن سميث الموظف الصغير في "وزارة الحقيقة" وهي المعادل الشمولي لوزارة الاعلام، وهي لا تعطي الشعوب اي "حقيقة" بل تزيف كل شيء كما يريد الأخ الأكبر (انسان ذو وجه جامد وشارب كث – يرمز الى الديكتاتور السوفييتي جوزيف ستالين) ، واحيانا تزيف الشيء ونقيضه في نفس الوقت، بل وتزيف الحقائق العلمية والتاريخية نفسها للجمهور المسكين غير الواعي.

سميث يحاول طول الرواية ان يكون انسان متفرد له مشاعره الخاصة وأفكاره الخاصة، بينم النظام القمعي لا يسمح له او لغيره بهذا الترف .. لهذا يظل ينادي طوال الفيلم ضد الأخ الأكبر، كلنه يستسلم في النهاية ويكتشف ان الخيار الوحيد أمامه هو أن يحب الأخ الأكبر كي يستطيع ان يستمر في الحياة بدون ان يفقد عقله.

الفيلم تم انتاجه بموافقة سونيا برونيل، أرملة الكاتب جورج اورويل، والتي اشترطت فقط الا يحوي الفيلم اي خدع بصرية ومؤثرات خاصة كي تحافظ على الصورة القاتمة الكئيبة للمستقبل الذي تخيله زوجها.

تأثير 1984 على حاضرنا الآن كبير، فكل برامج تلفزيون الواقع أو "الريالتي تي في قادمة" من فكرة الأخ الأكبر الذي يراقب كل خلجاتك وسكناتك، بل ان احد النسخ التي أنتجت كان يسمى (الأخ الأكبر) بدون مواربة، وكان صوت معدني غليظ يأمر المتسابقين فيه بمهام غريبة.

ايضا الفكرة السائدة الآن بأن الاعلام يفسد وعي الجماهير عمدا لصالح السلطة الحاكمة، كان ظهورها الاول في 1984، كما رصدت الرواية اختلاف لغة الجمهور عن لغة السياسيين، واختراع شرطة للسيطرة على العقول.

لكن الذي حدث في الحقيقة هو ان الاتحاد السوفييتي خيب آمال اورويل ولم يصمد لنهاية القرن العشرين، فخيال المؤلف اعتمد على معطيات الحرب الباردة في الأربعينات والاستقطاب العالمي الشامل بين قطبين جبارين، وسباق التسلح رهيب. لكن العدو الأكبر السوفييتي لم يكن بهذه القوة، والخطر الشيوعي زال بأسرع مما توقع مفكرو الغرب (ربما حل محله الآن الخطر الاسلامي)

لهذا عندما جاء عام 1984 الحقيقي كان الاتحاد السوفييتي في قمة إنهاكه .. بالون عملاق من الهواء يحتاج شكة دبوس كي ينفجر الى لاشيء. ولم يعد يحكمه شخصيات مخيفة ببدلات عسكرية وشوارب ذكورية كثة مثل ستالين، بل إصلاحيين ضعفاء بحلات أنيقة ومناظير طبية رقيقة مثل جورباتشوف.

لهذا كان تنبؤ الفيلم السياسي خاطئا، ولكن النبوءة تظل صيحة تحذير من الاستسلام لسحر الطاغية ومعسول كلامه المخادع .. ولعلها قابلة للتحقق في 2084

 

فيلم العودة للمستقبل 2

سنة الصدور: 1989

سنة الأحداث: 2015

 

 

من أمتع أفلام الخيال العلمي التي من الممكن أن تشاهدها في حياتك .. والفيلم مزيج رائع من الكوميديا والخيال والإثارة والرومانسية .. صنعه المخرج الكبير روبرت زيميكس (صاحب أفلام فورست جامب، واتصال، والأرنب روجرز، و cast away ) في منتصف الثمانينات .. وتسبب نجاحه التجاري الكبير في ان يلحقه بجزئين آخرين كعادة استوديات هوليوود في استغلال الاعمال الناجحة لزيادة ثرواتهم بمقدار عدة مئات من ملايين الدولارات، فالمشروع اصلا في خطة زيميكس الأولى كان لفيلم واحد بلا توابع.

في الجزء الأول من الفيلم يخترع البروفيسور ايميت براون (عالم غريب الاطوار يشبه اينشتين بشكل مريب، حتى انه يدعو كلبه اينشتاين!)  آلة زمن ناجحة في العام 1985.وبدلا من اتكون آلة الزمن على شكل كابينة هاتف او كرسي حلاق كما هي عادة روايات وأفلام الخيال العلمي، فإن صناع الفيلم يجعلون آلة العودة للمستقبل على هيئة سيارة رياضية!

احداث الجزء الاول تدور اغلبها في الماضي عام 1955 عندما يعود مارتي بالزمن هربا من مجموعة من الارهابيين قتلوا صديقه العالم الى الخمسينات، وطوال الأحداث يحاول العودة لزمنه بمساعدة البروفيسور براون عندما كان شابا في الماضي.

وبعد مفارقات كوميدية كثيرة نسجها الفيلم ببراعة (والدة مارتي ستقع في حبه هو بدلا من والده، صديقه في الخمسينات لن يصدق ان رئيس امريكا في الثمانينات هو الممثل رونالد ريجان الخ) يعود مارتي لزمنه فعلا ويكتشف ان مغامرته قد غيرت الحاضر للأفضل بالنسبة لعائلته كلها.

لكن في المشهد الختامي الخالد يظهر البروفيسور براون من العدم، ويخبر مارتي انه قادم من المستقبل، وان كارثة محققة ستقع لأولاد مارتي لو لو يأتي معه حالا الى المستقبل.وبالفعل يستقل الاثنان وزوجة مارتي المقبلة سيارة الزمن، والتي يكتشف مارتي انها تستطيع الطيران الآن، ويحملهم البروفيسور براون عائدا الى المستقبل.

ومن هذا المشهد الختامي البديع الذي لن ينساه كل من شاهد الفيلم نلتقط طرف الخيط، فالمستقبل الذي يتوجه له الأبطال الثلاثة هو عام 2015.أول ما تلاحظه في هذا المستقبل الذي لم يعد كذلك بالنسبة لنا هو ان كل السيارات تطير، حتى صار هناك قواعد مرورية جديدة كي لا تتلاطم السيارات في السماء.

ايضا من ضمن رؤية صناع الفيلم للمستقبل وجود "سكيت بورد" نفاث يطير هو الآخر، يستعمله مارتي للفرار من عدوه المستمر عبر كل الأزمنة بيف.

الجزء الثاني كان يمثل ثورة هائلة في مجال المؤثرات البصرية والخدع السينمائية،وكانت الثقة في نجاحه مطلقة لدرجة ان الجزء الثالث تم تصويره فور الانتهاء من الجزء الثاني، ولم ينتظر القائمون على الفيلم عرضه التجاري لمعرفة هل سيتقبله الجمهور أم سيفشل.. وبالفعل لم يخيب الفيلم ظن صانعيه ، واستمتع جمهور الثمانينات بمشاهدة مدينة هيل فاللي في العام 2015 (العام القادم) .. فهل هذه المدينة قابلة للتحقق فعلا ؟

أول شيء سنفتقده في عام 2015 هي السيارات الطائرة .. فهذا المشروع لازال حلم مؤجل حتى الآن، كما ان حذاء مارتي كان يربط نفسه اوتوماتيكيا عندما يرتديه .. خاصية لطيفة لكن مصانع الأحذية لم تهتم بها بعد لأن الانسان لم يصل الى هذه الدرجة من الكسل بعد !!

ايضا في هذا المستقبل  (العام القادم) سيتوقف البشر عن استعمال البترول كوقود للسيارات، وبدلا منه سيتم وضع المخلفات و"الزبالة" في خزانات الوقود لكي تدور السيارات بالميثان الناتج عن تحلل القمامة .. وهي فكرة جيدة لكنها لن تبدأ قريبا، والا فستخسر دول كثيرة من عالمنا العربي مصدر دخل مهم.

لكن الغريب ان الفيلم توقع تغير موضات الملابس، وجعل شباب المستقبل يرتدون البنطلونات الجينز "مقلوبة" .. اي الخباطة للخارج بعكس الطبيعي .. في المستقبل تم شيء مشابه عن طريق البنطلونات "الساقطة" !

وبالتأكيد آخر تنبؤ خاطي في النهاية .. هو ان العلماء للأسف لم يستطيعوا بعد اختراع آلة الزمن .. سواء كانت على شكل كابينة هاتف او حتى سيارة رياضية !

 

فيلم 2012

سنة الإصدار: 2009

سنة الأحداث: 2012

 

 

أحد أنجح أفلام الكوارث التي ظهرت في العقد الأول من الألفية الثالثة، والفيلم كله مبني على النبوءة القديمة التي انتشرت بشدة عالميا في السنوات التي سبقت 2012، وهي نبوءة حضارة المايا في امريكا الجنوبية، والتي تؤكد أن العالم كله سينتهي في 21 ديسمبر من عام 2012  .. لاحظوا الدقة !!

ومن غير المعقول ان يكون المايا مخطئين، فلم يعرف عنهم الخطأ في اي شيء بتاتا طوال تاريخهم الطويل .. ربما فقط في تفصيلة تافهة تخص النوايا الحقيقية للفاتح الاسباني هرنان كورتيز والتي تسببت في فناء حضارتهم، لكن بعيدا عن هذه التفصيلة الصغيرة لم يخطيء المايانز في اي شيء مطلقا، هذا ما اثار ذعر العالم من احتمالية دمار كوكب الارض، وجعلت بعض المؤمنين يبيعون أملاكهم ويهيمون على وجوههم في البرية.

وما ان يتحدث احد عن "دمار كوكب الارض" حتى يتحسس رونالد ايميريش عدسته .. فالمخرج الألماني الشهير هو اكثر من دمر كوكب الارض على الشاشة الكبيرة .. وكم الركام الذي تناثر في افلامه السابقة (يوم الاستقلال، اليوم ما بعد الغد، جودزيلا، 10000 قبل الميلاد) يكفي لصنع 5 كواكب جديدة !

ايميريش حاول ان يصنع لنبوءة المايا الدينية الأسطورية خلفية علمية، ففكر في تبرير يقول ان الانفجارات الشمسية سترفع درجة حرارة باطن الأرض بشكل يخلق كوارث جيولوجية وبيئية تغرق معها كل القارات ويموت أغلب البشر، ثم قام بتصوير الفيلم بناء على هذا المزيج بين المايا والعلم الحديث.

الفيلم يقوم ببطولته جون كيوزاك في دور طيار يحاول انقاذ أسرته من الدمار الوشيك، وتساعده الصدف على الفرار من أصعب الظروف بشكل سيثير غيظك.. لكن مشكلة البطل الوحيدة ان الكوكب كله ينهار، فكلما هرب من منطقة الى أخرى يكتشف ان دمار المايا يلاحقه كظله، إلى أن يلجأ لسفينة هي جزء من مشروح "سفينة النوح" التي تحاول به الحكومات العالمية انقاذ ما يمكن انقاذه من سكان العالم.

ومع اعلان احترامنا الكامل للمايا وقدراتهم التنبؤية، فإنه من الواضح أن العالم لم ينتهي في 2012، وان الشمس لازالت تمارس دورها التقليدي بدون أعطال .. ربما كانت ساعة هذه الحضارة البدائية تحتاج فقط إلى إعادة ظبط.

 

 

فيلم ترمينيتور

سنة الإصدار: 1984

سنة الأحداث: 2029

 

 

وهو الفيلم الذي بدأ أسطورة ايقونتين من أكبر ايقونات هوليوود السينمائية وهما (ارنولد شوارزنجر وجيمس كاميرون) والأب الروحي لكل أفلام (الآلي الغاضب) الذي يقتل بلا رأفة ولا هوادة والتي جاءت بعده كي تستغل بعضا من نجاحه.

الفيلم أنتج عام 1984 ، ويحكي عن مستقبل مظلم جدا للبشرية، فالتقدم العلمي كما هو باب للحضارة هو ايضا باب للخراب، وهي رؤية عدد كبير من افلام الخيال العلمي التي تسمى (افلام ما بعد الكارثة)

Post apocalypse movies

وهي  تتوقع ان ولع البشر بالتقدم مع قلة احساسهم بالمسئولية سيتسبب في كارثة محققة للعالم .. هذه الكارثة قد تكون حرب نووية او وباء بيولوجي مكتسح او كارثة بيئية نتيجة العبث بالتوازن الايكولوجي للأرض طوال الوقت .. المهم ان المستقبل قاتم ويجب علينا الاستعداد لحياة ما بعد الكارثة.

هذه الرؤية السوداوية لها ما يبررها بحكم ان اول استعمال للطاقة النووية كان في القتل الجماعي وليس في توليد الكهرباء، وتقريبا كل اكتشاف جديد في العالم يعرض على الجيوش اولا كي تحدد كيف تنوي الاستفادة منه في الدمار  بشكل أكثر كفاءة.

لهذا فصناع فيلم تيرمينيتور يعتبرون أن مستقبلنا كلنا محتوم بـ "يوم الحساب" .. ويوم حسابنا هذا سيكون في الدنيا وليس في الآخرة..  وهو اليوم الذي ستندلع فيه الحرب العالمية الهائلة بين الآلات الذكية وبين البشر .. وتكون الهزيمة المحققة للبشر على يد الروبوتات الجبارة المعروفة بترمينيتور (المبيد او المدمر)

الحرب ستنتهي بهزيمة محققة للبشر في 2029، ولن يتبقى منهم سوى بعض أفراد المقاومة المسلحة يقودهم الفدائي "جون كونور" الذي لا ينوي الاستسلام وقبول الأمر الواقع ويبدو انه يكبد الأعداء خسائر جمة.. لهذا تقرر الآلات استئصال هذا الخطر الأخير من جذوره، وتبعث بترمينيتور  الى الماضي في 1984 كي يقتل أم "جون كونور" قبل أن تلده، وبهذا يتخلصون من هذه المقاومة المزعجة للأبد.

وبعيدا عن ان "معضلة السفر عبر الزمن" و"تأثير الفراشة" ستجعل قتل الأم وعدم وجود "جون كونور" في الحياة سيؤدي الى تداعيات لا يمكن التنبؤ بها أكثر بكثير من مجرد انهيار المقاومة البشرية، فإن البشر ايضا سيلجأون لتكنولوجيا السفر للماضي، ويبعثون بمقاتل بشري هو "كايل ريس" كي ينقذ الأم من الآلي السفاح الذي يشبه الانسان.

الفيلم ممتع جدا على مستوي الإثارة وسرعة الأحداث، ويعرف جاذبيته كل من شاهده لدرجة ان نجاحه جلب على المنتجين 3 أجزاء أخرى تالية .. لكن ما الذي حدث ؟ ولماذا لا يبدو عام 2029 - الذي اقتربنا منه الآن اكثر من زمن انتاج الفيلم- بهذه القتامة ؟

الذي حدث ان علم الروبوتكس (الآليات) لم يتطور بعد الى هذه الدرجة التي تجعل آلي يشبه البشر تماما ويملك درجة عالية من الوعي تمكنه من التصرف بحرية وارتجال ردود فعله حسب الظروف الخارجية .. واكثر ما يستطيع الروبوت فعله الآن هو ان يتحرك ببعض السلاسة ويغير تعبيرات وجهه بشكل لطيف، بينما لازال علم الذكاء الصناعي يحبو حرفيا ولم يتطور بأي شكل يعطي الكائنات غير البشرية اي شكل من الوعي الذاتي.. لهذا يبدو ان زمن طويل يفصلنا عن الروبوت الذي يقطع كرة عينه المتدلية بالموس ويخدع مركز الشرطة بأكمله قبل ان يتمتم بصوت معدني مميز:

 

I'll be back

فيلم ماينوريتي ريبورت (تقرير الأقلية)

سنة الإصدار: 2002

سنة الأحداث: 2050

 

 

 

هو التعاون الأول بين نجمين من أكبر الميجا ستارز في هوليوود وهما توم كروز وستيفن سبيلبرج.. وبعكس ترمينيتور الذي كان محطة الانطلاق للثنائي (شوارزنجر-كاميرون) فإن ماينوريتي ريبورت جاء والثنائي القائم عليه في قمة المجد والشهرة. وخاصة سبيلبيرج الذي بحلول عام صنع الفيلم 2002 كان قد أخرج كم من افلام الخيال العلمي يكفيه لعمر كامل، لهذا قرر سبيلبيرج الا يكون فيلمه الجديد مع توم كروز مجرد فيلم خيال علمي آخر. بل اقرب الى رؤية تنبؤية للمستقبل.

فقبل البدء في الانتاج اجتمع سبيلبيرج مع مئات المختصين في مجالات متعددة لا تقتصر على السينما او العلوم فقط.. بل جلس مع خبراء في الأزياء ليتوقعوا له الموضات المستقبلية للملابس طبقا لتحليل دورات الأذواق واتجاهات الجمهور، ومع مصممي سيارات محترفين ليعرف منهم رؤية شركات السيارات لتطور أشكال المركبات القادمة، ومع خبراء في الدعاية والإعلان ليستشرف منهم الطرق الجديدة التي ستلجأ لها الوكالات الاعلانية في المستقبل لجذب المستهلكين وسط طوفان لا ينتهي من السلع التي تريد لفت انتباهه.

أرأد سبيلبيرج للفيلم (الذي يدور حول دائرة شرطة تستطيع التنبؤ بالجرائم قبل وقوعها والقبض على مرتكبيها قبل تنفيذها)  ان يكون نبوءة علمية فعلا وليس مجرد شطحات من الخيال الجامح، والغريب ان تصميمات السيارات التي ظهرت في الفيلم وكانت غريبة جدا وقتها بدأت تنتشر الآن فعلا، ويعتبرها الناس آخر صيحات الجمال ! .. أيضا التفاعل باللمس مع الكمبيوتر كان  مفهوما جديدا في 2002 ، وكان مشهد توم كروز وهو يحرك كفيه في الهواء طوال الوقت ليستعرض صور على الكمبيوتر غريبا وأثار سخرية بعض نجوم الكوميديا، أما الآن فإن "التاتش سكرين" هي القاعدة لأغلب الأجهزة الحديثة، وغيرها هو الاستثناء.

وبهذا يكون ماينوريتي ريبورت هو الفيلم الوحيد في هذه القائمة الذي استطاع استشراف ما قد يحمله العلم لنا في المستقبل وحقق الهدف الأشمل للخيال والفن عموما.. كل ما نأمله الا يكون نجاح الثنائي سبيلبيرج وكروز كاملا، ولا تظهر لنا شرطة التنبؤ بعد 30 عاما من الآن لتقبض علينا لمجرد النية !

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز