السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

استقلال الإرادة والقرار

استقلال الإرادة والقرار
استقلال الإرادة والقرار
كتب - مصطفى سيف

"أقسم بالله إنْ قرار مصر مستقل 100%"، كلمات نطق بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الجلسة الختامية لمؤتمر "إسأل الرئيس" ليرد على كل المدّعين أن مصر لا تأخذ قرارًا إلا تحت تأثير، ناهيًا الجدل حول هذه المسألة.

ربما لا يعني البعض إن كان قرار مصر مستقلًا أم لا!، إلا أنَّه يعني مصر كدولة لها تاريخ وحضارة تتخطى السبعة آلاف عام، ويعني القائمين على الحكم بها، خاصة في منطقة صارت مشتعلة أكثر مما كانت عليه منذ زمنٍ ليس بالبعيد.

لم يكن مصطلح الثورة يتردد إلا في أواخر 2010، حتى أنَّ البعض اتهم الداعين لها بـ"الجنون"؛ ولكن المطالب كانت مشروعة "عيش حرية عدالة اجتماعية"، أيًّا كان ما تحقق حتى لو كان بعضه فالثورة سارت في طريقها.

تأزمت فترة من الزمنِ ثم اندلعت مرة أخرى في 2013، ضد "جماعة" أرادت أن تقبض على مقاليد الحكم في يديها تحت مسمى "الأهل والعشيرة"، وراحت تعيث في أرض مصر فسادًا "له أول وليس له آخر" كما قالها الراحل العظيم محمد حسنين هيكل.

خرج المصريون لإنقاذ وطنهم، وأعطوا تفويضًا للرئيس السيسي كي يكافح الإرهاب، ومكافحة الإرهاب تتطلب أسلحة تخرج من باب الاحتكار إلى باب التنويع، وهو ما فعله الرئيس بعد مطالبة الشعب له للترشُّح للرئاسة، والفوز بها باكتساح.

على طريق الثورة، ستجد أنَّ هناك تنويع مصادر السلاح، ما دعّم فكرة رفض مصر لاحتكار أي جهة له، ثم تنويع مصادر الطاقة، ما أثمر عنه الوفرة في المعروض من الطاقة داخل الدولة، ثم القرار السياسي والتحوُّل الذي حدث له خصيصًا بعد 30 يونيو، والذي كان بدأ التمهيد له منذ ثورة 25 يناير بخروج المتظاهرين إلى الشوارع.

تنويع مصادر السلاح

منذ أن اعتلى الرئيس السيسي سُدة الحكم، وهو يعلم حجم المخاطر التي تحيط بمصر في منطقة ليس بها أي استقرار، فالحدود الجنوبية مشتعلة، والحدود الغربية على شفا حفرةٍ من النار، لذلك الاتجاه لتنويع مصادر السلاح كان أمرًا حتميًّا وضروريًّا.

وأدى تنوُّع مصادر السلاح في مصر إلى زيادة قوة الردع المصرية، خاصة لأن ذلك أدى لتقليص الفجوة في التفوق التكنولوجي بيننا وبين العدو الإسرائيلي، علاوة على تقليل كمية احتمالات الضغوط التي تمارس على مصر، وتعزيز قواعد الصمود لدى الدولة المصرية في بؤرة صراع متأججة للغاية.

بعد أيضًا تنويع مصادر السلاح بين أمريكا، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، والهند، فإن مصر صار لديها درعٌ وسيفٌ، ما أدى إلى أن الدولة المصرية صارت يدها طولى تصل إلى أي مكان في العالم، والدليل على ذلك، هو ضرب مصر للمواقع الإرهابية في ليبيا ردًا على إعدام تنظيم "داعش" الإرهابي لـ21 مصريًّا "مسيحي الديانة" في مصراتة.

يجب على الجميع أنْ يعي أن استيراد مصر لعدد كبير من السلاح في الفترة الأخيرة وخاصة التي تلت 30 يونيو، لأن المنطقة التي تقع فيها لا يمكن معها الأمان إلا بالاعتماد على النفس، اعتمادًا كليًّا، لأن "مصر لو ضعفت لأُكلت".

إلى جانب آخر سلاح بحرية دخل الجيش المصري فرقاطة "الفاتح" التي تسلمتها مصر من فرنسا، دخل الجيش المصري أسلحة حديثة الطراز، وعالية الإمكانيات، وهي تُعَّد أول فرقاطة شبحية بمنطقة الشرق الأوسط.

"الفاتح" إلى جانب سلاح الجو طائرتين متعددة المهام من مقاتلات "الجيل الرابع بلاس" طراز "رافال"، علاوة على حاملتي المروحيات من طراز "ميسترال" تحمل إحداها اسم "جمال عبد الناصر" والأخرى " أنور السادات" إضافة إلى الفرقاطة "فريم" المضادة للغواصات والسفن والطائرات والتي يوجد بها مهبط للمروحيات وصواريخ أرض جو وأخرى مضادة للسفن.

تنويع مصادر الطاقة

استراتيجية 2030 التي أعلن عنها الرئيس السيسي، كانت أحد أهم بنودها هو تنويع مصادر الطاقة، بما يلبي احتياجات مصر منها، فلا تحتاج لاستيراد أي من المواد البترولية التي تساهم في تشغيل الكهرباء، أو في غيرها، علاوة على فكرة الاعتماد على فكرة الطاقة الشمسية.

وبحلول عام 2030 يكون قطاع الطاقة قادرًا على تلبية كافة متطلبات التنمية الوطنية المستدامة من موارد الطاقة وتعظيم الاستفادة الكفء من مصادرها المتنوعة (تقليدية ومتجدّدة).

وبحسب الاستراتيجية التي أعلن عنها "السيسي" فإن فاتورة دعم الطاقة تمثل عبئًا على الاقتصاد المصري، خاصة وأنَّ الدولة تدعم هذا القطاع بما يبلغ 120 مليار جنيه في 2013، و126 مليار جنيه في 2014، إلا أنَّه بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية انخفض قيمة دعم المواد البترولية لـ100 مليار جنيه.

بدأ تنويع مصادر الطاقة بإعلان افتتاح أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية في الصعيد بقرية بنبان بمركز دراو في أسوان، والذى يضم 40 محطة شمسية ستنتج  2000 ميجاوات بما يعادل 90% للطاقة المنتجة من السد العالى لتدعم الشبكة القومية الموحدة للكهرباء.

ويهدف تنويع مصادر الطاقة إلى اشباع احتياجات المواطن من الطاقة، علاوة على توفير طاقة تسهم في توسيع الاستثمار، وحتى تضمن أمن الطاقة بها، وأن يكون بها مزيجًا يفي باحتياجات المواطنين وتحقيق التنمية.

السياسة واستقلال القرار

في مجال السياسة لا تخضع مصر لأحدٍ أبدًا، و"مصر قرارها من دماغها" حسبما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في إحدى مؤتمراته الأخيرة، واندلعت ثورة 25 يناير خصيصًا نظرًا لوجود اتهامات للنظام بأنّه "تابع" للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي كان يثير غضب البعض بشدة.

ولكن بعد ذلك، وتحديدًا بعد 30 يونيو صار قرار مصر سياسيًّا مستقلًا، من رأسها لا من رأس أحد، وظهر ذلك جليًّا من خلال رفض مصر لإدخال قوات برية إلى اليمن، وترشح مصر لترأس منظمة التربية والثقافة بالأمم المتحدة (اليونسكو)، وخسرت المعركة بشرف بسبب المنافسة غير النزيهة من "دويلة" قطر.

وشهد عام 2017 انتصارات سياسة عدة لمصر، ولعّل أبرزهم هو نجاح مصر في إنهاء الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، والبدء فعليًّا في تنفيذ بنودها خصوصًا بعد الفشل الذي مُنيّت به مصالحة 2011.

إضافة إلى دخول مصر إلى الملف الليبي والعراقي بقوة، وكل هذا أيضًا تكليل لنجاح مصر في مكافحة الإرهاب، لذلك سيظل قرار مصر مستقلًا مهما حقد الحاقدون.

 

تم نسخ الرابط