دور كرة القدم في خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر
كتب - شريف كمال
الجماهير هتفت للطيران في مباراته ضد غزل المحلة بعد الضربة الجوية
على مدار تاريخ الوطن لم تغب شمس كرة القدم المصرية، ورجالها، عن خدمة البلاد، حتى في أصعب الظروف، وفي أوقات الحروب وترحالات استعادة الأراضي المغتصبة.
سجل عدد من لاعبي كرة القدم المصرية أسماءهم بحروف من نور بعد أن استبدلوا حذاء "الفوتبول" بالبيادة العسكرية، وشاركوا في حرب السادس من أكتوبر أمام العدو الصهيوني، ليسددوا رمايتهم في شباك العدو ويصيبوه في مقتل.
فعندما كان لاعبو الكرة المصرية المنضمون للجيش الوطني يمارسون دورهم في اعداد العدة وتدريبات القتال على الجبهة، كان مسؤولي اللعبة بقيادة محمد أحمد رئيس الاتحاد، وسكرتير الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، يمارسون خداعًا استراتيجيًا للعدو، إذ تقرر عودة الدوري الممتاز بعد إيقاف دام 4 سنوات متتالية منذ نكسة 1967، وتصدرت صفحات الرياضة في الصحف المصرية، للإعلان عن عودة الممارسة طوال عامين قبل اليوم الموعود.
وعندما كان أبطال مصر من جنود وضباط القوات المسلحة يعبرون قناة السويس ليرفعون العلم المصري بعد عبور خط بارليف، كان ملعب نادي الترسانة، يستقبل مباراة بالدوري بين فريقي غزل المحلة والطيران، لتكتمل خطة الخداع الرياضية لجيش العدو.
كان اللقاء يسير بشكل طبيعي حتى لاحظ لاعبو المحلة أن جماهيرهم يهتفون لفريق الطيران ولاعبيه دون سبب يُذكر خلال الشوط الأول، الأمر الذي لفت أنظار الجميع، حيث تخلى جماهير غزل المحلة القوية، عن فريقها ورددوا هتاف "الطيران الطيران"، فور علمهم بالعبور، تمجيدًا لما فعله ذاك السلاح في ساحة المعركة.
وبين شوطي اللقاء لم يتحدث لاعبو الفريقين عما سيفعلونه في الشوط الثاني، واتفق حكم المباراة إبراهيم الجويني مع لاعبي الفريقين على استكمال المباراة احتراماً للحضور من الجماهير، وأدى الفريقان الشوط الثاني بشكل ودي وانتهى اللقاء بالتعادل السلبي بدون أهداف، لتهتف الجماهير الحاضرة في المدرجات للفريقين.
أما على الجبهة،، فيظهر مشهد خداع أخر تجسده كرة القدم، عندما يمرر المجند في السرية "608 إشارة" شورى حمدون، الكرة للمقدم محمود الجوهرى، قائده بالسرية، لاعب الأهلي حينذآك ومدربه بجانب الزمالك ومنتخب مصر فيما بعد، في مباراة معتادة لإيهام العدو بحالة استرخاء مصطنعة لقوات الجيش الوطني.
وبالعودة لليوم السابق للعبور وتحديدًا في الخامس مز اكتوبر، سارت الصحف المصرية على نفس الدرب في خطة خداع العدو وظهرت الصحف وهي تفرد مساحات
أكبر لصفحات الرياضة وذكر تفاصيل أكثر عن المباريات.
وبدأ الاهتمام بالنجم الجديد حينها حسن شحاتة الذي لعب أول مباراة في تاريخه بالدوري مع الزمالك في 5 أكتوبر 1973، فيما أبرزوا أيضا رغبة المصري البورسعيدي في استقدام مدرب إنجليزي يبدو أنه مازال يبحث عن الطريق إلى مصر حتى الآن.
ليختفي كل ذلك الاهتمام في اليوم التالي للمباراة ولم يهتم أحد بذكر حتى نتيجة المباراة باستثناء جريدة المساء التي ذكرت نتيجة المباراة فقط في فقرة صغيرة، فوقت الخداع قد انتهى وحان وقت الوقوف بجانب أبنائنا على الحدود.



