عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

المحرومون من الوقاية

فى الوقت الذى تتضافر فيه الجهود الدولية للحد من انتشار وباء كورونا، يواصل الفيروس الانتشار السريع مكتسحًا كل قارات الكرة الأرضية، وغزو معظم ما فيها من دول ومناطق وجزر، متسببًا فى إصابات تجاوزت 400 ألف مصاب.   



 

وبعد مرور ما يزيد على 100 يوم على اكتشاف أول إصابة بالفيروس فى الصين، لا يزال العالم عاجزًا عن إيجاد علاج ومصل واق للمرض الذى هز عرش أقوى دول العالم، وباتت الوقاية هى السلاح الوحيد لمواجهة الوباء، إلا أن أكثر من ثلث سكان العالم يفتقرون إلى أبسط أدوات الحماية بداية من المياه والصابون ومطهرات الأيدى وحتى الإبعاد الاجتماعى والعزل الذاتى، فهناك ما يزيد على 3 مليارات شخص يعيشون فى شرق إفريقيا وبعض دول آسيا ومخيمات اللاجئين والعشوائيات.

 

المحرومون من المياه

 

تؤكد منظمة الصحة العالمية أن أفضل حماية ضد الفيروسات والأمراض المعدية الأخرى هى غسل اليدين بشكل متكرر، ورغم أن الأمر فى غاية البساطة إلا أنه لا يزال ملايين الأفارقة يفتقرون إلى المياه الجارية، واستنادًا إلى أكثر من 45800 مقابلة أجرتها Afrobarometer التى يديرها شبكة من الباحثين الأفارقة وجها لوجه فى 34 دولة إفريقية وجد أن غالبية الأفارقة يرون أن حكوماتهم فشلت فى توفير المياه النظيفة أبسط طرق الوقاية من فيروس كورونا ويضطر أكثر من نصف الأفارقة (52 %) إلى الخروج من بيوتهم للحصول على المياه.

 

فوفقًا للاستطلاع هناك ثمانية من أصل 10 مواطنين فى أوغندا (87 %) والنيجر (84 %) وملاوى (82 %) وتنزانيا (81 %) من هؤلاء الذين يعيشون فى المناطق المحرومة من المياه يلجأون إلى موارد المياه غير الآمنة وتخزين المياه داخل البيت ما يزيد من خطر تلوث المياه المنزلية وحوادث الملاريا وحمى الضنك التى تنتشر عن طريق البعوض، بالإضافة إلى أنها تساهم بشكل مباشر وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة المياه بما فى ذلك حمى التيفويد والكوليرا والدوسنتاريا والتراخوما والطاعون والتيفوس. وتعانى دول جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا من أنظمة صحة هشة غير قادرة على مكافحة الأمراض والأوبئة وتستهلك لمعالجة الأمراض الناتحة عن نقص الماء وتلوثها حوالى 12 ٪ من ميزانية الصحة، فمثلا موزمبيق التى تعد واحدة من أفقر دول العالم والتى لم تسجل أى حالة من COVID-19 حتى الآن سيكون الوضع كارثيًا لعدة أسباب رغم محاولات مسؤولى الصحة زيادة المراقبة والعمل على تحسين المستشفيات بعد أن ضرب الفيروس غالبية دول القارة، ومن بينها جنوب إفريقيا الدولة المجاورة التى تأكد فيها وجود عشرات الحالات الإيجابية.

 

سوء التعذية

 

ويعانى العديد من سكان موزمبيق من سوء التغذية وهم بالتالى أقل مناعة وعرضة للإصابة بفيروس كورونا فوفقاً لليونيسيف هناك 1.6 مليون شخص ليس لديهم ما يكفى من الطعام بالإضافة إلى أن موزمبيق تعد أعلى معدلات سوء التغذية المزمن فى العالم، حيث يصاب 43 ٪ من الأطفال دون سن الخامسة بسوء التغذية.

 

وفى مالاوى تم اتخاذ إجراءات على المسافرين والوافدين والحد من التجمعات الكبيرة أكثر من 100 شخص ووقف الدراسة لكن لم يتم اتخاذ أى إجراءات احترازية صحية ولا يوجد أى استعداد طبى، رغم أنها لم تسجل أى حالة إيجابية من الفيروس التاجى، لكن النظام الصحى فى حالة فساد، بالإضافة إلى الوضع السياسى المضطرب الذى من الممكن يترك البلاد لكابوس حقيقى إذا وصل الفيروس.

 

أما فى ليسوتو فالوضع يختلف حيث اتخذت الحكومة كل الاحتياطات اللازمة بمجرد بدء ظهور كورونا فى إفريقيا وأغلقت حدودها مع جنوب إفريقيا وأعلنت الطوارئ وأغلقت المدارس والمحال التجارية، وحجز كل المسافرين القادمين لمدة 14 يومًا عند الوصول حتى دون اشتباه بسبب عدم قدرة الدولة على اختبار الفيروس حيث لا يوجد لديها أى نوع من الكواشف لمنع انتشار الفيروس.

 

مخيمات اللاجئين

 

العزل الاجتماعى رفاهية لا يمتلكها سكان المخيمات الخاصة بالاجئين التى تعد أكثر المناطق المحرومة من الوقاية ويسكنها أكثر من 25 مليون لاجئ و40 مليون نازح، وقد يتسبب ظهور فيروس كورونا فى هذه المناطق فى كارثة جماعية قد تصل إلى حد الإبادة بسبب عدم وجود مرافق لغسل اليدين ولا مطهرات للأيدى والاكتظاظ وقرب المسافة بين الأشخاص.

 

أوضاع اللاجئين، دفعت العديد من الدول إلى التحرك، فى شمال شرق نيجيريا ومنع الزائرين من دخول المخيمات التى تأوى عشرات الآلاف من النازحين بسبب تمرد بوكو حرام فى محاولة لمنع انتشار كورونا بعد أن أعلنت نيجريا أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان عن أول حالة.

 

وتركز وزارة الصحة الفلسطينية على برنامج عزل قوى لمنع وصول الفيروس إلى مليونى شخص يقيمون فى ثمانية مخيمات للاجئين خاصة أنها لا تملك العدد الكافى من المعدات لفحص جميع الوافدين، لذا فإن أى شخص يعود من الخارج فى هذه الفترة ومعظمهم من المرضى الذين كانوا يبحثون عن علاج طبى غير مرتبط بالفيروس فى إسرائيل أو أى دولة عربية مجاورة يخضع للحجر الصحى لمدة أسبوعين داخل العيادات والمدارس والفنادق المحولة إلى حجر صحى كمحاولة لحماية غزة غير المؤهلة لمحاصرة الفيروس والتى تعانى من انقطاع التيار الكهربائى يوميًا ومياه الشرب غير الآمنة، كما لا يوجد بها سوى 60 سريرًا للعناية المركزة، 70 % منها قيد الاستخدام.

 

ورغم قيام المسؤولين ببناء مستشفى ميدانى طارئ يضم 38 سريرًا، لكن الجهود المبذولة لجلب الإمدادات تتعثر بسبب إغلاق الحدود، ويستغرق مسار الإمداد العادى لمنظمة الصحة يومين من دبى عبر الأردن وأسبوعين للوصول لغزة، فضلا عن أن إمداد المعدات الحيوية خاصة أجهزة التنفس يعوقه انهيار سلاسل التوريد العالمية.

 

 

العزل الاجتماعى

 

وتشكل عدة أماكن خطرًا كبيرًا وبيئة خصبة لتحور الفيروس منها مخيم النابدون فى أطراف مقديشو الذى يستضيف حوالى 3 آلاف عائلة، نزحت مؤخرًا من منطقة شبيلى السفلى فى الصومال بعد اشتداد القتال والغارات الجوية الأمريكية وفق ما نشره ناشطون فى المجال الإنسانى والذين أكدوا أنه من المستحيل وقف انتشار الفيروس لصعوبة توفير الاحتياطات الصحية واستحالة تطبيق العزل الاجتماعى، فقلة الذين يستطيعون شراء الصابون والماء نادر.

 

ووفقا لمسؤولى الإغاثة الإنسانية ربما تكون سوريا التى مزقتها الحرب أكبر مصدر للقلق، لا سيما شمال غرب البلاد، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار إلا أن هناك ما يقرب من 4 ملايين شخص معظمهم من النازحين محاصرون فى قطعة أرض على طول الحدود التركية. وفى محاولة لإنقاذ البشرية، تستعد الأمم المتحدة لإصدار نداء تمويلى كبير لأكثر من 1.5 مليار دولار من أجل مواجهة تفشى فيروس كورونا الجديد فى المناطق التى تعانى من أسوأ الأزمات الإنسانية فى العالم بما فى ذلك غزة وميانمار وسوريا وجنوب السودان واليمن.

 

 

العشوائيات ومدن الصفيح

 

فى خضم حالة الطوارئ الناجمة عن فيروس كورونا، لا يستطيع الملايين الذين يعيشون فى مدن الصفيح اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد Covid-19 والتى تنتشر بشكل كبير فى دول أمريكا اللاتينية وجزر البهاما والفلبين حيث إنه لا يتم نشر أى علامات لإبلاغ الأفراد عن الفيروس وكيفية حماية أنفسهم بالإضافة إلى أن بعض السكان غير مدركين للوباء العالمى، فى حين احتفظ البعض بمعلومات غير دقيقة أو غير كافية، فضلا على أن مصادر المياه محدودة، حيث يعتمد السكان على الآبار أو المضخات اليدوية.

 

 وفقًا لتقرير New Providence Shantytown الصادر عن الحكومة فى جزر البهاما يعيش أكثر من 1400 شخص فى مدن الصفيح فى الجزيرة الرئيسية فى البلاد وأكثر من 400 أسرة فى أماكن مختلفة، وهذا العدد زاد بعد أن تسبب إعصار دوريان فى نزوح مئات المهاجرين الهايتيين فى أباكو.

 

الفلبين بها عدد كبير من مدن الصفيح، وتبذل المجالس المحلية والكنائس والمجموعات المدنية والمواطنون العاديون جهودًا لمنع تسلل كورونا داخل العشوائيات ومدن الصفيح، وتتبرع الشركات بالأغذية واللوازم البسيطة للحماية السطحية، حيث دعا الفلبينيون الأثرياء إلى التبرع للباعة الجائلين الذين لم يعودوا قادرين على بيع بضاعتهم وفتحت المطاعم وبعض الكنائس والمدارس الكاثوليكية أبوابها للمشردين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز