بين الشيخ والدكتور!

أسفت كثيراً لما وصل إليه مستوى السجال الذي دار مؤخراً بين الشيخ الجليل الدكتور علي جمعة مفتي مصر سابقاً وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والخبير الأثري العالمي الدكتور زاهي حواس، والذي تابعه الناس بدهشة كبيرة، لا شك غلفتها مرارة أكبر.

ولغير المتابع للأمر أذكر أن الأمر يتعلق ببرنامج تليفزيوني قال فيه الشيخ علي جمعة معلومات عن أبي الهول وغيره من الآثار الفرعونية، ورأي فيها الدكتور زاهي حواس تعارضاً مع المعلومات الموثقة المعروفة للمتخصصين في الأمر.

فكان أن أصدر الدكتور حواس بياناً في هذا الشأن، سرعان ما رد عليه الشيخ علي جمعة، ثم رد الدكتور زاهي بعد ساعات قليلة، وتبع ذلك بمقال في صحيفة المصري اليوم، وربما يكون الشيخ علي جمعة قد تناول الأمر هو الآخر في بعض وسائل الإعلام وإن لم يتيسر لي متابعته.

غير أنني أود توضيح عدة ملاحظات سريعة في هذا الخصوص، علي النحو التالي:

• لا أعترض مُطلقاً علي سجال يطرح الرأي والرأي الآخر، ويناقش من الأمور ما هو مختلف عليه، او حتى ما هو مُتفق عليه، لكن الأمر هنا يتعلق بمحتوى السجال الذي رأيته لا يليق بالقدر الكبير الذي يتمتع به أطرافه لدى الضمير الجمعي للمجتمع المصري، بل وفي الخارج أيضاً. وهنا لا أحب إعادة نشر تلك الكلمات التي تبارز بها الطرفان، حتى لا أُسيء لهما معاً..

• ليس جديداً أن نؤكد علي أهمية التخصص، واحترام ما توصل إليه العلم. ولا يعني هذا عدم مناقشته؛ وإنما تتم مناقشته بأصول علمية، لا بأقوال متناثرة من غير المتخصصين مهما ذاع صيتهم وطالت قاماتهم.

• مواجهة المُخطئ، من وجهة نظرنا، وإنصافنا للعلم والحقائق الثابتة، وغيرتنا علي تخصصاتنا، كل ذلك لا ينبغي أن يُنسينا قدر الناس عندما نختلف معهم، لما يمثلونه من قيم اجتماعية أخلاقية؛ ومن ثم إبراز الحقائق لا يصح أن يكون علي حساب التقليل من شأن المُخطئ، خاصة وأنه في تخصصه علامة بارزة لا يمكن إنكارها؛ وإنما لكل جواد كبوة لا تُبيح ذبحه والتنكيل به.

• الشيخ الجليل والخبير العالمي، يمثلان الكثير في حجم القوة الناعمة للدولة المصرية، نفتخر بهما، ونسعد بتلقي العلم علي أياديهما، كل في تخصصه، ومن ثم فليس الخاسر إلا النموذج الذي ينبغي أن يُقدمه أمثالهما للغير من العامة.