عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الجيش المصرى وجلاء الإنجليز والإخوان

الجيش المصرى وجلاء الإنجليز والإخوان

يأتى شهر يونيو ليحمل لنا جلاء قوى غاشمة استنزفت مقدرات شعب مصر وتربصت بجيشها بكل خسة وندالة، ارتبط الجلاء الأول بثورة يوليو 52 عندما ظلت بريطانيا دولة الاحتلال على مدار 70 عامًا رابضة لا تريد التحرك من أراضينا رغم خروج الملك فاروق الذي كانوا يستندون فى تواجدهم عليه بأنهم يقومون بحماية عرشه ودعمه فى وجه القوى الأخرى التي تطمع فى مصر، ولكن على مدار أربع سنوات ومنذ قيام الثورة وهى تحيك المؤامرات لإحباطها ورجوع الوضع فى البلاد إلى ما كانت عليه حتى جاءت ساعة لا يجوز تحملهم وأيضًا الإرادة التي ولدتها الثورة لدى شباب العسكريين الذين قاموا بها وأيدهم الشعب وساندهم، من هنا حصل زعيم الثورة عبدالناصر على تأييد شعبى لإجلاء القوى المحتلة وتأميم ممتلكاتنا وكانت البداية قناة السويس، ورغم المكائد التي دبرتها بريطانيا لعدم الخروج من مصر فإن الشعب تضامن مع جيشه وكان 18 يونيو 56 هو إجلاء لآخر جندى بريطانى تم ترحيله من قاعدة بورسعيد البحرية إلى غير رجعة.



 

وليعود الزمن بعد 57 عامًا من هذا الإجلاء ليكون هناك إجلاء آخر ارتبط أيضًا بثورة عظيمة هبّ لها الشعب متقد حماسًا ينادى على جيشه ليخلصهم من حكم (المرشد الإخوانى) الذي مكث عامًا فقط فى السلطة، إلا أنه احتل مكانًا فى الأمة المصرية متدثرًا بغطاء دينى مزيف ظل يناور على مدار 85 عامًا على الساحة السياسية ويشبث أنيابه طامعًا فى السلطة معلنًا فاشيته وديكتاتوريته غارسًا أسنانه فى جسد الوطن للعبث بحدوده وأمنه والانحراف بهويته منقضًا على حضارة عريقة يريد طمسها لينشر مشروعه الذي يداعب خيالهم المريض ويطلقون عليه (الخلافة الأممية).

 

عند ذلك خرج الشعب عن بكرة أبيه صارخًا بأعلى الصوت مناديًا على جيشه الذي يثق فيه ولا يرى بديلاً عنه لحمايته وليأتى على رأس الجيش الزعيم عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع وقتذاك ليمد يده آخذًا بيد الشعب المصري الذي كان فى حاجة لمن يحنو عليه ويؤيد ثورته فى 30 يونيو 2013 معلنًا رفضه التام لحكم الإخوان الضال، وليأتى جلاء هذا التيار المتأسلم فى 3 يوليو 2013 من منصة حكم مصر الأبية على الاحتلال بكل صوره وأنواعه وتعلن خريطة طريق ورئيس مؤقت من صفوف الشعب آتيًا من شرعية مدعومة دستوريًا.

 

ولكن المفارقة التاريخية فى مشاهد الجلاء السابقة  أنها تأتى من جماعة أنشأتها ودعمتها قوى احتلال لتجعل منها شوكة فى حلق وطنها التي من المفروض أن تنتمى له بغريزة الولاء والانتماء، إلا أنها جماعة رضعت لبن الخيانة ونكران الوطن فكانت عدوًا داخليًا دائمًا ينخر فى جسد مصر ويعيث الفساد والإرهاب والاقتتال والاستقطاب والاحتقان لكى تعيش على أنقاض وجثث أهالى كانوا فى يوم ما أهلهم لينزعوا أنفسهم من السياق المجتمعى ويعلنوا أنهم عشيرة مختلفة ويمنحوا أنفسهم حق المظلمة المطوية على حقد وغل على الشعب والجيش.

 

ومع أن الشواهد كثر وسبق أن كتبنا عنها مرارًا وتكرارًا كيف كانت تلك الجماعة الإخوانية أداة الهدم فى يد كل عدو متربص لبلدنا، ولكن عندما تذكر الجماعة نفسها وعبر أدبياتها على صفحاتها على النت عن العلاقة الشائنة بينها وبين قوى خارجية لتثبت بالوثائق مما لا يدع مجالاً للشك فى العمالة والخيانة الخسيسة، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد فى سيرة مرشدها الرابع والذي يدعى (محمد حامد أبوالنصر) والذي كان من الأعيان ولم يكمل تعليمة فاستقطبته الجماعة ليشارك فى تمويلهم بعد أن لقطت حبه للرئاسة والزعامة خاصة أنه من منفلوط بأسيوط، وفى سيرة «أبوالنصر» تحت عنوان «شهادة على علاقة الإخوان بالإنجليز» والتي تقول بالنص: « ورد عن الأستاذ «محمد أبوالنصر» قوله: أنه فى أوائل الأربعينيات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية طلب منى وكيل بنك باركليز فرع منفلوط دفع مبلغ من المال كتبرع للجندى المجهول أسوة بالأعيان وأصحاب الرتب وكبار التجار، فرفضت أن أدفع مليمًا واحدًا فى مشروع أو عمل تقوم عليه الحكومة البريطانية، فسألنى: لماذا ؟ قلت له إن إنجلترا وفرنسا كانتا قد وعدتنا فى لجنة مشتركة بالجلاء عن سوريا ولبنان بعد انتهاء الحرب، ولم تفيا بوعديهما، كما أنهما لم تستجبا لطلب رفعة النحاس باشا، رئيس الحكومة فى هذا الشأن، فقال لى وكيل البنك هذا الكلام خطير ولا داعى لذكره، فقلت نعم إنه كلام خطير، وبعد أسبوع من هذا الحديث فوجئت بزيارة ضابط مخابرات إنجليزى يدعى (باتريك) ومعه مراسل الأهرام بأسيوط كمترجم، وبعد أن شربنا القهوة سألنى الضابط: هل لكم رأى معين فى السياسة التي تنتهجها الحكومة البريطانية فى الشرق الأوسط؟ فقلت له: إن هناك موقفًا يمكن لبريطانيا أن تستغله لإثبات حسن نواياها وصدق وعودها وهو أن تقوم بالضغط على حكومة فرنسا للجلاء عن سوريا ولبنان فورًا ثم سألنى: هل هناك من يرى رأيكم من الإخوان؟ فقلت له: إن جمهور مائة شعبة للإخوان بأسيوط تطلب تحقيق هذا المطلب، وبعد أسبوع اتصل بى لتحديد ميعاد مع الإمام حسن البنا وعلمت أن الوزير البريطانى المسؤول عن الشرق الأوسط ومعه سفير بريطانيا فى مصر زارا المركز العام للإخوان بالقاهرة وتقابلا مع البنا وقدما له معونة مالية كبيرة وقدما مساهمة مالية أخرى لجمعية الإخوان.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز