عاجل
الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أين الحكمة يا دكتور مبروك؟

أين الحكمة يا دكتور مبروك؟

لم يعجبني انفعال الدكتور مبروك عطية، وتطاوله على المهندس صبري صدومة، صاحب فيديو إلقاء الأموال من شرفة منزله على المارة في الشارع بمنطقة أوسيم بالجيزة، واصفًا ما يفعله بـ"السفاهة"، وتكرار قوله له: "اسمع يا ابني اسمع يا ولد" وهو أكبر منه سنا، ولا يصح لعالم الدين أو الداعية الإسلامي عموما أن يكون هذا هو أسلوب خطابه مع الكبير أو الصغير.. سرا أو علانية، لأنه بهذا الأسلوب يجافي تماما الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، المنصوص عليها صراحة في قوله تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (125/ سورة النحل).



 

أضاف الدكتور مبروك، خلال هذا اللقاء مع الإعلامي شريف عامر، في برنامج "يحدث في مصر" المذاع على قناة "إم بي سي مصر": إن معنى صدقة العلن أن يتوجه الغني إلى بيت الفقير ويتصدق عليه أمام الناس، (يعني تديله بإيد أم اللي جابوك)، وليس بإلقاء النقود من شرفة منزلك.

 

بالله عليكم هل يصح من عالم أن تصدر عنه مثل هذه الألفاظ أو تلك العبارات، في لقاء تليفزيوني يشاهده ملايين الناس، ولماذا هذا التعالي على خلق الله والتقليل من شأنهم؟

 

وتابع مبروك عطية: "ما يفعله هذا المهندس أو غيره هو الدرجة الثالثة من درجات السفاهة وليس له أي علاقة بالصدقة ولا الزكاة" مضيفًا بانفعال وعصبية بالغين: "إنك ترمي الفلوس في الشارع، فلازم يتقبض عليك ويتعين عليك وصي وتمنع من التصرف في مالك".

 

 ثم يوجه الدكتور مبروك للمهندس صدومة سؤالا سخيفا: "قولي يا وله انت إخوان ولا صوفي؟". ولا أدري ما علاقة هذا التصنيف بما يقوله أو يفعله الرجل الطيب دمس الخلق المهندس صدومة، الذي قابل الانفعال والتطاول بكل هدوء وابتسامة لم تفارقه وكانت بادية على وجهه السمح رغم ارتدائه "الماسك"، واكتفى بقوله للدكتور مبروك حين احتد عليه وتطاول فيما يشبه تعمد الإهانة: "انت محتاج تنمية بشرية"، وفي موضع آخر قال له: "هقول لك كلمة هتفهمها (سلامًا) فاهمها ولا أقولك الآية" وهو يقصد آية سورة الفرقان: "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63) ".

 

وإني أسأل الدكتور مبروك: أين أنت من قوله تعالى في سورة آل عمران آية ١٥٩ "فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ."

 

ومن قبيل الذكرى التي تنفع المؤمنين، أرجو أن يرجع فضيلة الدكتور إلى تفسير هذه الآية في كل كتب التفاسير التي لديه، ولعله يقرأ ما قاله السعدي في تفسيره- ولا أدري إذا كانت الصفحة على اليمين أو على الشمال- التي قال فيها: (برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك. "ولو كنت فظا" أي: سيئ الخلق "غليظ القلب" أي: قاسيه، "لانفضوا من حولك" لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ. فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟! أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم، من اللين وحسن الخلق والتأليف، امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله؟

 

وأخيرا.. أقول للمهندس صدومة المحترم، بعيدًا عن أي حكم فقهي يتعلق بواقعة إلقاء الأموال من شرفة المنزل: "حقك على راسي".

 

[email protected]

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز