عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية اللغة السواحيلية في شرق إفريقيا

اللغة في الساحل الشرقي لإفريقيا
اللغة في الساحل الشرقي لإفريقيا

ترجع أهمية اللغة السواحيلية كلغة إفريقية، إلى أنها أهم لغات شرق إفريقيا، وهي اللغة الرسمية لتنزانيا وكينيا. ويتحدث بها في ثلاث عشرة دولة في شرق ووسط إفريقيا، وكان ميلاد هذه اللغة في الساحل الشرقي لإفريقيا في القرنين السابع والثامن الميلادي، مع التجار العرب للتواصل مع السكان المحليين، فحوالي 25 في المئة من مفرداتها عربية وما تبقى هو من أصول البانتو Bantu الإفريقية، وحتى منتصف القرن الـ19 كانت تُقرأ وتُطبع بحروف عربية، ولكن بعد ذلك وحتى الآن تُكتب بحروف لاتينية. ولا شك أن انتشار اللغة السواحيلية بين السكان الأصليين إلى جانب العربية، كان له أثر كبير في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية بين القبائل التي تقيم على الساحل، وتلك التي تقيم حول الطرق والقوافل الرئيسة الممتدة من الساحل إلى بحيرة نياسا، وإلى المدن والقرى الداخلية الواقعة على بحيرة تنجانيقا.



 

وُلدت اللغة السواحيلية ولادة إسلامية، بمعنى أنها نتجت من اختلاط قبائل البانتو بعد أن أسلمت بتأثير العرب من سكان الساحل، حيث الاختلاط والتزاوج في ما بينهم، وأصبحت عامل ربط بين الساحل والداخل، وانتشرت انتشارًا واسعًا، فحمل العرب العمانيون هذه اللغة الوليدة في الداخل، وانتشرت مع التجارة والتجار ووحّدت بين السكان في هذه المنطقة، فكانت الثقافة السواحيلية عاملًا للوحدة. ومن لهجات اللغة السواحيلية لسان الواهاديمو، وقامت دورا أبلاي Dora Ably بدراسة هذه اللغة ضمن عمل بعثة الجامعات التنصيرية، ودوّنت بعض ملاحظاتها باللغة العربية، فكانت مفرداتها تسمى Mweniwzi ومعناها الخدم، وهي لهجة سكان القُرى في جزيرة زنجبار بمن فيهم الصيادون والمزارعون، وهؤلاء لا يزالون يتحدثون بلغتهم الخاصة. 

 

وأضاف جونستون H. M Johnston’s إليها مفردات وأساسيات السواحيلية الزنجبارية. وما يميّز الحضارة السواحيلية، اللغة السواحيلية وعقيدة الإسلام. فالشعب السواحيلي أدى دور الوسيط بين الأفارقة والعرب وتجار المحيط الهندي، وابتكر أول شكل للكتابة السواحيلية Ki Swahili بالحروف العربية، والشعب السواحيلي بلا استثناء يدين بالإسلام على المذهب الشافعي. والثقافة السواحيلية تعكس العقيدة الإسلامية وأسماء الأشخاص والعادات والملابس والأزياء والعمارة والآداب والفنون والأمثال، وبالتالي فإنها ثقافة إفريقية عربية إسلامية. وكانت الفترة الاستعمارية لسلطنة زنجبار (1890- 1963) ذات أثر كبير في اللغة السواحيلية. فإنكلترا تعمدت كتابة السواحيلية بحروف لاتينية بعد أن كانت تُكتب بالعربية، لتعزل المسلم عن دينه، فاللغة العربية هي حلقة الوصل بينه وبين القرآن الكريم وتربطه بالفكر العربي، وكانت وسيلتها في ذلك الإرساليات التنصيرية التي كانت تستخدم السواحيلية في نشر الدين المسيحي، واستخدمتها كوسيلة للتعليم.

 

ومن هنا، ظهرت أول جريدة للحروف السواحيلية بالحرف الروماني، جريدة herbaria wa mwazi، وأخذت هذه الإرساليات في نشر المسيحية من طريق استخدام اللغة السواحيلية. وكان العديد من الجرائد والمجلات في زنجبار يصدر باللغة السواحيلية، منها «عدل وإنصاف» Adul insaf، وهي جريدة أسبوعية كانت تصدر بالإنكليزية والسواحيلية، وجاجاراتي Gujarati، وإفريقيا كواتو Afrika-Kwatu باللغة السواحيلية، وموانجزي Mwangazi بالإنكليزية والسواحيلية، وصوت العمال Voices of workers بالإنكليزية والسواحيلية، بالإضافة إلى إذاعة حكومية باللغة السواحيلية Ki Swahili لمدة ساعة ونصف الساعة على مدار ستة أيام في الأسبوع، وكان ينتظرها الآلاف من سكان مدينة زنجبار. وفى عام 1930، اعترفت اللجنة اللُغوية لمنطقة شرق إفريقيا بلهجة زنجبار (كيو نيجوجا) كلغة رسمية، فتم إعداد قاموس لها وتوحيد طريقة كتابة السواحيلية وترجمة الكتب العلمية.

 

واجتمعت لجنة إفريقيا الشرقية للسواحيلية عام 1948 the East African Swahili committee، وقد بذلت بعض الجهود لتحسين النصوص وإكمال أبحاث خاصة باللغة، وقامت بنشر جريدة باللغة السواحيلية. وفي عام 1964، أصبحت هذه اللجنة جزءًا من معهد أبحاث السواحيلية في جامعة تنزانيا (4). وأوضح الإداري البريطاني ويلسون Wilson (في محمية شرق إفريقيا البريطانية)، في تقرير كتبه عام 1939 عن مدى انتشار اللغة السواحيلية بالحروف العربية والرومانية، أن 60 في المئة من شباب زنجبار و35 في المئة من بمبا، كانوا يكتبون السواحيلية بحروف عربية، وذلك يعود إلى جهود المدارس القرآنية، و2 في المئة فقط من سكان الجزيرة كانوا يكتبون بحروف رومانية، وعلى رغم ذلك أصدرت الحكومة البريطانية نشراتها بالحروف الرومانية، وعندما استقلّت زنجبار في كانون الثاني (يناير) 1963، كان عدد المتحدثين بالسواحيلية 230.000 من إجمالي السكان البالغ 300.000، أي أنها انتشرت في شكل واسع، وأصبحت تكتب بحروف لاتينية بعد أن كانت تكتب بحروف عربية. وتتضح من ذلك، الجهود البريطانية في الاهتمام باللغة السواحيلية، فهي لغة إفريقية ثرية بمفرداتها العربية والهندية والإنكليزية، وإن كان النصيب الأكبر للغة العربية والثقافة الإسلامية.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز