عاجل
الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الاستراتيجية الدبلوماسية والأزمات الدولية “1”

الاستراتيجية الدبلوماسية والأزمات الدولية “1”

تختلف الأزمات بين الدول باختلاف وجهات النظر وأيدولوجيات كل دولة سواء كانت مرسومة ومخطط لها للوصول إلى هدف أم كانت حديث الساعة كما هو في جائحة" كوفيد 19" حيث تفاجأت كثير من الدول دون سابق إنذار، وربما تكون الأزمة محدود المعالم ذات طرف واحد في دولة ما كما حصل في اليونان والانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد التي كانت تهدد منطقة اليورو، كذلك فالأزمات قد تكون أحادية الجانب أم ثنائية أم عدة أطراف كما حصل في حرب تحرير الكويت عام 1991، وقد يكون خارج إرادة الدولة ككوارث طبيعة من براكين وأعاصير.



 

تعرف الأزمة بأنها فترة توتر ونقطة تحول من حالة إلى أخرى وهي تحتاج إلى قرار سريع لوقف هذا الانحدار أو الانهيار والتي تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة وهي عدة أنواع منها الأزمات السياسية/ الاقتصادية/ الطبيعية/ الاجتماعية/ العسكرية/ الأمنية.

 

تعتبر الأزمات على مختلف أنواعها جزءا رئيسيا من الحياة السياسية والاجتماعية ومن حياة البشر بمختلف درجاتها وهذا ما يدفع الجميع إلى التفكير بجدية في كيفية حلحلة الأزمة والوصول إلى أفضل النتائج والتحول من الحالة السالبة إلى الموجبة وهذا يتطلب قيادة وقادة نموذجيين لها.

 

تحظى الاستراتيجية الدبلوماسية، باهتمام واسع النطاق لدى النخب القيادية والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لما لها من علاقة وثيقة بالعديد من مجريات السياسة الدولية.

 

الاستراتيجية تستخدم اليوم في مختلف ميادين الحياة وهي الأهداف المرسومة من قبل هرم الدولة أم الشخص المسؤول في منصب ما للوصول إلى نتائج ذات طابع معين مدعوم بأدوات ذات علاقة بتحقيق هذه الاستراتيجية.

 

الاستراتيجية الدبلوماسية تعتبر من أهم أدوات صناع القرار ورؤيتهم المستقبلية لسياسة الدولة الخارجية بالتعامل مع محيطها الإقليمي والدولي وتعتمد هذه السياسة بالدرجة الأساس على المصالح الوطنية وكيفية تقوية وإدامة النسيج الداخلي للبلد وتطويره بأفضل ما يكون عن طريق أدواتها ألا وهي البعثات الدبلوماسية على مختلف درجاتها.

 

وأقرب مثال لنا على الاستراتيجية الدبلوماسية والأزمات الدولية هي ما قامت به أخيرًا جمهورية الهند الصديقة بتسليم (100 ألف) من لقاح أكسفورد استرازينيكا كهدية مقدمة منها لسلطنة عُمان لتفادي تزايد الأعداد المصابة في ظل هذه الأزمة الدولية التي يمر بها العالم.

 

أن عمق العلاقات التاريخية العميقة بين السلطنة والهند تمتد آلاف السنين، وقد أرسى المغفور له السلطان قابوس "طيب الله ثراه" أسس استراتيجية دبلوماسية متينة بين البلدين حيث يشتركون بنفس مفهوم الاستراتيجية والأهداف وتاجها الدبلوماسية الهادئة بعيدًا عن التدخلات الأجنبية في المحيط الإقليمي والدولي حيث وصل أول سفير هندي للسلطنة عام 1973 بينما أقامت السلطنة سفارة لها في نيودلهي عام 1972، وكما هو معروف فإن الهند بلد ذات تاريخ وحضارة عريقة منذ آلاف السنين وهي دولة صناعية متقدمة في كافة المجالات حيث كانت هناك علاقات تجارية وثقافية قديمة منذ مئات السنين تربط الشعبين الصديقين خارج نطاق البروتوكولات الدولية وأطر الأنظمة الدبلوماسية؛ ومن الناحية الدبلوماسية والسياسية فإن حكومة السلطنة قد دعمت موقف الهند للحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي.

 

تعتبر الهند شريكا تجاريا مهما لعُمان منذ بدء العلاقات والروابط المتينة وأن صاحب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم "أبقاه الله" ليؤكد نهج السياسة الخارجية حيث قال جلالته "سنسير خارجيا على الخط الذي رسمه السلطان قابوس..."،. إن هذه الخطوة الإيجابية والمتميزة من قبل جمهورية الهند الصديقة لم تأتِ من فراغ وإنما جاءت بتكاتف الآراء والجهود من قبل هرم الدولتين وتجسيدًا لعمق العلاقات الدبلوماسية القديمة والوثيقة مستندة إلى كوادرها الدبلوماسية المتميزة من قبل الطرفين والذين يعملون كخلية نحل خدمة للمصالح الوطنية بين السلطنة والهند.

 

إن هذه اللفتة والخطوة الكريمة من حكومة وشعب الهند وإرسال 100 ألف جرعة من لقاح أكسفورد للسلطنة سوف يسجلها الشعب والحكومة العمانية بأحرف من ذهب وتبقى للتاريخ منارة المحبة والاحترام بين البلدين والشعبين الصديقين على مختلف المستويات الحكومية والشعبية.

إن هذه الاستراتيجية الدبلوماسية الناجحة والمتميزة بين عُمان والهند في حل الأزمات، أتمنى أن تكون مثالًا يقتدى بها في حل الأزمات الدولية بين الحكومات لخدمة لمصالح شعوبها بعيدًا عن التناحر وحياكة المؤامرات هنا وهناك لغرض تحقيق أهداف معينة بعيدة عن المحبة والتآخي.

 

دبلوماسي سابق

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز