عاجل
السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مصر وخريطة النقل البحري في إفريقيا

قناة السويس
قناة السويس

التنمية المستدامة في إفريقيا



تعد القارة الإفريقية إحدى قارات العالم القديم التي تعرضت لكافة أشكال الاستعمار، الذي أثر على البشر والحجر، وكانت تجارة الرقيق بالقارة أحد أسباب تطور التجارة البحرية الدولية في بعض الفترات التاريخية، كما عمل الاستعمار على تقسيم الدول الإفريقية الواقعة على الساحل الغربي، والتي تطل على خليج غينيا من الشمال (غينيا الاستوائية، الكاميرون، نيجيريا، بنين، توجو، غانا، كوت دي فوار، ليبريا، سيراليون، غينيا، عينيا بيساو، وغامبيا). 

 

 

وكانت القارة مصدرًا للعديد من الثروات، التي استنزف الاستعمار والتوسعات الإمبريالية للدول الأوروبية الكثير منها، وعرضت المشكلات العسكرية والسياسية والاقتصادية القارة للكثير من المخاطر، مثل مشكلة القرصنة التي دفعت الدول الأوروبية إلى تشغيل شركات التأمين المختلفة على السفن أو في المواقع المعرضة للقرصنة.

 

 

جغرافية القارة:

تبلغ مساحة القارة الإفريقية (30,3 مليون كيلومتر مربع) وتضم 54 دولة منها 38 دولة بحرية و16 أخرى حبيسة، ولكن يمكن الربط بينهما لتحقيق مبدأ الاستدامة في النقل والتجارة الدولية، كما توجد بعض المشروعات التي من الممكن تنميتها للربط مع القارة الأوروبية عبر نفق في مضيق جبل طارق، وكذلك للربط مع القارة الآسيوية عبر الجسر البري المقترح بين مصر والسعودية.

 

 

وتطل القارة الإفريقية بسواحل على جبهات بحرية متعددة (البحر المتوسط والبحر الأحمر، وقناة السويس والمحيط الأطلسي وخليج غينيا والمحيط الهندي ومضيق موزمبيق وخليج عدن)، كما تسيطر على بعض المضايق والمواقع البحرية الاستراتيجية المهمة التي تتحكم في حركة التجارة الدولية (مضيق جبل طارق ومضيق باب المندب وقناة السويس).

 

 

وتضم القارة الإفريقية بعض الأنهار الدولية المشتركة التي حققت جزءًا من التنمية لدولها، ومنها تنمية النقل المتعدد الوسائط عبر النقل النهري، وهناك مشروعات ما زالت تحت الإنشاء وتستهدف القارة استغلال تلك الأنهار وحل جميع العقبات الخاصة بالنقل النهري.

 

 

أهمية توجه النقل البحري المصري نحو القارة السمراء:

وفي إطار الرؤية التي وضعتها استراتيجية قطاع النقل في مصر، وفقًا لخطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، في بناء منظومة متكاملة ومتقدمة للنقل قائمة على أسس اقتصادية واجتماعية وبيئية سليمة، بما يحقق مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة من خلال ربط شبكة الطرق باحتياجات التنمية، وتطوير مفهوم النقل المتكامل والمتعدد الوسائط، وإطلاق سلسلة من خدمات النقل واللوجستيات.

 

 

ركزت رسالة قطاع النقل البحري على (موانئ متطورة آمنة وفعالة قادرة على التكيف مع المتغيرات المحلية والعالمية والمنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي، بما يدعم النمو الاقتصادي لمصر، بينما تركز المهمة على تطوير وزيادة القدرة التنافسية للنقل البحري المصري من خلال تحقيق التكامل فيما بين الموانئ البحرية المصرية، بغرض تعزيز التنافسية مع الموانئ المجاورة حتى تصبح جاذبة للخطوط الملاحية والاستثمارات المحلية والأجنبية، ولاعبًا فاعلًا في الاقتصاد المحلي والعالمي، ولتيسير التجارة وتحويل مصر إلى مركز عالمي للطاقة والتجارة واللوجستيات على المستوى الإقليمي والإفريقي والعالمي.

 

 

وكان من أهداف استراتيجية قطاع النقل البحري- حسب رؤية مصر 2030- ربط الموانئ البحرية المصرية بالموانئ البرية والجافة، وتطوير الأسطول البحري وفتح باب الاستثمار، ومشاركة القطاع الخاص وتحقيق ملاحة آمنة في المياه الإقليمية، وتحقيق مفهوم النقل متعدد الوسائط.

 

 

ومن الضروري جعل مصر مركزًا محوريًا مهمًا للتبادل بين الدول الإفريقية والدول الأوروبية، وتعزيز تنافسية خدمات الموانئ المصرية في عملية الربط بين الموانئ الأسيوية والموانئ الإفريقية أيضًا، والاتجاه نحو تشغيل خدمات النقل الساحلي في البحر الأحمر، وزيادة سفن الحاويات المصرية لخدمة الصادرات المصرية إلى إفريقيا. 

 

 

وبلغ مؤشر الاتصال بالخطوط الملاحية المنتظمة 66,7 نقطة عام 2019 مقابل 62,28 نقطة عام 2018، وجاء ارتفاع تصنيف مصر نتيجة تشغيل خدمات النقل العابر، وتشغيل الخطوط الملاحية الدولية، واعتبار الموانئ محطات رئيسية ومركزية لخطوط الشحن، ويعكس ارتفاع قيمة المؤشر سهولة الوصول لنظام الشحن البحري العالمي، وتحسين مؤشر مدة انتظار السفن الموانئ بمتوسط 34,6 ساعة، وتحسين القدرة التنافسية للموانئ من خلال التحول الرقمي لتسهيل الإجراءات الإدارية والتخليص الجمركي ورفع كفاءة العاملين بالموانئ.

 

 

وفيما يخص مؤشر الأداء اللوجستي لدول القارة والمعروف بمؤشر التنافسية العالمية في مجال اللوجستيات، والمبني على عدة معايير، هي الجمارك والبنية التحتية وأسعار الشحن والوقت والجدولة الزمنية وتعقب الشحن، فقد حققت مصر معدلات متوسطة في طريقها للزيادة.

 

 

ولما كانت التجارة الخارجية والنقل البحري وجهين لعملة واحدة، فإن حركة النقل بالحاويات في الموانئ المصرية وقناة السويس تأتي في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، وتعد مصر الأولى في مجال تجارة الحاويات على مستوى القارة الإفريقية عبر موانئها المتعددة، ومن هنا جاء مشروع جسور الذي تبنته وزارة النقل لزيادة حركة التجارة البينية بين مصر وإفريقيا، بهدف توفير سلسلة متكاملة من خدمات النقل واللوجستيات في عدة قطاعات، منها الصناعة والتجارة الدولية والخدمات، وكذلك تطوير كتالوج إلكتروني يضم المنتجات المصرية القابلة للتصدير واحتياجات المنتجين من المواد الخام.

 

 

وفي إطار اهتمام الدولة المصرية بالربط البحري بإفريقيا جاء تدشين الخط الملاحي (العين السخنة- مومباسا) في 14 أكتوبر 2020، حيث تعد كينيا من أهم دول "كوميسا" التي تتعامل معها مصر، تليها دولة السودان. 

 

 

وفي إطار من الاهتمام قامت الدولة المصرية بتشغيل الموانئ البرية الحدودية الجنوبية بين مصر والسودان، وفتحها لحركة التجارة وحركة الركاب في إطار تفعيل النقل العابر بين الدول الإفريقية، وتتبع تلك الموانئ وزارة النقل المصرية والهيئة العامة للموانئ البرية والجافة، وهي ميناءا قسطل وأرقين في مصر، مع الاتجاه نحو إنشاء مناطق لوجستية في جنوب الجمهورية. 

 

 

وبلغت أعداد سفن الأسطول المصري 117 سفينة، في حين بلغ عدد السفن العاملة على الخطوط الدولية عام 2018 نحو 46 سفينة بحمولة كلية تزيد قليلًا على 800 ألف طن، وتعد أهمها سفن البضائع العامة والناقلات الصب التي بلغ عددها 13 سفينة لكل نوع، بينما بلغت سفن الخدمة الدولية 9 سفن، وبالنسبة لسفن الحاويات فقد بلغ عددها 7 سفن، أما سفن الأسطول الساحلية فبلغ عددها 71 سفينة بحمولة كلية 99 ألف طن، وتزيد فيها سفن الخدمات إلى 57 سفينة بسبب وجود سفن الخدمة التابعة لقناة السويس، بينما بلغت ناقلات البترول 12 ناقلة، ومعظم هذه السفن تزيد أعمارها على 20 سنة (48 سفينة ساحلية و26 سفينة دولية)، بينما السفن التي يرجع عمرها إلى 10 أعوام فقد بلغ عددها 15 سفينة، ومن ثم يجب التوجه نحو تحديث بعض السفن وإحلالها وشراء أخرى جديدة، خاصة سفن الحاويات التي من الممكن تأجيرها للخطوط الملاحية.

 

ومن أهم الموانئ التي تعمل خطوطها الملاحية في مجال البحر الأحمر ميناء العين السخنة، حيث تمتد الرحلات منه إلى بعض الموانئ الإفريقية، بينما تمتد رحلات الخطوط الملاحية في ميناء الدخيلة إلى موانئ إفريقية على ساحل البحر المتوسط، مثل ميناء وهران بالجزائر وميناء سوسة وبزرت بتونس، وعلى الساحل الأطلسي ميناء كازابلانكا وطنجة بالمغرب، وميناء تيما تيما بغانا، وميناء أبيدجان بساحل العاج، وميناء داكار بالسنغال، وموانئ نواكشوط، ونواذيبو بموريتانيا، وميناء تينكد أيلاند بنيجيريا، وموانئ ملايو وباتا بغينيا الاستوائية، وكذلك تمتد رحلات للخطوط الملاحية من ميناء دمياط إلى ميناء وهران بالجزائر، وموانئ سوسة وبرزت بتونس وموانئ الخمس ومصراتة بليبيا، وموانئ كازابلانكا وطنجة بالمغرب، وتمتد من ميناء الإسكندرية رحلات الخطوط إلى ميناء وهران بالجزائر، وسوسة وبرزت بتونس، وموانئ الخمس ومصراتة وطرابلس بليبيا، وبالتالي يجب توجيه حركة الخطوط الملاحية نحو الموانئ الشرقية الإفريقية والجنوبية، ولقد باتت الخطوط الملاحية مطلبًا مهمًا في هذه المرحلة، لزيادة حركة التجارة البينية بين دول القارة، خاصة في ظل الدعم الذي يقدمه الأونكتاد للدول النامية والأكثر احتياجًا، واستغلال إمكاناتها ومواردها الطبيعية، إلى جانب الإسراع بتشغيل الطرق البرية مثل طريق الإسكندرية- كيب تاون بطول 9700 كم طولي، والذي يمر عبر 9 دول إفريقية، وربطه ببعض الطرق المتجهة غرب القاهرة وشرق القارة، وتفعيل الاتفاقيات التجارية الدولية خاصة في ظل التنافسية الدولية وحرب الموانئ، والربط التجاري بين الموانئ الأسيوية والإفريقية والأوروبية، وتفعيل النقل متعدد الوسائط والنقل العابر بين دول القارة، وتفعيل تشغيل الممر الملاحي النهري لربط بحيرة فيكتوريا، وإنشاء خطوط السكك الحديد عبر القارة، وذلك اتفاقا مع التقرير الذي وضعه الأونكتاد بعنوان "The way to the ocean".

 

 

ونظرًا لارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى إفريقيا، الذي جعلها من المناطق التي سجلت نموًا سنويًا بمعدل ثلاث مرات، كان التركيز من دول خارج القارة مثل ماليزيا والصين والهند، وبالتالي يجب على مصر الالتفاف بقوة نحو الظهير الإفريقي، وتنمية حركة التبادل التجاري بينها وبين دول القارة الإفريقية. 

- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية المساعد كلية الدراسات الإنسانية – جامعة الأزهر عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية العربية للنقل  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز