د. عمر علم الدين
د. عبلة الكحلاوي عيد في رحاب الله
عاشت هنا 75 عاماً على أرض الله شامخة وقورة مبتسمة بوجه أبيض فيه حمرة .. لا تسعى الا لله فى مرضاة الله من أجل عبادة الله هي أمي الثانية، 11عاما قريب منها اتخذتني ابنا واحسنت لي الود، وشرفت بأمومتها وتعلمت منها الكثير والكثير ولم لا؟.
ولم أر فى حياتي محبا للوطن مثلها وقريبا لله ينافسها ومحبا للخير يجاريها،وجابر للخواطر يتفوق عليها ..تربط الدين بالحياة وتربط حياتها بالناس.
وأنت ترى أناملها تداعب مسبحتها تدرك أن حياتها درس كبير فى العطاء ويجعلنا نثق فى موعود الله " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
كانت نموذجا يذكر فيشكر ويضئ فينير طريق الدنيا والدين ليست متشددة ولامتزمتة فقد اخذت الدين من ينابيعه الصافية فكانت صاحبة ضمير حي وقلب مستنير وبوصلة الخير والقدوة بين الناس فى زمن عز فيه العطاء والقدوة.
لا تحب الرياء الديني ولا الاجتماعي ولا السياسي؛ ولذا لم تقل تصريحا صادما طوال حياتها أحسنت بر ابويها فنهلت من بيئته جزاء حب النبى "ص"، مع ملايين العاشقين وعوضها الله ببر أولادها الذين تعلقت مهجتهم بروحها بل زادها الله فجعلها أما لملايين المصريين أخلصت فى تعلم علوم الشريعة وغارت على دين الله من التشدد والغلو فاكرمها الله بأن تكون صاحبة مدرسة فقهية متفردة هى أنسنة علوم الشريعة رافعة شعار العلم بلا إنسانيات ممقوت والله قال" وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ".
ونتيجة لقبول مسلكها لايراها أحد الا قبلها أما او أختا تمثل له الراحة والسكون، ولم لا وهى العالمة فى ثوب التواضع والفيلسوفة الشاعرة فى حب الله وعباده نافست الرجال على منابر الدعوة فكسرت هيمنتهم عليه بالحب، وهى من السيدات القلائل اللاتي حظين منذ عصر النبوة الاول بهذا الصيت ونشر العلم. تزوجت زوجا ضابطا مجاهدا فى سبيل الله من أجل وطنه فأحسنت عشرته فغذى عندها مخزون الحب وقيمة الوطن وشاركها فعل الخير ثم رحل قبل ثلاثين عاما من وفاتها لكن ميراثه الذي ترك لم ينضب فاحتفظت ببدلته العسكرية حتى لحقته.
كانت دائمة القول "ماعبد الله بأحسن من جبر الخواطر "رأت أن التدين فعل وليس قولا وتاخر مجتمعاتنا بسبب اننا ظللنا نتحدث فقط ونختلف على غسل القدم او مسح القدم حتى أصبح لا يوجد لنا بين الأمم موضع قدم ، كانت تقول أن حفظ القران بدون العمل به نسخة جديدة تضاف الى ما طبع من نسخ، فتحركت لتنفيذ كتاب الله عملا فانشأت بما تملك وبرفقة أحبابها مجمع الباقيات الصالحات لمرضى الزهايمر وأطفال السرطان بقيمة سوقية تتجاوز ال100 مليون جنيه وتحركت لتزويج الفتيات ولرعاية الأرامل ولتعليم الاميين ولسد حاجة الفقراء فكانت رائدة العمل الخيرى. فجمعت النشأة الطيبة والعلم النافع والزوج الصالح وعمل الخير الباقي فكانت "د.عبلة الكحلاوى ".. من راها هابها وحبها، لا تفرق فى التعامل بين وزير وخفير، ولا يشعر جليسها أن أحدا أكرم عليها منه ،..دائمة الفكر والذكر، تستغفر الله الاف المرات ، إن ذكرت كلمة ظنت أنها لا ترضى الله كانت لا تغضبها الدنيا، تعتز بنفسها ومظهرها ، أكثر الناس تواضعا ولا أحد يسابقها في عزة النفس.
كانت أشد الناس حياء لا تثبت بصرها فى وجه أحد، ولا تقول لاحد على شئ لا وان طلب أثاث منزلها، فلا ييأس راجيها ومن سألها شيئا لا يرد الا راضيا ، تصدقك وان كانت تعلم كذبك وتقول من خدعنا بالله خدعنا ،...فى آخر ايامها في الدنيا كانت تطلب لقاء الله، وكنت أقول لها لا تقلقي يا أمي ستقومى سالمة بالأجر غانمة من كل شر، فترد وهى على سرير المرض بالمستشفى تلتقط انفاسها الاخيرة "لو بتحبنى بجد ادعيلى للقاء الرفيق الاعلى " وكأنها ترى مقعدها من الجنة لم أر في حياتى وجها مضيئا مثلها بعد وفاتها، إنها نظرات الوداع على وجه طالما خشع لله فاصبح شديد البياض والنور رحلت 25 يناير 2021، تاركة طيب الأثر عند الرحيل ودرساً كيف يؤدى الاخلاص الى هذا الحب الجارف “من كل الطبقات والمستويات والاختلافات” لشخصية د. عبلة الكحلاوى التي كانت ترى نفسها أبسط الناس وهى أعظمهم واعزهم على الله.
















