عاجل
الإثنين 29 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي

أنـا

رسم: جمال هلال
رسم: جمال هلال

 الأستاذ نوح،،، أريد أن أنتخب



  الأستاذ نوح مدرس اللغة العربية كان أتعس شخص على وجه الأرض، حتى إنّ كلَّ سكان الشارع سئموا منه، لأنه كان محبطًا على الدوام، ولا يتوقّف عن التذمر والشكوى، ولم يكن يمرّ يوم دون أن تراه فى مزاج سيئ.

نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021
نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021

 

وكلّما  أنجب بنتًا فوق ثلاث بنات اللاتى رُزق بهن ازداد كلامُه سوءًا وسلبية… كان سكّان الشارع يتجنّبونه قدر الإمكان، فسوء حظّه أصبح مُعديًا. ويستحيل أن يحافظ أى شخص على سعادته بالقرب منه.. إلى أن أخبره الطبيب أن حَمْل زوجته الرابع ذكر.. وهنا سعادة لمست قلبه وابتسم أخيرًا..وفى لحظة ابتسامه النادرة دق الباب بخبطات يد صغيرة فتح الباب ليجد ابنته الوسطى زينب على الباب تبكى بحرقة انزوت داخل ركن فى البيت وعلامات الاستفهام على وجه الأستاذ نوح حلت محل علامات السعادة النادرة.. فيه إيه، مالك يابنتى؟ بهمهمة ردت زينب: الأبلة نوال طردتنى من المدرسة علشان مدفعتش المصاريف.

 

سند الأستاذ نوح ظهره على الباب وراجع راتبه صاحب الثلاثة آلاف جنيه فقط لا غير بعد غلق باب الدروس الخصوصية وأعاد حسابه من جديد.. سناء فى الثانوية العامة اقتصت منه ألف ومئتَىْ جنيه مصاريف مدرسة ولبس ومواصلات.. وثمانمائة جنيه مصاريف سلوى فى الإعدادى ومثلها للبيت وآخر مئتَىْ جنيه كان ثمَن الكشف على مولوده الرابع الذكر.. عادت الكآبة إلى نوح بشراسة جلس دون كلام.. تدخلت صباح زوجته فى الحوار وقالت لطفلتها: أكيد فى حاجة غلط بكره يا حبيبتى هنصححه.. لحظات وطرَق الباب بطريقة فجّة.. استدار الأستاذ نوح وفتح الباب.. كان خلف الباب عوض برشامة أحد بلطجية الشارع الذي يقطن فيه الأستاذ نوح.. عوض برشامة باستغراب قالها الأستاذ نوح!؟ أهلاً أستاذ نوح قالها برشامة هذه المرّة وأردف: فرجت ياعم.. رد الأستاذ نوح بنظرة واجمة: نعم.. عوض برشامة حرّك أكتافه الضخمة وقال: فى مصلحة حلوة فيها خمسميت جنيه.

صمت الأستاذ نوح.. فتقدم عوض ودفس ثلثمائة جنيه فى يد الأستاذ نوح المتعرقة وقال: دول قبل ما تدى صوتك للفنجرى باشا والمتين بعد ما تطلع من اللجنة. وأردف: بطاقتك فين؟ نظر الأستاذ نوح إلى ابنته المنهارة وإلى بطن زوجته التي تحتاج إلى غذاء ليحصل على حلمه بمولود ذكر.. فأخرج بطاقته وأعطاها لبرشامة دون تفكير كثير.. وبيده الأخرى طبطب على ابنته ورفعها على كتفه وقال: هنصحح الخطأ يا بنتى فى المدرسة.

 

ذهب إلى المدرسة ودفع مصروفاتها وأجلسها فى فصلها وعاد إلى البيت وعند دخوله الشارع غمز له عوض برشامة وقال له معادنا بكره الصبح امممم أوعى تنسى.. جلس قهرًا الأستاذ نوح ولم ينم ليلته وفى الصباح الباكر كان يقف فى طابور الناخبين وجد ألف عوض برشامة أمام اللجنة يوجهون الناخبين.. استقبله عوض برشامة واستلم بطاقته منه ودخل الأستاذ نوح لجنة الاقتراع وأمَسك ورقة الانتخابات وبحث عن اسم المرشح وظل يبحث فلم يرَ سوى علم مصر.. أعاد النظر مرّة أخرى ما زال علم مصر يظهر فى كل الورقة.. دعك عينيه بيديه وأعاد النظر فلم يجد سوى علم مصر!! تساءل: أين أسماء المرشحين وأين رموزهم، فقط علم مصر ونسر هو كل ما يراه؟! فشل فى تحديد الاسم والرمز فلم يكن له خيار سوى أن يضع علامة صح أمام علم مصر وخرج.. استقبله عوض برشامة وهز أكتافه وقال: امممم صوّت للفنجرى باشا؟ رد الأستاذ نوح بلغة عربية: نعم منحت صوتى لمصر.. تهلل وجه عوض برشامة ودفس باقى المبلغ للأستاذ نوح.. ذهب الأستاذ نوح إلى بيته وطوال الطريق يردد باكيًا منحت صوتى  لمصر منحت صوتى لمصر ولكن حقًا كنت أريد أن أنتخب.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز