
أندلسية

قصة: علا عبد المنعم
ما أن أنهت مهمتها في المدينة الغائمة حتى عادت مسرعة إلى الفندق.

رشفات من حساء كان منذ لحظات ساخنًا، أصابتها بخيبة أمل في الحصول على الدفء، في غرفتها تنقلت بين محطات التلفاز علها تجد ما يؤنس وحدتها، وبعد محاولات فاشلة ألقت الريموت على الأريكة المجاورة، واستلقت تحملق في سقف الغرفة، استرعى انتباهها سريان من لحن شجي، تسرب إلى أسماعها رغم باب الغرفة المغلق، بشغف غريب عليها فتحت باب الغرفة تتسمع وتنصت، إلى مصدر ذلك اللحن الشجي، وما أن وصلت إلى أحد الأبواب المغلقة حتى فتحته دون استئذان، لتجد نفسها في مواجهته، ذلك المتشح بالزي الرسمي للحفلات الراقية، والمسترسل في العزف على العود حد عدم الانتباه لها ولاقتحامها للمكان، كان هناك صوت لناي يأتي من مصدر مجهول، يحتضن ضربات أوتار العود ويتوالج معها، وحتى إنها لا تستطيع أن تفصلهما عن بعضهما البعض، أجبرتها الموسيقى على التمايل، وقد أسكرتها نغماتها التي وكأنها تأتي من الجنة، على نحو مفاجئ توقف العزف ليقترب منها العازف المجهول مقبلًا، يدها مع ابتسامة حانية زينت وجهه، لتختفي بعدها جدران الغرفة، وتجد نفسها على حافة بحيرة لا تعرف مكانها أو موقعها، يطلبها العازف للرقص فتستجيب دون ممانعة، رغم أنها لا تعرفه، تلفهما عطور شرقية قديمة وكأنها امتزجت، من بهارات الهند والصين مع بعض من المسك والصندل والريحان، كان اللحن أندلسيًا حزينًا، تشعر وكأنها تعرفه وتعرف كيف ستكون نهايته، تحيطهما على نحو مفاجئ مجموعة من الفتيات الحسناوات، وكأنهن حوريات من الجنة متشابكات الأيدي يتمايلن حولهما في هدوء ورقة، مع تصاعد أصوات الدفوف والناي وتعالي نغمات العود، تتسارع خطواتهما الراقصة أكثر وأكثر لتستفيق بعدها على حافة سريرها، وحيدة من كل شيء إلا موسيقى تفعم أذنيها وعطر أثير يجلل كفيها.