

د. حسني الخولي
مصر.. وأزمة الطاقة العالمية
يغرق العالم في أزمة الطاقة لأسباب عدة، أولها العوامل الطبيعية، حيث تسبب توقف الأمطار وحدوث الجفاف في مناطق كثيرة من العالم إلى خفض توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، والتي لا يمكن الاستعاضة عنها بالطاقة المتجددة.
وإذا أضفنا إلى ذلك الكوارث الطبيعية، مثل إعصار ايدا في الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى، لوجدنا أنفسنا أمام نقص حاد في إنتاج النفط والغاز.
ولو تمعنا في العوامل السياسية الناتجة عن قرارات قمة المناخ، والعناد السياسي بين الغرب وروسيا في تعطيل افتتاح خط غاز نورد ستريم 2، لتأكد لنا أن العالم يقترب من أزمة طاقة تلوح في الأفق.
العالم مقبل على شتاء قارس وبارد، وبدون كهرباء، وأسعار طاقة مرتفعة، ملامحها بادية للعيان، تتمثل فى ارتفاع أسعار الغاز العالمي بما يفوق الـ400%، بخلاف الزيادة في أسعار النفط والفحم، ووجود محطات محروقات خاوية على عروشها، وانقطاع فى الكهرباء لساعات طويلة في دول عظمى مثل بريطانيا والهند والصين، وزيادة في أسعار الكهرباء بدول أوروبا لنسب تقترب من الـ50%.
ليس هذا فحسب، بل نزل الجيش في بريطانيا لتنظيم محطات الوقود وفض النزاعات والشغب بين أناس قضوا ساعات طويلة لتعبئة سياراتهم بالوقود، تلك هي بوادر الأزمة.
تاريخ الأزمة ليس وليد اليوم، بل يعود إلى قمة المناخ واتفاق معظم دول العالم (175 دولة) في 22 إبريل 2016 في مقر الأمم المتحدة على اتفاقية المناخ التي تهدف للتنمية المستدامة، والوصول إلى تقليل تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وبما يحمي النظام البيئي والإنسان من خطر قد يصل إلى النقص في الغذاء والماء.
وأيضاً.. من حق الأجيال القادمة العيش في بيئة سليمة وصحية، وترتب على مقررات قمة المناخ خفض الاستثمارات الموجهة لاكتشاف المزيد من النفط والغاز، وفي نفس الوقت كان من المفروض أن ينفق العالم مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة من المياه والرياح والشمس، بالإضافة إلى الطاقة النووية، وهذا لم يحدث فانخفض المعروض من الطاقة، ومع زيادة الطلب على مصادر الطاقة ارتفعت الأسعار.
السؤال الذي يعنينا.. وماذا عن مصر؟
لو أجبنا في جملة واحدة لقلنا أن موقف الطاقة في مصر أكثر من ممتاز.. فمصر أقرت في عام 2016 إستراتيجية للطاقة حتى عام 2035، كانت تهدف إلى تحقيق أمن الطاقة، والوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2035، وأبشركم فالتنفيذ يسبق الاستراتيجية، ومعدلات الإنجاز تفوق المخطط، وها هى مصر تكتفي ذاتياً من الغاز الطبيعي منذ أغسطس 2018 وتصدر الفائض، وتكتفي من إنتاج الكهرباء وتصدر الفائض لدول الجوار، والأجمل أننا نمتلك محطة بنبان للطاقة الشمسية، والتي بعد اكتمالها ستصبح المحطة الأكبر في العالم.. ناهيكم عن مشروع توليد الطاقة النووية من مفاعل الضبعة، وها هي مصر تنشئ وترأس منتدى غاز شرق المتوسط.
ويبقى الأمل في أن يتحقق هدف مصر فى أن تكون مركزا عالميا للغار، وأن تتدفق عليها مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، وأن تستفيد من الموقف الراهن في توقيع عقود واتفاقات طويلة الأمد لبيع الغاز وتصدير الكهرباء، في ظل الأسعار المرتفعة الحالية.
خبير اقتصادي