عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
55 سنة صحافة

55 سنة صحافة

لم يكن الكتاب القيم الضخم الذي كتبه الكاتب الصحفي الكبير، والمثقف البارز، الأستاذ رشدي أبو الحسن، مجرد سيرة ذاتية عن الرحلة المهنية العميقة والثرية للكاتب، لكنها تتخطى ذلك لتكون شهادة على عصر كامل، أو حقبة من تاريخنا السياسي والفكري والثقافي والتنويري والصحفي أيضًا، من خلال تجربته الخاصة التي تتخطى ٥٥ عامًا ولاتزال. 



والحقيقة أنني من المحظوظين، الذين بدأت حياتهم الصحفية على يد الأستاذ رشدي أبو الحسن، عندما دخلت صباح الخير في صيف ١٩٧٧، وكنت مازلت طالبًا في كلية الإعلام، ولم أكن أعرف أحدًا، كان أول من استقبلني هو رشدي أبو الحسن، وكان وقتها سكرتيرًا لتحرير صباح الخير، ومسؤولًا عن المتدربين، ولذا أنا مدين له بتشكيل اللبنة الأولى في مسيرتي الصحفية.

وعودة إلى الكتاب الذي كانت قراءته متعة، وإبحارًا جميلًا في عوالم الصحافة والفكر والأدب والثقافة، وكذلك إعادة التعرف على الرموز والأعلام الفكرية والثقافية والتنويرية التي خصص فصلًا كاملًا، وهذه الرموز كان لها تأثيرها الجذري في تشكيل الهوية الثقافية والقومية لمصر والعالم العربي، طوال ما يقرب قرن من التاريخ الحديث. 

مقدمة الكتاب الطويلة تسرد الرحلة المهنية للكاتب، منذ أن كان طالبًا جامعيًا وقت التحاقه بمجلة آخر ساعة في عام ١٩٦٢، وحتى انتقل إلى مجلة صباح الخير الأقرب إليه فكريًا وثقافيًا وسياسيًا، وكان ذلك عام ١٩٧٤، ويرى في تلك الخطوة النقلة المهمة والمحورية في حياته المهنية، التي استمرت أكثر من نصف قرن حتى الآن. 

ولعل الفصل الأول في الكتاب هو أهم الفصول، وفيه يتحدث الكاتب عن نخبة رائعة تواصل المسيرة الفكرية والتنويرية والحضارية، وهو بالطبع لم يضعها جزافًا، فقد كان من أشد المتأثرين بها في تشكيل رؤيته الثقافية، بداية من رفاعة الطهطاوي، الذي استطاع الخروج من قضايا العقل والشرع، بفتح باب الاجتهاد، وأيضًا في حديثة عن معضلة العلاقة بين صاحب المشروع الثقافي والحاكم، مرورًا بالمفكر التنويري لويس عوض، الذي تأثر بطه حسين في قضية التعليم، وكان يرى أن هناك مؤامرة طبقية في مصر من أجل الحفاظ على نسبة الأمية، والدعوة لإلغاء مجانية التعليم، وكذلك أحمد بهاء الدين، الذي كان أحد حملة التنوير بالتركيز على استبعاد مفهوم الصدام الحضاري، واستبداله بمفهوم الحضارة الحديثة، ورشدي سعيد الذي كان سابقًا لعصره حين حذر في الستينيات من أننا سنفقد كل ما لدينا من أرض زراعية، وستتحول الدلتا كلها إلى بيوت سكنية، وبالطبع هناك رموز أخرى، مثل زكي نجيب محمود، وفؤاد زكريا، وحامد عمار، وخالد محمد خالد، وكلهم أعاد الكاتب اكتشافهم من جديد. 

الفصل الثاني من الكتاب، كان عن شخصيات عاصرهم الكاتب، وأثروا فيه، مثل والده الذي أثرى تكوينه الفكري والثقافي والاجتماعي، وأيضًا الفنان الكبير أحمد حجازي، رسام الكاريكاتير الأعظم في مجلة صباح الخير، وعم حسين، الأمي الذي يقرأ المجلة، وعبد الله الطوخي، المبدع، وكذلك الفنان حسن فؤاد، الذي كان بوابة العبور من آخر ساعة إلى صباح الخير، وأخيرًا الأستاذ الكبير لويس جريس. 

أما الفصل الثالث في الكتاب القيم، فقد حوى كتب وأفكار أثرت في الكاتب وأسهمت في تكوينه، وجاء الفصل الرابع ليلقي الضوء على الرحلات الخارجية والداخلية للكاتب، والتي تضمنت مشاهدات واطلاع على ثقافات وعادات وتقاليد شعوب ومجتمعات عديدة. 

وأخيرًا أقول إنه من الصعوبة بمكان، أن يعبّر مقال عنما يحتويه هذا الكتاب الرائع والدسم من أفكار ورؤى وتجربة ثرية. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز