الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

في خضم الأزمة العالمية التي يشهدها العالم جراء الأزمة الأوكرانية، جاءت زيارة الرئيس السوري بشار الاسد للامارات لتعيد الى الواجهة التطورات التي تشهدها الساحة السورية، ولتؤكد انه في ظل التطورات العالمية المتلاحقة التي نشهدها لا بد ان نركز نحن العرب على قضايانا العربية، فالكل هذه الايام مشغول بقضاياه وامنه، الأوروبيون مشغولون بأمنهم واوضاعهم الاقتصادية والتأثيرات التي سوف تحدث نتيجة العقوبات الافتصادية التي فرضوها على روسيا، الولايات المتحدة هي الاخرى مشغولة بدورها العالمي وتسعى للحفاظ على مكانتها وكونها القطب الأوحد ، وتعمل جاهدة للإبقاء على هذا الوضع الذي تصدرت فيه المشهد العالمي والدولي وانفردت بقيادة العالم منذ تسعينيات القرن الماضي، الصين هي الاخري تراقب الوضع عن كثب وتنتظر التوقيت المناسب لتعلن فيه عن نفسها كقطب عالمي وانه عالم متعدد الاقطاب. 

الامارات بدورها ارادت ان تعيد للنظام العربي فاعليته وديناميكيته على الساحة الدولية والعالمية، ولكي يتأتى ذلك لا بد من أن تعود سوريا وبفاعلية الى النظام الاقليمي العربي والى الجامعة العربية، لذلك كانت ابوظبي اولى المحطات العربية للرئيس الاسد بعد غياب دام أحد عشر عاماً، لم يقم خلالها الاسد بزيارة لاي عاصمة عربية. الزيارة تحمل في طياتها العديد من الدلالات، والتوقيت يشير إلى قرب الإعلان عن ترتيبات تمت مناقشتها طوال الفترة الماضية لعل اهمها هو ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية.

وفي حقيقة الامر ان هذه الدعوة جاءت من عواصم عربية عدة من القاهرة وابوظبي والجزائر وعمان وبغداد، وانه في ضوء التطورات التي شهدتها الساحة السورية ودحر الجماعات الارهابية والمتطرفين في سوريا آن الأوان لعودة دمشق الى العمل العربي المشترك، فلا يمكن ان نتخيل فاعلية ومحورية النظام الاقليمي العربي بدون سوريا، فعلي مدار سنوات سابقة شكل محور (القاهرة- دمشق- الرياض) المحرك لضمان الامن القومي العربي، وكان لهذا المحور دور في كبح جماح الاطراف والقوى الاقليمية التي تسعى للهيمنة وبسط نفوذها على الدول العربية، تلك القوى التي بسطت نفوذها وسيطرت على القرار في اربع عواصم عربية كحالة ايران، كذلك احتلت تلك القوى الاقليمية شمال العراق وشمال سوريا واصبح لها وجود عسكري في ليبيا كحالة تركيا.

كل هذه التطورات حدثت خلال الاعوام العشرة الماضية وهي الاعوام التي سقطت فيها سوريا في دوامة الحرب الاهلية ومحاربة الجماعات المتطرفة وغابت عن النظام العربي وعن الجامعة العربية، الان تقوم الامارات من خلال سياساتها المعتدلة والمتوازنة بدور فعال في هذا الاطار وهي تعمل مع القاهرة من اجل إعادة بللورة رؤية جديدة لمفهوم الامن القومي العربي وضرورة عودة الاطراف العربية الفاعلة الى مكانها وممارسة دورها، فالسياسات الغربية- الامريكية اتجاه الدول العربية لم تراعي مصالح الدول العربية ولم تهتم لمخاوفها الامنية المشروعة، ابرمت اتفاقا مع إيران بالرغم من دورها في زعزعة استقرار المنطقة ودعم الميليشيات الارهابية في عدد من الدول العربية، لم تصنف الحوثيين كجماعة ارهابية بالرغم من هجماتهم الارهابية التي تستهدف أمن واستقرار الامارات والسعودية، مارست ضغوطا علي الدول العربية كي تنضم لها في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على روسيا بالرغم من ان الدول العربية خاصة الخليجية لا ناقة لهم في تلك الحرب الدائرة في اوكرانيا.

واحسنت الدول الخليجية صنعاً، خاصة الامارات باعتبارها العضو العربي الحالي في مجلس الامن، عندما امتنعت عن التصويت بشأن قرار يدين روسيا، وكانت سياساتها اكثر واقعية واتزانا عندما أعلنت الامارات انها تحترم الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها داخل منظمة (اوبك +) وكان قرارها بإعادة فتح سفارتها في سوريا ديسمبر 2018 وزيارة وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد لدمشق في نوفمبر 2021، واستقبالها للرئيس السوري الاسد يوم 18 مارس 2022 هو تعبير عن انها على ثوابتها القومية العربية الأصيلة التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وان التصدي للتهديدات والتحديات التي تواجه الأمن القومي العربي عبر جهد جماعي عربي وعمل مشترك، من هنا تأتي اهمية زيارة الاسد لابوظبي، والامارات هي البداية وسوف نرى الاسد قريبا في عواصم عربية اخرى مع اقتراب عقد القمة العربية في الجزائر في نوفمبر القادم.

 

تم نسخ الرابط