عاجل
الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

الولايات المتحدة تستخدم الصراع الروسي الأوكراني للضغط على الصين و تشويه سمعتها

حصريًا لـ"بوابة روزاليوسف".. السفير الصيني بالقاهرة: شعوب العالم تدفع من جيوبها ثمن صراعات القوى العظمى

لياو ليتشيانغ
لياو ليتشيانغ

العلاقات الصينية-الروسية صمدت أمام الاختبار الجديد

تصعيد العقوبات ضد روسيا سيؤدي إلى حدوث أزمات خطيرة في الاقتصاد العالمي والتجارة

 

"تايوان ليست أوكرانيا ولا يمكن إيقاف عودتها الحتمية إلى الوطن الأم

"يتعين على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الدخول في حوار مع روسيا"

"نعمل على دعم جميع الجهود التي تساهم في حل الأزمة سلميا

"قدمنا ثلاث دفعات من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا و نقدم دفعة جديدة بقيمة 10 ملايين يوان"

"المجتمع الدولي يجب ألا يتبنى معايير مزدوجة، ولا ينبغي تهميش قضية فلسطين، أو نسيانها.

"اللاجئون الأوكرانيون يستحقون التعاطف، وكذلك اللاجئين من الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية"

"الصين ستواصل الوقوف بحزم مع قضية الشعب الفلسطيني.

"في أوكرانيا، رفعوا شعار حرمة السيادة، وفي قضيتي يوغوسلافيا والعراق، تذرعوا بحقوق الإنسان

"يجب احترام سيادة وسلامة أراضي البلدان، و أخذ الشواغل الأمنية المشروعة على محمل الجد.

"إذا تخلينا عن المعايير المزدوجة يمكن حل القضايا الساخنة وسيتحقق حلم السلام الدائم في أوروبا والعالم.

"نرفض عقلية الحرب الباردة و من حق كل دولة تقرير سياساتها الخارجية ولا ينبغي إجبارها على الانحياز

"الصين تعتزم دفع العلاقة مع روسيا إلى مستوى أعلى

"على أمريكا إثبات براءتها بفتح أبوابها وقبول التحقيقات بشأن المختبرات البيولوجية

 



في حوار حصرى لـ"بوابة روزاليوسف"شدد السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانغ على أن الشعوب تدفع من جيوبها، ثمن صراعات القوى العظمى، مشددًا على أن الأزمة الروسية الأوكرانية، انعكست اثارها الاقتصادية على المواطنين في مختلف دول العالم.

 

 

 وأكد السفير الصيني بالقاهرة على أن أثار الأزمة الأوكرانية تتخطى ما هو أبعد من التأثير فقط على نفسها، وبدأت آثارها تنتشر في جميع أنحاء العالم، في شكل موجات تضخم، ناجمة عن جائحة كورونا، وما تلاها من إعاقة جهود تعافي الاقتصاد العالمي، عبر تصعيد غير مقيد للعقوبات. 

وأضاف سفير الصين بالقاهرة: لن يؤدي التصعيد غير المقيد للعقوبات إلى زيادة عرقلة تعافي الاقتصاد العالمي بعد الجائحة فحسب، بل سيزيد من توسع النزاعات وتعقيدها. فإن معظم الدول، بما في ذلك الصين والدول النامية، لديها مخاوف مشروعة ومواقف مماثلة. حيث تعتقد الصين دائما أن العقوبات ليست طريقة أساسية وفعالة لحل المشكلات. 

ويرى لياو ليتشيانغ أن التجارب أظهرت على مر التاريخ مرارًا وتكرارًا أن العقوبات لا يمكنها حل المشكلات بل تخلق مشاكل جديدة، حين تطبيق عقوبات شاملة وعشوائية، فإن الشعوب عامة هم الذين يعانون، ويدفع المواطن في دول العالم ثمن صراع الدول العظمى من دخله. وحذر السفير الصيني من الآثار السلبية حال استمرار التصعيد بشكل أكبر، فإنه سيؤدي أيضًا إلى حدوث أزمات خطيرة في الاقتصاد العالمي والتجارة والتمويل والطاقة والغذاء وسلاسل الصناعة التوريد، مما يجعل الاقتصاد العالمي الذي يعاني في الأساس من تداعيات جائحة كورونا، أكثر عرضة لخسائر ووضع أسوأ وخسائر لا يمكن تعويضها.

.. وإلى نص الحوار: 

 

ـ كيف تنظرون إلى الأزمة الأوكرانية؟

 

إنني أشعر بالأسف تجاه حقيقة أن الصراع في أوكرانيا لم يهدأ منذ ما يقرب من 40 يومًا؛ مازالت القضية الأوكرانية في تطور حتى يومنا هذا، ومع الظروف التاريخية المعقدة لم تصبح فقط نتيجة التراكم طويل الأمد للتناقضات الأمنية الأوروبية، ولكن أيضًا نتيجة عقلية الحرب الباردة. عند التعامل مع القضايا الأمنية المعقدة، لا يتعين على أحد أن يختار النهج المفرط في التبسيط المتمثل في تقسيم الأطراف والمواقف إلى "صديق أو عدو" و"أبيض أو أسود"، ومن المهم على نحو خاص مقاومة عقلية الحرب الباردة ومعارضة المواجهة بين الكُتل.

 

 

لقد أثبتت الحقائق أن الطريقة القديمة لعقلية الحرب الباردة، لم تعد ممكنة في أوروبا، كما أن ممارسة اختيار أحد الأطراف وتقسيم العالم أصبحت طرقًا لا يكمن الأخذ بها. 

 

كما انه لن يؤدي تقييد العقوبات إلا إلى ضرر متبادل، وزيادة تعقيد الوضع وزيادة حدة التناقض، وليس من العدل جعل دولًا وشعوبًا ليست أطرافاً بدفع ثمن النزاع.

بالنسبة للأزمة الأوكرانية، موقف الصين واضح، عند الاختيار بين الحرب والسلام نقف إلى جانب السلام، وبين العقوبات الأحادية والحوار والتفاوض نقف إلى جانب الحوار، وبين إشعال النار وإخمادها نقف على جانب إخماد النيران. لقد أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه كلما كان الوضع أكثر تعقيدًا، كلما كان من الضروري الحفاظ على الهدوء والتصرف بعقلانية.

 

وأنه تحت أي ظرف من الظروف، يجب أن نظهر الشجاعة السياسية، وخلق مساحة للسلام، وترك مجال للتسوية السياسية. يكمن الحل في أن تظهر الأطراف المعنية الإرادة السياسية، وتركز على الحاضر، وتواجه حقائق المستقبل، وتحاول إيجاد حل مناسب، وعلى الأطراف الأخرى تهيئة الظروف لذلك. تعتقد الصين أن أوكرانيا يجب أن تصبح جسرًا للتواصل بين الشرق والغرب، بدلاً من أن تصبح جبهة أمامية للمواجهة بين الدول الكبرى.

يتعين على الدول الأوروبية أن تسعى جاهدة لبناء هيكل أمني إقليمي متوازن وفعال ومستدام، بدلاً من إعادة تحديد خط المواجهة بين الشرق والغرب.

وبدلاً من خوض حرب باردة جديدة، يتعين على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الدخول في حوار مع روسيا، حيث يدفع فقراء العالم ثمن الصراعات بين القوي العظمى، وهناك بطون جائعة بينما تنفق المليارات تسبب الشقاء والعناء للبشرية على الأرض قاطبة.

 

- ما الجهود التي بذلتها الصين لحل الأزمة؟.. وما الدور الإيجابي الذي تلعبه الصين في الصراع الروسي- الأوكراني؟

 

بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، لطالما قررت الصين موقفها وسياستها على أساس حقيقة الأوضاع، وتعمل بطريقتها الخاصة على تهدئة الوضع وتحقيق السلام في وقت مبكر.

 

في اليوم الثاني من الصراع، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أثناء الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من الرئيس الروسي بوتين على الرغبة في رؤية إطلاق مفاوضات السلام بين الجانبين الروسي والأوكراني في أسرع وقت ممكن.

كما أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ مؤخرًا عدة مكالمات هاتفية مع قادة الدول ذات الصلة؛ وخلال قمة عبر الفيديو كونفرانس مع قادة فرنسا وألمانيا، شرح موقف الصين بشكل واضح، وهو أنه يرى الجانب الصيني ضرورة احترام السيادة وسلامة الأراضي لكل الدول، وضرورة الالتزام بجميع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وضرورة الاهتمام بالشواغل الأمنية المعقولة لكل الدول، وضرورة دعم جميع الجهود التي تساهم في حل الأزمة سلميا. وبذلك تستند جميع مبادراتنا إلى "الضرورات الأربع"، السابقة التي اقترحها الرئيس الصيني شي جينبينغ.

في 25 فبراير، أوضح مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي موقف الصين ذا النقاط الخمس من القضية الأوكرانية، ثم طرح اقتراحًا من أربع نقاط لحل الأزمة في أوكرانيا والمبادرة ذات النقاط الست، بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا. في الآونة الأخيرة، أجرى مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مكالمات هاتفية مع قادة أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا وأطراف أخرى، لتوحيد الرؤى وتقديم المساعدة لتهدئة الوضع ودفع السلام وتعزيز المحادثات.

تعمل الصين على تعزيز محادثات السلام وتؤمن دائمًا أنه فقط من خلال تعزيز جهود المجتمع الدولي لتعزيز محادثات السلام، يمكننا تأمين مساحة للوساطة الدبلوماسية وحل النزاعات، وستواصل الصين الإسهام في ذلك بطريقتها الخاصة.

تلعب الصين دورًا بناء في القضية الأوكرانية، فنحن نسعى للحفاظ على العدالة وندعو إلى السلام ونركز على الأهداف ذات المدى الطويل. نحن ندعم الحوار والتفاوض، ونقدم بنشاط المساعدة الإنسانية لأوكرانيا والبلدان المتضررة الأخرى.

في الوقت الحاضر، قدمت جمعية الصليب الأحمر الصينية ثلاث دفعات من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا، من بينها، الدفعة الثالثة من الإمدادات التي تهدف إلى مساعدة الصليب الأحمر الأوكراني لمساعدة الأطفال النازحين المتضررين من النزاع. كما قررت الحكومة الصينية تقديم دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا بقيمة 10 ملايين يوان.

وهي مساعدة إنسانية جديدة نتيجة لتطور الوضع والاحتياجات الفعلية هناك، وستواصل الصين لعب دورًا بناءً في تهدئة الوضع في أوكرانيا كما أنها على استعداد لبذل الجهود الخاصة للتغلب على الأزمة الإنسانية.

 

 – كيف تقيم العلاقات الصينية- الروسية؟.. هل تعتقد أن الاتصالات والمفاوضات الحالية بين روسيا وأوكرانيا ستساعد في تخفيف حدة الصراع؟

 

في 30 مارس، أجرى مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي كان في الصين لحضور الاجتماع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان.

 

وأشار وانغ إلى أن العلاقات الصينية-الروسية صمدت أمام الاختبار الجديد المتمثل في المشهد الدولي المتغير، قال وانغ إن العلاقة حافظت على مسارها الصحيح، وأظهرت مرونة قوية.

 

وتابع قائلا: إن "الجانبين لديهما رغبة أقوى في تعزيز العلاقات الثنائية، وثقة أشد في دفع التعاون في مختلف المجالات". وأضاف أن الصين تعتزم العمل مع روسيا على دفع العلاقة إلى مستوى أعلى في العصر الجديد، بتوجيه من التوافق الهام الذي توصل إليه زعيما الدولتين.

بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التزمت الصين وروسيا دائمًا بمبدأ عدم الانحياز وعدم المواجهة، وعدم استهداف دول ثالثة لتطوير العلاقات الثنائية. وسيستمر الجانبان في ممارسة التعددية الحقيقية والالتزام بتعزيز التعددية القطبية العالمية وإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية.

 

لقد لاحظت أن كلاً من روسيا وأوكرانيا قد أطلقا إشارات إيجابية في مفاوضاتهما الأخيرة. لطالما اعتبرت الصين أن الحوار والتفاوض هو السبيل الصحيح الوحيد لحل الأزمة الأوكرانية. إننا ندعو روسيا وأوكرانيا إلى التمسك بمنهج الحوار والتفاوض، والالتقاء في منتصف الطريق، والتوصل إلى توافق حول حل سياسي، وتجنب المزيد من تصعيد الموقف، واستعادة السلام في أقرب وقت.

وقال إن الصين تدعم روسيا وأوكرانيا للتغلب على الصعوبات ومواصلة محادثات السلام، كما تشيد بالنتائج الإيجابية التي تحققت حتى الآن في لمفاوضات، وتدعم الهدوء السريع للصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك جهود روسيا وغيرها من الأطراف من أجل منع حدوث أزمة إنسانية واسعة النطاق. علينا أن نتعلم ونستفيد من دروس الأزمة الأوكرانية، وأن نستجيب للمخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف على أساس مبادئ الاحترام المتبادل وعدم قابلية الأمن للتجزئة، وبناء هيكل أمني أوروبي متوازن وفعال ومستدام من خلال الحوار والتفاوض، من أجل تحقيق استقرار طويل الأمد في أوروبا.

 

 – ما حقيقة استغلال الولايات المتحدة للصراع الروسي- الأوكراني للضغط على الصين وتشويه سمعتها؟.. على سبيل المثال قال بعض السياسيين الأمريكيين: الصين كانت تعلم مسبقًا أن روسيا ستقوم بعمل عسكري ضد أوكرانيا.. كانت الصين تساعد روسيا سرًا تقدم الدعم العسكري لروسيا.. ما تعليقكم على هذه التصريحات؟

 

نحن نعارض الاتهامات والشكوك التي لا أساس لها ضد الصين، ناهيك عن أي ضغط أو تهديد. يواصل بعض الأشخاص في الولايات المتحدة نشر معلومات كاذبة والتشهير والضغط على الصين، وهو أمر غير مسؤول للغاية ولن يساعد في حل المشكلة. فقد نفى المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية "الكرملين"، في الرابع عشر من الشهر الجاري، أن تكون روسيا طلبت من الصين تقديم مساعدة عسكرية. تقوم الولايات المتحدة بخلق ونشر معلومات خاطئة من وقت لآخر، وهي معلومات غير مهنية وغير أخلاقية كما أنها غير مسؤولة! إن القيام بذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة تشويه سمعة أمريكا وفقد الثقة فيها من قبل دول العالم.

 

فيما يتعلق بقضايا السلام والأمن، فإن الصين دولة رئيسية لها أفضل سجل وأفضل سمعة. وأي محاولة لطمس جهود الصين وتشويه نواياها هي محاولة غير مسؤولة. نأمل أن تقوم الأطراف المعنية تلك بشيء ما لتخفيف الوضع في أوكرانيا، بدلاً من نشر معلومات كاذبة، وتحويل النزاعات، وإشعال المواجهات، والاستفادة من الفرص من أجل أغراض وأهداف خاصة!

 

 – ما رأيكم في مقارنة موقف الولايات المتحدة والغرب ممثلة بحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة تجاه الصراع الروسي- الأوكراني وموقفها في القضية الفلسطينية؟

لطالما اعتبرنا أن المجتمع الدولي يجب ألا يتبنى معايير مزدوجة، سواء كانت القضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا الدولية والإقليمية الساخنة. يستحق اللاجئون الأوكرانيون التعاطف، واعتبار اللاجئين من الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول أخرى لا يستحقون التعاطف، هذه المعايير المزدوجة غير مقبولة! 

إن الأذى الذي يلحق بالمدنيين الأوكرانيين جريمة حرب، ولكن يمكن أن يمر الأذى الذي لحق بالمدنيين في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وسوريا دون عقاب، هذه المعايير المزدوجة الأخرى غير مقبولة أيضًا!

وصف الهجمات على أوكرانيا انتهاك لمبدأ احترام السيادة، والهجمات على يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وسوريا هي هجمات ومشروعة، تلك المعايير المزدوجة غير مقبولة!

 

في سياق قضية أوكرانيا، يتم التشديد على حرمة السيادة، وفي قضيتي يوغوسلافيا والعراق، يتم الهتاف بأن حقوق الإنسان أعلى من السيادة، هذه المعايير المزدوجة غير مقبولة بنفس القدر!

 

يجب احترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان، ويجب مراعاة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وينبغي أخذ الشواغل الأمنية المشروعة لجميع البلدان على محمل الجد. إذا تخلينا عن المعايير المزدوجة يمكن حل القضايا الساخنة الإقليمية بشكل عادل وسيتحقق حلم السلام الدائم في أوروبا والعالم.

ما أريد أن أؤكده هو أنه لا ينبغي تهميش قضية فلسطين، ناهيك عن نسيانها. إن الظلم التاريخي الذي استمر لأكثر من نصف قرن يجب أن ينتهي. طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ اقتراحا من أربع نقاط لحل القضية الفلسطينية. واعتمد عليها مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في طرح ثلاث أفكار محددة لتنفيذ خطة حل الدولتين؛ وستواصل الصين الوقوف بحزم مع قضية الشعب الفلسطيني.

 

 – كيف أثرت الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد العالمي والعولمة والتعددية؟

 

تتطور الأزمة الأوكرانية إلى ما هو أبعد من التأثير فقط على نفسها، وبدأت آثارها تنتشر في جميع أنحاء العالم. لن يؤدي التصعيد غير المقيد للعقوبات إلى زيادة عرقلة تعافي الاقتصاد العالمي بعد الجائحة فحسب، بل سيزيد من توسع النزاعات وتعقيدها. فيما يتعلق بهذه القضية، فإن معظم الدول، بما في ذلك الصين والدول النامية، لديها مخاوف مشروعة ومواقف مماثلة؛ حيث تعتقد الصين دائما أن العقوبات ليست طريقة أساسية وفعالة لحل المشكلات. أظهرت التجارب على مر التاريخ مرارًا وتكرارًا أن العقوبات لا يمكنها حل المشكلات بل تخلق مشاكل جديدة، حين تطبيق عقوبات شاملة وعشوائية، عامة الشعب هم الذين يعانون.

 

وإذا تم التصعيد بشكل أكبر، فإنه سيؤدي أيضًا إلى حدوث أزمات خطيرة في الاقتصاد العالمي والتجارة والتمويل والطاقة والغذاء وسلاسل الصناعة التوريد، مما يجعل الاقتصاد العالمي الذي يعاني في الأساس أن يصبح في حال أسوأ ويتسبب في خسائر لا يمكن تعويضها.

 

كلما كان الموقف أكثر تعقيدًا، كلما كان من الضروري التفكير بهدوء في عواقب الإجراءات المتخذة. نحن نأمل أن تهدأ جميع الأطراف وتركز على تعزيز السلام والمحادثات بدلاً من تصعيد العقوبات وتكثيف الصراعات.

 

 - لماذا يقارن بعض الأمريكيين بين ما يحدث في أوكرانيا ومطالب الصين بإعادة تايوان إلي الأمة الصينية؟.. وهل تستعيد الصين تايوان بالقوة كما يتوقع البعض؟

 

تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين، وهي تختلف اختلافًا جوهريًا عن قضية أوكرانيا. يقارن بعض الناس في الولايات المتحدة عن عمد بين قضية تايوان وقضية أوكرانيا، وينتهزون الفرصة لتشويه الصين ومهاجمتها، وذلك لدوافع خفية لديهم! هدفهم محاولة خلق أزمة جديدة في مضيق تايوان لخدمة المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية للولايات المتحدة على حساب الشعب على جانبي مضيق تايوان والسلام والاستقرار الإقليميين.

تايوان ليست أوكرانيا، إن تصميم وإرادة الشعب الصيني على حماية السيادة الوطنية ووحدة أراضيها لا ينفصلان. لقد لاحظت أيضًا أنه منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، انتهزت سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي الفرصة للتلاعب بالموضوع، والدعوة إلى "استقلال تايوان".

بغض النظر عن الحيل التي تمارسها سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي، فإنها لا تستطيع تغيير حقيقة أن تايوان جزء من الصين، ولا يمكنها إيقاف الاتجاه العام لعودة تايوان الحتمية إلى الوطن الأم، ولا يمكنها إنقاذ قوى "استقلال تايوان" التي ستنهار في نهاية المطاف.

 

- ما رأيك في المختبرات البيولوجية الأمريكية المكتشفة في أوكرانيا؟

 

لاحظت أن المجتمع الدولي قد أجرى نقاشًا حيويًا للغاية حول المختبر البيولوجي الأمريكي في أوكرانيا. في رأيي، يتعلق الأمن البيولوجي بالمصالح المشتركة للبشرية. على الولايات المتحدة التزام بالتقيد باتفاقية الأسلحة البيولوجية والاستجابة لمخاوف المجتمع الدولي. في الواقع، لطالما كان لدى المجتمع الدولي مخاوف جدية بشأن الأنشطة العسكرية الحيوية للولايات المتحدة في الداخل والخارج. هذه ليست مشكلة تخص المختبر الأمريكي في أوكرانيا وحده، كما أنها ليست مشكلة جديدة ناشئة نتيجة الوضع الحالي. ترحب الصين بالتقييم المشترك للمجتمع الدولي للوثائق التي كشفت عنها روسيا في إطار اتفاقية الأسلحة البيولوجية والأمم المتحدة، كما وستستمع أيضًا إلى التوضيحات من الولايات المتحدة بطريقة عادلة ونزيهة.

 

كما يمكن للمجتمع الدولي أن يغتنم هذه الفرصة لاستئناف عملية التفاوض بشأن إنشاء آليات تحقق للاتفاقية. إن أفضل طريقة للولايات المتحدة لإثبات براءتها هي فتح أبوابها وقبول تحقيقات واختبارات المجتمع الدولي، وسيساعد ذلك في استعادة ثقة المجتمع الدولي في وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها الدولية، كما سيساعد في تحسين المستوى العالمي للأمن البيولوجي.

 

 -  بعض الدول الغربية لا تزال تطالب بزيادة العقوبات على روسيا.. كيف ستتعامل الصين البلد النامية الكبير مع هذه الأزمة؟

تتطور الأزمة الأوكرانية إلى ما هو أبعد من نفسها، مع انتشار آثارها في جميع أنحاء العالم. وفي هذا الشأن، فإن معظم الدول، بما في ذلك الصين والدول النامية، لديها مخاوف مشروعة ومواقف مماثلة.

 

يعتقد الجميع بشكل عام أن:

أولاً، التعامل مع القضايا الدولية والإقليمية الساخنة ليس هناك إلا خيارين فقط هما الحرب أو العقوبات، ولكن الحوار والتفاوض هما الحلان الأساسيان، وفي ظل الوضع الحالي، يجب أن نتمسك بهذا الاتجاه.

 

ثانياً، لا ينبغي تقويض زخم الانتعاش الاقتصادي العالمي. حيث سيؤدي تصعيد العقوبات الأحادية إلى تصدُع السلاسل الصناعية وسلاسل الإمداد على الصعيد العالمي، والإضرار بمعيشة شعوب جميع الدول، وهي غير مسؤولة عن دفع ثمن النزاعات الجيوسياسية والمنافسة بين الدول الكبرى.

 

ثالثًا، لكل الدول الحق في تقرير سياساتها الخارجية بشكل مستقل ولا ينبغي إجبارها على الانحياز إلى أحد الجانبين. عند التعامل مع القضايا المعقدة ووجهات النظر المتباينة، لا يتعين على أحد أن يختار النهج المفرط في التبسيط المتمثل في تقسيم الأطراف والمواقف إلى "صديق أو عدو" و"أبيض أو أسود".

 

ومن المهم على نحو خاص مقاومة عقلية الحرب الباردة ومعارضة المواجهة بين الكُتل. رابعا، يجب احترام الاستقلال السيادي وسلامة أراضي جميع البلدان في جميع الأوقات. يجب أن يطبق هذا المبدأ على جميع الدول والمناطق، ولا ينبغي أن يكون هناك استثناءات، ناهيك عن الأخذ بمعايير مزدوجة. 

 

من بين أكثر من 190 دولة عضو في الأمم المتحدة، لم تشارك أكثر من 140 دولة في التصويت للعقوبات ضد روسيا. وهذا يدل على أن الغالبية العظمى من دول العالم قد تعاملت مع مسألة العقوبات بطريقة حكيمة ومسؤولة. وكما أشار عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية وانغ يي، فإن معظم الدول، بما في ذلك الصين والدول النامية، تعتقد أنه في التعامل مع القضايا الساخنة الدولية والإقليمية، فإن الحرب والعقوبات ليست هي الخيار الوحيد. إن شعوب جميع البلدان ليست مسؤولة عن دفع فواتير الصراعات الجيوسياسية والمنافسة بين القوى الكبرى.

 

كلما كان الموقف أكثر تعقيدًا، كان من الضروري التفكير بهدوء في عواقب الإجراءات المتخذة. ونحن نأمل أن تهدأ الأطراف كافة، وتركز على تعزيز السلام والمحادثات، بدلاً من تصعيد العقوبات وإشعال الصراعات.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز