عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"المستريحين" وثقافة المصريين

"المستريحين" وثقافة المصريين

منذ ثلاثة أشهر تقريبًا، كتبت مقالًا في "بوابة روز اليوسف"، تحت عنوان (النصب وأسعار الفائدة)، أشرت فيه إلى تزايد عمليات النصب على المواطنين، وتنوعها وتعدد أساليبها، لكن الذي أثار انتباهي هو عودة ظاهرة توظيف الأموال بشكل جديد، وهو ما يطلق عليهم "المستريحين"، وهم الذين يضحكون وينصبون على المواطن، ويحصلون على أمواله بزعم تشغيلها وتحقيق عائد مادي كبير وسريع، أكبر مما تعطيه البنوك، وأشرت أيضًا إلى أن أحد أسباب عودة الظاهرة وانتشارها هو تدني سعر الفائدة التي تعطيها البنوك للمواطن، وهي التي يعتمد عليها في مواجهة أعباء المعيشة، وطالبت في المقال أن تكون هناك شهادات ذات عائد قوي لأصحاب المعاشات والأرامل، وغيرهم من الذين خرجوا من سوق العمل. 



 

وللأسف تعود الظاهرة بقوة هذه الأيام، بعد الكشف عن مجموعة من المستريحين في أسوان والجيزة والإسكندرية، حصلوا على ملايين ومليارات من المواطنين بزعم تشغيلها ومنحهم عائدًا سريعًا وفوريًا، أعلى من البنوك، والغريب أن منهم تاجر مواشي وسائق توك توك اسمه البنك، هؤلاء جميعًا ذهب إليهم المواطن بكامل إرادته ورغبته وسلمهم كل ما يملك، ثم يطالب  الدولة- الآن- باستعادة أمواله الضائعة. 

 

والحقيقة أنه لا أحد يريد أن يدرس هذه الظاهرة وأسبابها لكي نضع الحلول لها، فمن ناحية البنوك مسؤولة عن انتشار هذه الظاهرة، لأن سعر الفائدة الذي كانت تعطيه قبل الأزمة الاقتصادية متدنٍ جدًا، ولا يسد احتياجات المودع، وحتى بعدما رفعت سعر الفائدة على الشهادات وتحول الكثيرون من المودعين إلى الشهادات ذات العائد المرتفع، والتي من المتوقع أن تزيد مرة أخرى، الأمر الثاني هو القيود المفروضة على السحب والإيداع، ومصادر الأموال، كل هذه الأمور تجعل المواطن عازفًا عن وضع أمواله في البنوك، وأن يكون فريسة سهلة للنصابين.

 

الأمر الآخر يتعلق بالمواطن نفسه وثقافته، فمن ناحية هو يبحث عن أعلى عائد وأقصى ربح يمكن أن يحققه من استثمار أمواله، هذا من ناحية، وبسبب الفكر السلفي المتغلغل في الصعيد والأرياف ووسط الطبقات الشعبية نجد أن ما رسخ في الأذهان يتعلق بأن فوائد البنوك حرام، وأنها ربا، وأن تشغيل هذه الأموال في التجارة وخلافه، على المكسب والخسارة حلال حتى لو ضاعت هذه الأموال تمامًا.

 

الأمر الأخير المهم، أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي تشهد مصر تداعياتها، أثبتت أن هناك أموالًا كثيرة خرجت من تحت البلاطة، ودخلت في الأوعية الادخارية بالبنوك بعد رفع أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار الذهب والدولار، وأيضًا هناك أموال طائلة تستثمر داخل إطار الاقتصاد غير الرسمي، وبعيدًا عن أعين الضرائب، وأن الدولة عليها أن تسعى بشدة لضم هذا القطاع إلى منظومة الاقتصاد الرسمي، لأن ذلك يعظم إيرادات الدولة ويدعم اقتصادها. 

            

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز