عاجل
الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

عادل القليعي يكتب: موقفنا من الاستشراق

عادل القليعي
عادل القليعي

حتى نكون منصفين وموضوعيين فإن للاستشراق مزايا، صحيح سلبياته أكثر من مميزاته، لكن بما أننا تحدثنا عن السلبيات، فحقيق علينا أن نتحدث عن بعض مميزاته.



وفي نفس الوقت سأقدم بعض الإرشادات والنصائح لمن يحب الكتابة أو البحث في موضوعات الاستشراق.

 فمن هذه المميزات اهتمامهم بالتراث الفكري الإسلامي وإنشاء كراسي لتعلم اللغة العربية واللغات السامية الأخرى، وكذلك إقدامهم على العديد من الترجمات ترجمة تراثنا إلى لغاتهم المختلفة، وأيضا إنشاء العديد من الدوريات والمجلات العلمية كمجلة دير إسلام وكذلك عقد الندوات والمؤتمرات عن الشرق وحضاراته، خصوصا الحضارة الإسلامية، وأيضا الاهتمام بالكتابه والتأليف في مختلف العلوم والآداب والفنون.

فنجد منهم من كتب عن الفلك المستشرق الإيطالي كارل نللينو، وفي الفلسفة سانتلانا، وأيضا جولد تسيهر، بول كراوس وفلهاوزن، فون كريمر وجب، جورج سل، وفي الأدب بروكلمان، وماسينيون صاحب مأساة الحلاج، ولوسياني الذي أعاد نشر كتاب توحيد الباري لمحمد بن تومرت، وهارتمان صاحب كتاب من محمد إلى الغزالي، هونكه مؤلفة كتاب شمس العرب تسطع على الغرب، وروجيه جارودي، وهارتمان الذي ألف كتاب الإسلام تاريخ وعقيدة، وغيرهم كثر.

وإذا كان ذلك كذلك فإننا لا ننكر الفكر الاستشراقي ولا آراء المستشرقين وإنما ندعو كل من هو مهتم بهذا الشأن أن يأخذ حذره ويعد عدته جيدًا قبل الخوض في قراءة هؤلاء فالبعض منهم يدس السم في العسل ويبدأ لك بمقدمات تروق لك وينشرح لها صدرك ثم تفاجأ بخلاف ذلك طعن في علماء الدين والفلاسفة والمفكرين فخذوا حذركم جيدا وتسلحوا بسلاح الفهم الجيد فبعضهم يبدي من طرف اللسان حلاوة ويروغ منا كما يروغ الثعلب، أقول البعض وليس الكل.

لذلك أعددت عدة نقاط لمن أراد أن يخوض مضمار الكتابة عن المستشرقين، لكم أن تقبلوها أو تناقشونني فيها.

أولها: إذا كان هناك علم يسمى الاستشراق له تعريفاته وأهدافه ومناهجه، فإنه ينبغي علينا أن نقدم على علم آخر من وجهة نظري إن تمت دراسة مبانيه وأصوله دراسة حقيقية سيكون ذلك فتحًا في مجال الدراسات الإنسانية، هذا العلم هو علم الاستغراب، بمعنى دراسة الغرب وتاريخه وحضاراته من أجل الاستفادة منه.

ثانيها: لا بد لنا أن نتصدى للجوانب المظلمة للاستشراق، وذلك عن طريق الرأي وقبول الرأي الآخر، ونقوم برد منطقي على كل الشبهات التي أثارها بعض المستشرقين حول الفكر الشرقي، مثال ذلك قول بعض المستشرقين بالمعجزة اليونانية، وأن العرب مجرد نقلة وليس لديهم أدنى إبداع ولا تفكير وأن علومهم مستمدة من الغرب.

ثالثها: استخدام لغة الحوار المنطقي عن طريق عقد الندوات والمؤتمرات المحلية والعالمية ودعوة المستشرقين إلى مؤتمراتنا ومطالبتهم بدعوتنا إلى مؤتمراتهم وكل فريق يعرض بضاعته عرضا موضوعيا دقيقا.

رابعها: أن نطرح العنصرية والتحزب والتشرذم، فليس ثم إلا شعب واحد وكون واحد يدين لرب واحد بالطاعة والولاء، وأن العقل هبة ربانية بل وهو أعدل الأشياء قسمة بين الناس، فلما شرق ولما غرب، لما الجنس السامي ولما الآري الأوروبي.

والرسول وجميع الرسل رفضوا هذه القسمة.

خامسها: لا بد أن نعرض بموضوعية الحوار القرآني في مختلف القضايا محل الخلاف عرضا عقليا.

سادسها: لا بد أن نوضح للجميع أن القرآن لم ولن يقف حجر عثرة في سبيل التقدم في كل المجالات، بل هو دعوة صريحة للمواكبة والمعاصرة، بل يدعو إلى التقدم في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفلسفية.

سابعها: لا بد أن نعترف بفضل المستشرقين وجهودهم إذ إن هناك كثيرا من فلاسفة الاسلام لم نكن نعلم عنهم شيئا ولولا مترجمات المستشرقين ما علمناهم مثل ابن السيد البطليوسي المعروف باللغوي، لكن آسين بلاسيوث قدم لنا كتاب الحدائق الذي يوضح فلسفة البطليوسي، أرجو أن تقرءوا هذه المقالة بتؤدة لعل فيها الإفادة والاستفادة.

أستاذ الفلسفة الإسلامية

آداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز