عاجل
السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
وزير التعليم .. نظريا وعمليا

وزير التعليم .. نظريا وعمليا

بقلم : محمد عبد النور

بعد قليل سيبدأ العام الدراسى الجديد، وسيبدأ النظام التعليمى الجديد الذى تم الإعلان عنه بشكل مفاجئ فيما يخص سنوات التعليم قبل الجامعى، وفيما أثار أيضا الكثير من الجدل، حول ما إذا كان النظام الجديد للتعليم قد استوفى حقه من الحوار المجتمعى، أو ما إذا كان قد تم تداوله فى أوساط المعنيين بتطبيقه، خبراء مناهج دراسية وصناعها وواضعيها.



 مدرسين عليهم أن يطبقوا هذه الأساليب الجديدة، أبنية تعليمية من مدارس مفترض أن تحتوى على الوسائل اللوجستية والتقنية الحديثة التى ستتيح سلاسة تطبيق النظام الجديد. نظريا.. من المؤكد أن د.طارق شوقى وزير التربية والتعليم اختزل الكثير من الطاقات المهدرة فى وقت ضائع امتد لعقود مضت، من المكلمات و النظريات البائسة والتجارب العقيمة التى امتنعت عن اعتبار التعليم وسيلة حتمية لأى مجتمع يبحث عن الارتقاء بحياة أفراده أولا قبل أن يصبح دعامة أساسية لنهضة وطن بأكمله بكل عناصر النهضة المعروفة فى المجتمعات المتقدمة، إلى أن أصبح الحصول على مجموع الثانوية العامة هو العنوان الرئيسى لعملية التعليم فى مصر والهدف الأكثر إلحاحا على الأسر المصرية. بغض النظر عن المحتوى التعليمى ولا القيمة المُضافة للتنمية ولا الإسهام المجتمعى، ولا على الأقل ضمان وظيفة تحتاجها قوى السوق الوظيفية ولا ... ولا...، من الأهداف العظيمة التى تبنى عليها المجتمعات السوية وتحقق بها الدول تصنيفها فى قوائم الدول المتقدمة.. ونظريا أيضا، من المؤكد أن العنوان العريض الذى أعلنه د.طارق شوقى من هدف أساسى هو هدف نبيل..  فى تحويل التعليم فى مصر إلى استمتاع ذهنى ووجدانى يشكل شخصية ابتكارية تنمو تراتبيا بسنوات الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية، فتصبح مؤهلا ذهنيا ووجدانيا وعمليا للدراسة الجامعية، أن يصبح التعليم فى حد ذاته هدفا للارتقاء الإنسانى، وليس وسيلة للحصول على مجموع الثانوية العامة والالتحاق بالكلية - أى كلية - فمؤهل عال، بغض النظر أيضا عن أن صاحبه سينضم إلى جملة العاطلين، أو سيصبح من المتسابقين لهثا وراء وظيفة عادة لا تتعلق بتحصيله الدراسى، أو سيكفى خيره شره كزبون دائم من زبائن القهاوى والكافيهات على ما تفرج. أدوات د.طارق شوقى هى.. بنك المعرفة، البحث فى مواقع المعلومات والدراسات، مجموعات العمل المشترك من بين التلاميذ، مدرسون تم تدريبهم، مدارس تم إعدادها، الحصول على إجازة الالتحاق بالتعليم الجامعى عبر تحصيل تراكمى فى سنوات الثانوية العامة الثلاثة، وهى أدوات بديهية إذا أردنا أن تكون مخرجات العملية التعليمية فى مصر فى إطارها الصحيح وسياقها الطبيعى. عمليا.. أعود إلى أول السطر.. الثانوية العامة والتى يبدأ تطبيق نظامها الجديد من هذا العام، فمن المدهش أن نظام التحصيل التراكمى المعلن عنه لم تتضح كيفيته ولا وسائله للطلاب المطبق عليهم النظام هذا العام، أى مواد دراسية؟ علمية وأدبية، مواد إجبارية واختيارية، نظام ساعات دراسية أم نظام آخر، آلية الالتحاق بالكليات الجامعية، تنسيق بالمجموع أم اختبارات خاصة بكل كلية؟.. وزير التعليم رفع إيده وأعلن أنه قرار التعليم العالى!! فإذا تمسكت وزارة التعليم العالى بالتنسيق على حسب المجموع فما قيمة النظام التراكمي؟.. ولا نقضيها بوكليت وخلاص. عمليا أيضا.. التعليم قبل الجامعى.. فى المدارس.. وإذا كان الهدف النبيل فى الاستمتاع بالتعليم وهو قائم أساسا على ذهنية المدرس الذى عليه أن يتعلم ويؤمن ويتشبع بالأساليب التدريسية المرجوة قبل أن يعلم التلاميذ ويدربهم على التحصيل المعرفى الذاتى وهو ما يحتاج الى سنوات من الإعداد والتجهيز وأيضا الملايين من المخصصات المالية المهولة..

فهل تمت الإتاحة التدريبية والمالية للتطبيق؟ عمليا.. للمرة الثالثة.. إذا ما افترضنا توافر الأبنية التعليمية وتجهيزها بالتقنيات اللوجستية الحديثة التى تتيح التحصيل الدراسى الإلكترونى عبر شبكة الإنترنت، وهو افتراض شديد الصعوبة فى التصديق طبقا للمواقف على الأرض من نقص فى المدارس ويوم دراسى لفترتين وثلاثة وكثافة فصول مع تواضع المخصصات المالية، والتابلت الذى سيكون بديلا للكتاب المدرسى سواء فى المدرسة أو فى المنزل أو فى الكافيه طبقا لنظرية د.طارق شوقى، بما يتطلب سرعات عالية للإنترنت، وليس سرا أن مصر لا تزال حتى الآن وفى المستقبل المنظور وطبقا للتصنيف العالمى ضمن أقل سرعات الإنترنت فى العالم. نظريا أتمنى من كل قلبى تحقق الإصلاح التعليمى فى مصر.. وعمليا هناك غياب واضح لأدوار وزارات التعليم العالى والإسكان والاتصالات والمالية فى تحقيق هذا الإصلاح. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز