

محمود الجمل
تفكيك المفكك ..؟ 1 / 2
بقلم : محمود الجمل
نحن امام قطار طويل يسير وسط صحراء ممتدة , صحراء معتمة , قاحلة , لايسمع فيها صوت الا صوت الذئاب الجبلية الليلية, تعوي بلا توقف , وتواصل النحيب بلا كلل, تبرق عيونهم في العتمة , ينتظرون فرائسهم , يراهنون علي ان الطرائد ان لم تلتهمها انيابهم سوف يموت معظمهم من الخوف وتتخشب اجساد الباقي من الرهبة.
نحن أمام حالة استثنائية في حياة امة من المفترض انها - أمة عظيمة - الا ان هذه العظمة التاريخية , اخذت في التآكل بفعل موجات " النحر " الوحشية والاكتناز الكافر للأموال , جبال من الصكوك والاوراق المالية والأسهم والسندات والعقارات والسيارات والعقارات واليخوت والطائرات , السعي الجشع نحو - ابدية مستحيلة - رغم ان امكانية الرحيل المفاجئ والانتقال الدامي والموجع كان مثاله الباكي - رحيل الحفيد - لعل الجد والجدة والأب والعم, يرتدعون ويدركون ان - يد الله فوق ايديهم - الا ان الكفر بالآخرة - ليس بإنكار حدوثها , بل بعدم تصور اهوالها - والأقبال المفرط علي الدنيا , جعلهم ينكرون الاشارة ولايرتدعون من الامارة , وصاروا في غيهم يلعبون , حتي ادركهم زئير المكلومين في الميادين .
انها النكبة عندما تحل بالجميع , والغفلة عندما لاتستثني احدا , وغرور القوة عنما يغشي اعين اصحابه , كان يمكن لمن يسمون - بالاسلاميين - ان يتركوا تشكيل الجمعية التأسيسية بالكامل لمن يسمون بالقوة - المدنية - دون مزاحمة ودون محاصصة ودون بحث عن تمثيل نرضي به هذا ونحرم منه ذاك , الا اذا تصور القوم انهم ان غابوا جاء هؤلاء وقاموا بحذف المادة الثانية من الدستور وانكروا ماهو - معلوم من الدين بالضرورة - وبالتالي وجب البقاء واشهار الأسلحة , فماكان الا ان تربص بهم الجميع .
وهؤلاء الاسلاميون وان صدقت نوايا معظمهم , الا ان علي النبهاء منهم ان يعترفوا بأن من بين القوم فصيل لم ينتبهوا الي ان من يجلسون علي الجانب الاّخر من النهر ينتظرون مرور - جثثهم
اكثر منهم خبرة في شئون الدسائس وحبك المؤامرات , فكان ماكان من تدبير , افضي الي حل لمجلس الشعب , رغم ان قانونه تم وضعه بمعرفة - المجلس العسكري - بعد ان استشاروا احد قضاة المحكمة الدستورية فأشار عليهم بأنه لاوجه للطعن في مسألة الثلث والثلثين , والحقيقة ان بعض الاسلاميين - الأغبياء - لم يدركوا ان مسألة اجراء الانتخابات بنظام المناصفة هو الأجدي لهم وهو النظام الذي يستطيعون بواسطته الحصول علي الاغلبية , ولو راجعوا النتائج الخاصة بانتخابات المقاعد الفردية , التي صنعوا مليونية خاصة من اجلها , لوجدوا ان معظم الفائزين ممن ينتمون لما يسمس بالتيار الاسلامي .
وهذا طبيعي نظرا لاتساع الدوائر وعدم امكانية معظم المرشحين المستقلين ان يحققوا تواجدا عريضا في دوائر ممتدة ومتسعه , وبالتالي - لو كانوا يفهمون - لقاتلوا من اجل المناصفة .
النقطة الثانية ان مسألة ترك هذا النصف من المقاعد للمرشحين المستقلين - الفرديين - ايضا مسألة لايمكن ادراكها او الأمساك بها , فهذه المقاعد الفردية من الصعب قصرها علي مرشحين محددين بدعوي عدم انتمائهم لأحزاب , فالان معظم النخب والثوار والنشطاء , صاروا اعضاء في احزاب جديدة , وبالتالي عندما يفتح باب الترشيح لانتخابات نيابية , سوف لاتجد هذه الاحزاب الا الدفع بهذه الوجوه والتي باتت - شبه معروفه - بفعل الظهور في الفضائيات , ولعل نجاح عمرو حمزازي ومصطفي النجار , لم يكن الاتطبيقا عمليا لمرشحي الفضائيات .
ايضا من السهل جدا ولامجال للطعن في من يقوم بالترشح علي المقاعد الفردية , حتي ولو عرف عنه الانتماء لاحد الاحزاب القائمة , لأن القانون لايستطيع منع كائن من كان من الاستقالة من حزبه والتقدم لعملية الترشيح منفردا , لأن عضوية الاحزاب ليست قيدا علي الفرد ولايمكن منع مواطن كامل الاهلية من التقدم باوراقه منفردا بدعوي انه كان عضوا بحزب ما .
اذا نحن امام حالة من الكيد العام و الحقد العام والكره العام والحسد العام والاستكبار العام والاستقواء العام . نحن امام حالة تفكيك كبري لمجتمع مفكك اصلا , يتحدثون عن البدو , ثم يكون السؤال من اي قبيلة , عليقات , جرارشه, ترابين .. الي اخر المسميات . يتحدثون عن حق النوبيين , ثم ينفجر السؤال عن اي نوبيين تتحدث , عشرات البطون والافخاذ. الصعيد , عن اي صعيد , اشراف , عرب , هوارة .
, انها النكبة يديرها البعض من داخل الغرف المعتمة المصمتة , لايرون فيها الا انفسهم انها الغفلة التي ادركت القوم فظنوا انهم مستيقظون .ء
اخر الكلام
" يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "