

بقلم
أكرم السعدنى
عبدالله كمال وماهر سامي.. صاحب المواقف.. وصاحب الحكمة!!
12:00 ص - الثلاثاء 17 يونيو 2014
بقلم : أكرم السعدنى
صحيح الحياة موقف واختيار وأنت تكتسب احترام الآخر عندما تؤمن بشىء ثم تمضى العمر كله فى الدفاع عنه حتى لو كان هذا الأمر ليس هو الصواب بعينه، ذلك لأن هذا الزمان المعيب الذى نعيشه يشهد تقلبات الخيارات والمواقف تماما كما يختلف الليل والنهار.. وقد كان الزميل العزيز عبدالله كمال من هؤلاء الذين إذا آمنوا بأمر ما بذلوا الغالى قبل الرخيص فى الدفاع عنه وقد انحاز عبدالله كمال إلى دائرة جمال مبارك.
وكان يظن أن الخير قادم على يديه إذا ما أتيحت له فرصة حكم هذا البلد وإلى لجنة السياسات انضم عبدالله كمال ودافع عن النظام دفاع المستميت ، ولكن ما حدث بعد 25 يناير وسقوط مبارك وضياع أحلام الفتى جمال شاهدنا العشرات ممن يسمون الإعلاميين ولسان حالهم يقول.. للخلف در.. وبالفعل أعطوا قفاهم لمبارك ورجاله ونظام حكمه بل شاركوا فى حملة منظمة لتشويه هذا العصر بأكمله وبعضهم ركب الموجة الثورية وأصبح ولا أبو زيد الهلالى فى عصره وأوانه.. نعم البعض ممن يتصدرون المشهد الإعلامى فعلوا هذا وهو أمر لو تعلمون مشين، ولكن عبدالله كمال ثبت على المبدأ وحده ودافع عن النظام بكل ما أوتى من قوة وحرص على الظهور فى وسائل الإعلام كمحام يدفع عن موكله كل التهم ويمسح عنه ما لحقه من غبار دون أن يتقاضى أتعابا عن هذه المهمة المستحيلة ، ولذلك اكتسب عبدالله كمال احترام معارضيه.. وقبل ذلك احترام زملاء المهنة.. فعبدالله كمال.. وقد كنت أختلف معه جملة وتفصيلا فى كل ما يكتب إلا أننى أجد نفسى قارئا مستديما ومتابعا مدققا لكل ما يكتب، فهو يحلل ويدقق ويتابع ويربط الأشياء ويجد الدلالات ويبحث عن الحجج ويغلف ما يكتب بأسلوب راق وأى كاتب إذا افتقد الأسلوب أصبح عديم المعنى معدوم القارئ وقد كان له أسلوب متميز وكانت لديه بلاغة فى التعبير فكان حديثه جاذبا للأسماع.. وقد سنحت لى الظروف أن أعمل معه فى جريدة روزاليوسف اليومية التى عادت إلى الظهور بعد انقطاع لأكثر من سبعة عقود ومنحنى مساحة متميزة فى الصفحة الأخيرة، والحق أقول أننى من خلال هذه المساحة هاجمت (الحزب الوطنى والرئيس مبارك ولجنة السياسات ودافعت عن عدو النظام الأكبر فى ذلك الزمان أستاذنا الأكبر محمد حسنين هيكل وسبحت ضد التيار السائد فى الجريدة وتحملنى الصديق العزيز عبدالله كمال طيلة شهرين كاملين ثم اعتذر بلطف.. فالجريدة هى لسان حال لجنة السياسات ولم يكن من الطبيعى أن تفتح ذراعيها بالمراحب الحارة لأحد المعارضين لعملية التوريث، ومع ذلك لم تسبب هذه الواقعة أى خلاف، ولم تخلف أى غضب، بالعكس فقد كنت عن طريق هذه المطبوعة أستشف السياسات المرسومة وأتوقع ما سوف يجىء من حوادث فى قادم الأيام وقد نجح عبدالله كمال فى أن يترأس المطبوعتين الأولى مجلتنا عظيمة الأثر فى عالمنا العربى بأسره روزاليوسف والثانية الجريدة التى أعادها هو إلى الحياة، وأشهد أن روزاليوسف فى عصر عبدالله كمال كانت تجيد صنع التوليفة الصحفية وأنها ارتفعت بمستوى التوزيع وحققت السبق الصحفى على الدوام ، وهذا أمر ليس بغريب على عبدالله كمال الذى انطلق فى عالم الصحافة بفضل موهبة دفينة بلاشك ولكن حظه الحسن هو وجيله الذى يضم الأساتذة إبراهيم عيسى وإبراهيم منصور ومحمد هانى وإبراهيم خليل وجدوا أنفسهم عازفين فى فرقة يقودها المايسترو الذى قاد الفريق إلى قمة الأمانى الأستاذ عادل حمودة.. صحيح أن الخيارات بعد ذلك فرقت شمل الفرقة الماسية الذهبية وقد استطاع كل عازف أن يتحول إلى مايسترو فانفجروا كما القنبلة العنقودية بعضهم أصدر صحفا وبعضهم اتجه إلى عالم الفضاء وكلهم أصابوا الشهرة ولعلنى أذكر كلمات الأستاذ والصديق العزيز وحيد حامد الذى خرج علينا ذات يوم فى إحدى الفضائيات وقد جاءت سيرة عبدالله كمال فانبرى الرجل للدفاع عنه قائلا:
إنه أشرفهم جميعا فهو لم يغير جلده ولم يخالف رأيه ولم يتلون !! وبالفعل كان هذا هو موقف عبدالله كمال الذى وقف فى صف جمال مبارك ، واعتقد فيه ودافع عن رأيه حتى بعد أن سقط النظام ولم يعد يملك ضرا ولا نفعا.. وقد وقف عبدالله كمال أيضا موقفا اختلفنا فيه كثيرا حول أحد الأطباء الذين هبطوا علينا بالبراشوت يمنى النفس بمكان تحت الضوء الساطع داخل لجنة السياسات وبمنصب أثير هو وزارة الصحة.. وكنت أعتقد أنه طبيب يجيد عمله الجراحى ويعترف بأن الطب هو صنعة لا يدخلها سوى ملائكة الرحمة.. وقد صدمنى ما وجدت عند عبدالله كمال من أساليب تؤكد فساد ظنى فى الطبيب إياه الذى ثبت أنه اتخذ من الطب سلما للصعود إلى الشهرة والسياسة والبرلمان والوزارة..
رحم الله عبدالله كمال الصحفى الذى اختلفنا معه ولم نختلف عليه.. صحيح أن رحلتك فى الحياة كانت قصيرة.. ولكن أثرك كان أكبر من العمر الذى انقضى... نسأل الله لك.. الرحمة.. والمغفرة
∎ الحكيم .. ماهر سامى!!
أعادتنى كلمات أستاذى مفيد فوزى فى المصرى اليوم إلى تلك اللحظة التى شعرت فيها بالفخار ولمست ارتفاع قامتى إلى السماء إنها اللحظة التى وقف فيها وقد تمثل الشموخ فى شخص رجل انسابت البلاغة على لسانه وطاعت له الكلمات ودانت له الحكمة وتوفرت له أسباب الخطابة وفنونها وقف الرجل أمام الأمة وحوله أعضاء المحكمة الدستورية العليا واثنين من رؤساء الجمهورية فإذا به يرتجل كلمة هى من بنات أفكار أديب لا يقل عن قامة العقاد وطه حسين استمعنا إليه واستمتعنا بحلو حديثه ونبرات صوت دافئ ليس بينها وبين القلب أى عائق رجل أدهشنا وأبهرنا وسحرنا.
نعم .. فإن من البيان لسحر هذا الرجل هو السيد المستشار ماهر سامى الذى به نفخر ونعتز ونباهى الأمم.. فمصر على الرغم من عصر مبارك البغيض الذى جرف أهل الكفاءة والعلم لم يستطع أن يقضى على نبوغ ونباهة وتفرد وعظمة أبناء هذا الوطن لقد كانت السعادة من نصيبنا أيها المستشار الجليل وقد أحسست أن المكان الذى يرمز إلى حضارتنا الفرعونية فى بنائه الفريد يضم أيضا خبيئة إنسانية نادرة الوجود محلها المختار هو هذا البلد العجيب الذى انصهرت فيه كل الأديان وكل الأعراق وكل الغزاة وكل البشر الذين تعاقبوا عليه ليخرج إلى الوجود هذا الخليط من العباقرة الذين استوعبوا ثقافته المتسامحة ورقيه فى التعامل مع الآخر ورفضه لأصحاب شهادات التخلف الفكرى والعقلى.. يا عمنا المستشار الجليل ماهر سامى... بمثلك من الرجال يرتفع مقام هذا الوطن نسأل الله لك العمر المديد حتى تفيد هذا البلد بما حوى عقلك وقلبك من علم وعاطفة لمسها الأمى والجاهل ونصف المتعلم والمثقف لقد خاطبت الأمة بأسرها... فأسرتها بسحر الحديث.. أطال الله بقاءك!!
تابع بوابة روزا اليوسف علي