عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الكابالا .. ومؤامرات إبليس (3)

الكابالا .. ومؤامرات إبليس (3)

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

استعرضنا من قبل بدايات دين إبليس (الكبالا) وكيف استطاع إبليس توفير المناخ الملائم لظهور دينه بمسميات مختلفة عبر التاريخ البشري بتقسيمهم وإثارة العداوة والبغضاء بين البشر مدفوعين بشهواتهم ورغبات التسلط والتميز وجبروت نفوسهم على بعضهم البعض ، وكيف توغل في كل الفرق والجماعات ومسميات الأديان والأمم والشعوب حتى استطاع تزوير مفاهيم الدستور الكامل للبشر وهو القرآن وتفشت ضلالاته بين المسلمين فانقسموا لبضع وسبعين فرقة وجماعة بالإضافة لنجاحه الباهر في تزوير الأديان السماوية من قبله كاملة وبيد البشر وخاصة اليهود والذين يمثلون أخلص عبيده وأتباعه عبر العصور منذ عصر رسولهم (موسى) وحتى يومنا هذا .



 

وكلمة الكابالا كما يقول اليهود في كتبهم بالمعنى الحرفي تعني (أن يستقبل) الكابالا (بالعبرية : קַבָּלָה Qabbalah "تلقي"؛ قابالا) هو فرع ومدرسة فكرية تهتم بالجانب الروحاني من اليهودية الربانية ، ولذلك يعتبرونها ديانة سرية لأنها كما يدعون أنها عبارة عن مجموعة من التعاليم الباطنية تهدف إلى شرح العلاقة بين الخالق الأبدي الغامض والكون الفاني المحدود (خلقه) ، ومن كتاب الكشف عن الكابالا  "" The kabbalah unveiled ... الكابالا .. هي مذهب الباطنية اليهودية. تسمى في العبرية QBLH وهي مشتقة من الجذر العبري Qibel ويعني أن يستقبل ، وهذه التسمية تشير إلى التقليد (أو العرف) بنقل المعرفة شفاهةً وتعتبر تقليد أو تراث ، كما ورد في التقاليد القديمة ، فبعض تعاليم الكابالا تعود إلى آلاف السنين وانتقلت من المعلم إلى المريد شفاهة ، والبعض الآخر حديث العهد وهو المكتوب ، ومن المعروف تاريخيا أن الكابالا لم تعرف مكتوبة إلا في القرن الثاني الميلادي وظهر لها كتاب معلن لمن يريد تعلمها بينما اختفى تماما كتاب الكابالا العليا ولم يكن يعرفه سوى أفرادا معدودين من اليهود الذين نجحوا بعد ذلك بقرنين في طمس الإنجيل وتزويره وتأليف وإصدار الأناجيل الأربعة المعروفة حاليا في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين الرابع ، وتتابع ديانة الكابالا تقدمها وتوغلها في حياة البشر مرورا بفرسان المعبد عبر قرون طويلة ووصولا لنجاحهم في إصدار الدستور السياسي للكابالا مكتوبا والملقب بـ (الماسونية) في القرن الثامن عشر الميلادي (1774م) والذي تم تنقيحه ليصدر في صورته الأخيرة على يد بنيامين فرانكلين صاحب الصورة المركبة على هرم وعين الماسونية على الدولار الأمريكي .

 

وتنقسم الكبالا إلى أنواع ثلاثة رئيسية متدرجة تبعا لوظيفتها وخدامها أو تابعيها وهي (الكابالا الثيوصوفية) و (الكابالا النبوية) و(الكابالا العملية) ، أما الأولى والمسماة بالكبالا الثيصوفية أو المسماة بـ (كبالا  السفيروت) عبارة عن كتابات الكابالا الكلاسيكية مثل الزوهار ، وهي تختص كما يدعون بالإطلاع على فكر الخالق وكيف أن أفعالنا تؤثر على المقدس وتعكسه وإنها ترسم العالم كله في شكله المقدس خصوصاً العشرة (سفيروت) وهي كلمة غير قابلة للترجمة ولكن أحد معانيها "الانبثاقات او التجليات" وكأحد الاستعارات يمكننا أن نصف (التجليات)السفيروت على أنها عشرة أجزاء مختلفة من الزجاج الملون من خلالها يضيء النور اللانهائي ، ويدعون أن العالم يوجد ويظهر كما هو لأن الله أظهر الذات الإلهية من خلال هذه التجليات ، والتي تحوي نور الله المحتجب بدرجات أكبر حتى يصل إلى آخر تجلي  "الملكوت" [malchut] التي تمثل تمام احتجاب النور الجوهري لله ، ولا شك أننا إذا أمعنا الفهم فيما يقولونه عن الثيوصوفية سنكتشف أن هذه الهرطقة والهرتلات ظهرت بقوة في بعض كتب الديانتين المسيحية والإسلام خاصة لدى الأصوليين في المسيحية والصوفية في المسلمين .

 

أما النوع الثاني فهو (الكابالا النبوية) وهي تختص بـطرق تحقيق الاتحاد مع الله ،  والذي يؤدي إلى النبوة ، حيث  تستخدم الكابالا النبوية مفهوم هيكل التجليات ، ولكنها تولي تركيزاً أقل على فهم أسطوريتها ورموزها، وتركيزاً أكثر على التقنيات اللازمة لتغيير العقل من أجل أن يتفتح للواقع الحقيقي لهذه اللحظة الآنية (الله) ، وهذا المذهب (الكابالا النبوية) أحياناً يسمى كابالا النشوة من قبل العلماء ، وكغيرها من أشكال التأمل ، فإنها تُنتج تجارب عديدة من تقنية النشوة هذه ، وبالرغم من ذلك فإن هذا المسمى يعتبر مضللاً إلى حد ما ، لأن التجارب في هذا التيار تعتبر أقل أهمية من الأفكار التي تم تلقِّيها ، ولا شك أن الكبالا النبوية مطبقة بحذافيرها في الديانة المسيحية على نطاق واسع حاليا حيث يعتبر رعاة الكنائس والبابوات هم أنبياء مقدسين ، وكذلك الحال في أمراء الجماعات الصوفية والإخوان والسلفيين والوهابين في الإسلام وهو بالقطع بهتان وضلال وشرك يمارس منذ توغل الكابالا في مفاهيم الأديان السماوية .

 

أما هي (الكابالا العملية) فهي النوع الثالث من الكابالا، وتسمى أحياناً الكابالا السحرية ، -فإذا كانت الثيوصوفية تسعى إلى فهم المحدود واللانهائي، والكابالا النبوية تسعى إلى الانتقال من المحدود إلى اللانهائي ، فإن الكابالا العملية تسعى إلى الانتقال من اللانهائي إلى المحدود، أي تطبيق معرفة الكابالا الثيوصوفية لتغيير العالم ، وتشمل الكابالا العملية الممارسات الباطنية المختلفة مثل (العرافة ، التهجير من النفوس ، عالم الملائكة والشياطين والأساطير) وتقلل الكابالا العملية والثيوصوفية في ظاهرها من قيمة السحر لأنه يسير في الاتجاه الخاطئ ، ومع ذلك فإن بعضاً من أقدم نصوص الكابالا هي الصيغ السحرية والطلاسم ، وأكثر أشكال الكابالا شعبية اليوم هي التي تستخدم السحر بقوة في إسرائيل وفي الشرق كله ، والمعالجين الكاباليين يقدمون العلاج من كل شيء من العقم إلى الاكتئاب ، وفي أمريكا مركز الكابالا يستخدم سحر الزوهار ، بل ويستخدم سحر الكبالا سرا على أيدي كثير من الرهبان في الأديرة المنعزلة في مصر والشرق الأوسط على نطاق واسع وأحيان في الكنائس لخدمة الرعايا وتخليصهم من سيطرة الشياطين كما يدعون .

 

ولا داع للتعرض للمباديء الأساسية للكابالا ، لأنها مجموعة من المبادئ المهلهلة فيما بينها وتتعارض مع أي نفوس سليمة الفطرة أو لديها بعض العلم الحقيقي وعلى رأس هذه المبادئ على رأسها (الإله) والذي يدعون كذبا أنه الله وهم يقصدون به إبليس وهو ما سوف يتضح للمتوغل في قيم الكبالا وممارساتها في النهاية حيث لا يمكنه الرجوع أو التراجع وإلا خسر حياته ، ثم يضاف للإله أربعة مبادئ كمبادئ أساسية هي (السلم وهو سلم رؤيا يعقوب – الانكماش والاحتجاب للإله – السيفروت أو التجليات – العوالم ) وتنقسم التجليات إلى عشرة مكونات هي (الحكمة - الذكاء - المعرفة – والعطف - القوة - الجمال والتناغم -  النصر والغلبة - الروعة المتمثلة في العظمة والجلال – القوام – الملكوت) وتسمى أعلى درجات التجليات بـ كيترا أو سفيرا التاج ، أما العوالم فتنقسم إلى سبعة عوالم متتالية ( النور اللانهائي – عالم على صورة الأصل أو المستوى الأول للحقيقة – مستوى الفوضى – عالم الانبثاق أو الأول – العالم الثاني أو عالم الخلق – العالم الثالث أو عالم التشكيل – العالم الرابع أو عالم الفعل ) ، والملاحظ على تقسيمات الكبالا أنها تخيلات بشرية عما يجهلونه ولم تره العيون ، خاصة وأنهم أخفوا تماما التوراة الأصلية والإنجيل الأصلي وأوقفوا تماما أية محاولات لفهم أو تدبر آيات العلم في القرآن ليصبح المفسر الوحيد والمعروض للدنيا هي (الكابالا) ، والتي تمتلك بعض المصداقية بتحقيق حلول لبعض مشاكلهم المستعصية على أرض الواقع بالسحر والسحر الأسود .

 

تلك هي (الكابالا) التي هي دين إبليس وهي الأساس الذي انبثق منه كل الضلال والبهتان عبر تاريخ البشر وهي الدين الأصلي لفرسان المعبد الذين روعوا أوروبا في القرون الوسطى وسيطروا على الكثير من قصور الحكم وعائلاتهم وامتدت سيطرتهم الماسونية حتى العصر الحديث والتي ما زال التاريخ الروسي على سبيل المثال يذكر كاهن الماسونية الأشهر (راسبوتين) والذي مارس أبشع عمليات السيطرة العلنية والجنسية لإبليس على قيصرية روسيا التاريخية كاملة ، ليهدمها أيضا على أيدي رجاله المخلصين من أشبال الماسونية الذين جهزوا وأعدوا ونفذوا الثورة الروسية ، ولا عجب فإبليس هو من يصنع الانحراف ويرعاه وهو من يصنع الثورة عليه ويرعاها حتى لا تحيد عن منهاجه وهو أسلوب يمارسه حتى مع البشر الفرادى والجماعات ، ولعل ما يمارسه اليوم أمام أعيننا مع الجماعات المتطرفة بين المسلمين ليس بغريب ، فهو من صنع الشيعة فالصوفية ثم الوهابية والسلفية والإخوان والجهاديين ومولهم بإمكانيات أتباعه من كوادر الماسونية من حكام دولهم وسيطر عليهم بأيدي رجاله من الماسونية الكونية والعليا في أروقة المخابرات التابعة والخاضعة ، وأقنعهم ويبارك ويؤيد قناعاتهم بأنهم أصحاب الحق المطلق فأفسد دينهم ودنياهم وجعلهم منبوذين من مجتمعاتهم وهم مصرين بتعاليمه ومبادئه على الشذوذ والانحراف النفسي والفكري والعقائدي استكمالا لمخطط تخريب دينهم وبلادهم بأيديهم ، خادعا جميع الأطراف بما فيهم كوادر الماسونية الكونية والعليا من رجاله المخلصين بأفكار وأساطير لا علاقة لها بالحقيقة ليظلوا خداما له ليوم الدين ، وهو ما سوف نتناوله تفصيلا في وقت لاحق ..

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز