شكري وميكرفون الخنزيرة..

بقلم : محمد يوسف العزيزى

لو فعلها وزير خارجية آخر تختلف بلده مع الكيان القطري وألقي ميكرفون قناة الخنزيرة في وجه مراسلها ولم يكتف بإزاحته من أمامه فقط كما فعل سامح شكري وزير خارجيتنا .. لهلل وصفق له هؤلاء الذين يعترضون علي شكري الآن ويصفون سلوكه بأنه خروج عن سياق الدبلوماسية النظيفة !

لعلنا لا ننسي حجم التهليل وعبارات البطولة والجسارة التي أطلقها البعض من الهائمين حبا في ( قردوغان ) وقت أن كان رئيسا لوزراء تركيا عندما انسحب من منصة إحدى ندوات منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا احتجاجا على منعه من التعليق على مداخلة مطولة للرئيس الإسرائيلي بيريز بشأن الهجوم الإسرائيلي على غزة وترك أردوغان مقعده غاضبا وغادر المنصة بعدما احتج على منعه من الكلام ، وكان عمرو موسي حاضرا هذه الندوة ، وقامت الدنيا موسي ولم تقعد لأنه لم ينسحب من الجلسة احتجاجا علي كلمة بيريز عن غزة .. انهالت الكلمات واللكمات علي موسي رغم أن موقف قردوغان لم يكن أكثر من شو إعلامي أراد أن يكسب به تعاطف البعض ، وأراد أن يعزز شعبية حزبه في تركيا بدليل الاستقبال الشعبي الأسطوري الذي قابله به الأتراك مدفوعين بحشد حزب العدالة والتنمية التركي .

البعض من الذين يهاجمون شكري لأنه ألقي ميكرفون الخنزيرة بعيدا عن المنصة وصفوا قردوغان عند انسحابه بالبطل والفارس الإسلامي الغيور علي بلده ودينه بينما يعتبرون شكري ضعيفا وخائفا من مجرد ميكرفون لقناة فضائية ، البعض يري أن شكري ما كان يجب أن يفعل ذلك لأن الدبلوماسية المصرية لها تقاليد يجب أن تحترم ، وهذا البعض كان سوف يصفق ويهلل لو فعلها وزير خارجية آخر ، وكانوا سيصفونه بالشجاع والبطل الذي يرد الصاع صاعين !

هؤلاء المتحولون قالوا في قناة الخنزيرة ما قال مالك في الخمر ، وطالبوا باتخاذ موقف من هذه القناة ومن قطر ، وعابوا علي القيادة السياسية التباطؤ في عدم اتخاذ موقف حاسم تجاه كل الممارسات العدائية التي تفعلها هذه القناة العميلة ، والغريب أن تصدر عبارات إدانة سلوك الوزير المحترم من بعض من يدعون ضرورة أن تحافظ مصر علي كرامتها وتتخذ دورها الطبيعي باعتبارها الدولة الأكبر والأقدم في المنطقة .. حالة انفصام حاد في الشخصية !

البعض قال أن إبعاد ميكرفون الخنزيرة خسارة لأنها فضائية واسعة الانتشار وكان يجب أن يصل صوت مصر إلي العالم عن طريقها .. هذا البعض ينسي ما تبثه هذه القناة علي مدار الساعة ضد مصر وضد سياساتها الجديدة من تحريض وافتراءات وكذب ودعم للإرهاب ، وقال من كانوا بالقاعة أنه لم يكن أمام الوزير ميكرفونات لفضائيات أخري غير الجزيرة باستثناء ميكرفونات القاعة مما يدعو للتساؤل لماذا الخنزيرة وحدها ؟ البعض قال أن المقصود هو سماع الحوار الجانبي بين شكري ومساعديه ، وبصرف النظر عن أي تبرير لما فعله الوزير سامح شكري ، ومع احترامي لكل تقاليد الدبلوماسية المصرية فإنني أري ما فعله شكري يتسق مع موقف غالبية المصريين من هذه القناة ومن هذه الدويلة التي تناصب مصر العداء بشكل سافر ووقح وتريد لمصر أن تركع لأسيادها أو تسقط لا قدر الله .

آراء بعض المنبطحين والمتنطعين لا تقلل من قيمة وقامة وزير الخارجية الذي تصرف بوطنية ووضوح تجاه قناة عميلة ودويلة معادية نطالب بأن تتخذ القيادية السياسية في مصر موقفا واضحا منها لأنها تهدد أمن مصر القومي وأمن المنطقة العربية كلها ..هؤلاء أيضا انتقدوا بشدة وزير الخارجية السابق نبيل فهمي بسبب ليونة مواقفه وكانوا يطالبونه باتخاذ مواقف حادة أو يستقيل ولم يتحدث أحد منهم عن تقاليد الدبلوماسية المصرية .. آراء المنبطحين لا تخلو من غل يملأ نفوسهم وقلوبهم لأن مصر تتحرك للأمام ، ولأن مصر تسترد اعتراف العالم بما حدث في 30 يونيو ، ولأن مصر تستعيد ثقة العالم في قدرتها علي أن تكون رمانة ميزان المنطقة ، ولأن مصر عادت طرفا أساسيا في معادلات المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي والدولي !

المنبطحون والانتهازيون وتجار المواقف علي حساب الوطن .. موتوا بغيظم .. الوطنية والانتماء ليسا وجهة نظر .. وتعظيم سلام سامح شكري