عاجل
الخميس 14 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
ورب ضارَّة.. نافعة!
بقلم
محمد نجم

ورب ضارَّة.. نافعة!

بقلم : محمد نجم

يبدو أنه كتب على حكام مصر أن يتحملوا ما تنوء عن حمله الجبال، وخاصة فى السنوات الأخيرة، حيث لم ينجُ منهم أحد من الاتهامات والتشكيك، فالرئيس جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو والذى أعاد الكرامة لغالبية الشعب المصرى، اتهم بالديكتاتورية، وكذلك فعل البعض مع الرئيس السادات قائد نصر أكتوبر الذى حرر الأرض المحتلة، فقد اتهمه البعض بالتفريط فى الحقوق المصرية بتوقيعه على اتفاقية كامب ديفيد، ومن بعده الرئيس مبارك الذى أعاد بناء مصر ونهض باقتصادها، اتهم بالفساد، وأخيرا الرئيس السيسى الذى وضع حياته على كفة وقاد ثورة يونيو 2013، ادعى البعض أنه باع جزيرتين مهملتين للسعودية!



 

ولكن من حسن الحظ أن هذا «التصرف» المرفوض لا يمثل جموع الشعب المصرى الذى يثق فى قادته ووطنيتهم، وإنما يأتى من «نفر» قليل ولأسباب خاصة لكل منهم.. ويبدو أنهم لن يتغيَّروا فتلك «طبيعة» بعضهم حتى يظل مزاحما فى الكادر الإعلامى أو استمرار التواجد فى الساحة السياسية!

ومن رحمة ربى على مصر وشعبها أن بعض هؤلاء لم يصل إلى مبتغاه فى تولى مسئولية سياسية أو تنفيذية وإلا كانت النتائج كارثية..

والغريب أن البعض من هؤلاء لا يملك غير «الكلام» الذى هو دخان فى الهواء قد يؤذى أعين البعض فلا يرون الحقيقة كاملة، ومن ثم ينخدعون بمعسول الكلام ويشذون عن الركب الصحيح.

وللأسف الشديد أن بعض هؤلاء الذين يركبون موجة المعارضة حاليا يعلمون تماما أن بعض القضايا الوطنية- خاصة فى المراحل التمهيدية- لا تناقش فى «قعدات» الكافيهات أو المصاطب، ولكنها تحتاج لبحث ودراسة متأنية من متخصصين ثقات بعيدا عن الضغوط الجماهيرية والملاحقات الإعلامية.

كما أن بعض هؤلاء يعلمون أيضا أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المتبادلة مع الالتزام بالواجبات وعدم التفريط فى الحقوق، ومن ثم يجب أن يكون الحكم على الإجراءات التنفيذية لتفعيل تلك العلاقات، قائما على معايير موضوعية لا مجال فيها للعواطف التى تتأثر بالإشاعات المغرضة التى لا تستهدف الصالح العام، وإنما مجرد النكاية وإشاعة البلبلة.. ليس إلا!

ويحضرنى فى هذا المجال «الاجتماع الهزلى» الذى عقد بحضور رموز المعارضة الحالية لمناقشة قضية سد النهضة وتأثيرها على حصة مصر من مياه النيل، والذى كان يذاع على الهواء مباشرة، حيث كان «فضيحة» مدوية جلعت العالم كله يتعاطف مع إثيوبيا ضد مصر التى تريد أن تضرب السد بالطائرات.. علنا!

لقد كتبت من قبل عن جمهورية «الفيس بوك» حيث لا ضابط ولا رابط لما ينشر على الصحفات الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعى، وللأسف الشديد.. كثيرا من الإعلاميين المصريين أصبحوا يعتمدون على تلك الصفحات كمصادر للأخبار مع أنها مجرد انطباعات وآراء لصاحب الصفحة الذى قد تكون علاقته بالقضية المثارة كعلاقتى بلعبة كرة القدم.. حيث أكتفى أحيانا بالمتابعة من خلال شاشات التليفزيون خاصة عندما يلاعب فريقنا القومى.. فريقا أجنبيا!

والمعنى من كل ما تقدم أنه لابد أن نترك «العيش لخبَّازينه» عندما يتعلق الأمر بالقضايا القومية ذات الأبعاد الاستراتيجية أو المرتبطة بعلاقتنا مع دول أخرى خاصة الشقيقة منها.

وهل هناك أفضل من الرئيس عبد الفتاح السيسى لحسم قضية تيران وصنافير فهو ابن القوات المسلحة.. مدرسة الوطنية المصرية.. والذى فوضناه وانتخبناه وأمَّناه على مصر بشعبها وأرضها.

وهل هناك «خبازون» أفضل من المخابرات العامة والمخابرات العربية وهيئة المساحة بالقوات المسلحة وغيرها من الأجهزة الوطنية المسئولة.. التى درست تلك القضية بكل أبعادها وتداعياتها.

وهل هناك من يستطيع أن يفتى فى الموضوع بعد القول الفصل من أستاذنا د. مفيد شهاب صاحب الباع الطويل فى هذا المجال والجهد المشكور فى قضية طابا وأيضا بعد الشهادات المعلنة من القامات المصرية المعروفة مثل عمرو موسى ود. مصطفى الفقى ود. عاصم الدسوقى ود. عبد العظيم رمضان ومحمد حسنين هيكل.. وغيرهم!

qqq

لا أرغب فى إعادة الحديث عن الوثائق أو الخطابات المتبادلة فكلها منشورة.. ويستطيع من يرغب قراءتها ويتأكد بنفسه- بعيدا عن الغرض والهوى- أن الجزيرتين لم يكونا أبدا ملكا لمصر وإنما كانت تحميهما بسبب ظروف النزاعات والحروب المتكررة مع العدو الإسرائيلى، ومن ينظر إلى الخرائط بعين حيادية سوف يرى أنهما أقرب للساحل السعودى مقارنة ببعدهما عن الساحل المصرى عند منطقة شرم الشيخ بخليج العقبة.

ولكن أود الإشارة إلى مجموعة من الملاحظات كشف عنها الجدل الإعلامى حول الجزيرتين.

أولهما: أن أغلب المعارضين لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية هم من معارضى النظام الحالى فى كل الأحوال والحالات.. وأغلبهم من الإخوان وبعض الناصريين واليساريين.. وبعض الشباب الذى يرفع شعار «الثورة مستمرة» بحجة أنها لم تحقق أهدافها.

كما أن البعض من المعارضين صاحب موقف معلن من السعودية، فهو يعارضها على طول الخط، سواء لأسباب دينية، أو بسبب اجترار الماضى وما حدث فى حرب اليمن القديمة والتى شاركت فيها القوات المصرية، بينما ساندت السعودية وقتها نظام الائمة!

والغريب أن تأتى المعارضة من الذين يرفعون شعارات القومية العربية، وضرورة التكامل العربى سياسيا واقتصاديا بسبب وحدة اللغة والتاريخ أو المصير المشترك.

وللأسف احتكر البعض «صكوك الوطنية» وأخذ يوزعها على معارضى اتفاقية الترسيم، وينفيها عمن أيدوها.

ألا يعلم هؤلاء أن الشعب يعلم ماضيهم وحاضرهم وأن لا شىء «يستخبى» فى مصر؟!

وألا يعلم هؤلاء أن البحر الأحمر غنى بالثروات المعدنية والبترولية والغاز وأن الاتفاقية سوف تتيح لمصر الحصول على كامل حقوقها من تلك الثروات بدلا من أن تستنزفها شركة أكسون موبيل والتى تقوم حاليا بالتنقيب فى المنطقة المواجهة لجزيرة شدوان بالبحر الأحمر؟.

وألا يعلم هؤلاء أن المنطقة بصدد إعادة التشكيل فى التحالفات للتصدى لما يحاك بها فى الخفاء، ومن ثم هناك ضرورة لحسم القضايا المعلقة ومنع أسباب الخلاف مستقبلا؟.. وحتى تتفرغ الدول العربية لما هو أهم.. ومنها تأسيس القوة العربية المشتركة والتى تمنع مستقبلا تكرار التدخل الخارجى فى شئوننا العربية، كما حدث فى ظل ما سمى بالربيع العربى الذى أوصل كلا من سوريا وليبيا واليمن إلى ما هم عليه الآن؟.

qqq

على أية حال.. وإن كان ما حدث قد أثار بعض الاستياء بسبب المغالطة وخلط الأوراق، إلا أنه كشف حقيقة الجميع.. سواء كانت خلايا نائمة، أو معارضين بالوكالة، أو مزايدة على وطنية الشعب المصرى الذى يقف خلف قيادته الحكيمة التى لم تفرط ولن تفرط فى شبر واحد من الأراضى المصرية.

ورب ضارة نافعة.. فقد كشفت الأحداث حيوية المصريين وتفاعلهم مع قضاياهم القومية..

حفظ الله مصر.. وسدد خطى قيادتها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز