

د. أحمد الديب
مستشفي سوهاج الجامعي... ..غزو التكاتك !.
بقلم : د. أحمد الديب
تعجب صديقي من إجابتي عندماسألني: كم يبعد عنا الخليج في مضمار الرعاية الصحية ، فأجبته: يبعد عنا مئة سنة أو يزيد، فعلق بقوله : لعلك تقصد مئة سنة ضوئية . منذ قليل، بث لي صديقي النابغ الدكتور كرم علام، أستاذ جراحة التجميل بطب سوهاج شجونه لما آلت عليه الأوضاع في مستشفي سوهاج
الجامعي ، فبعث لي برسالة ذات شجون ، هذا نصها:
رسالة إلى من يعنيه أمر الوطن،
منذ سنوات قليلة كنت ادرس الدكتوراة في إحدى الجامعات الأمريكية وكنت استيقظ كل صباح وأمشي إلى عملي وانا أفكر عما سيتم في جدول اليوم؛ تقنية جراحية جديدة، أساليب تشخيصية مبتكرة، أبحاث معملية عن الخلايا الجزعية، وغيرها وأنهيت دراستي وتدريبي وعدت إلى الوطن، واليوم أمضي إلى عملي بالمستشفى الجامعي بسوهاج وانا أفكر ليس في شيء مما سبق ولكن في كيفية وصولي إلى باب المستشفى عبر ذلك الحصار المزمن الذي ينصبه التوكتوك حول أبواب المستشفى ويفرضه الباعة الجائلين على أسوار وأرصفة الجامعة، ما هي فترة الانتظار التي ساقضيها انا وغيري من الزملاء العاملين بالمستشفى لإقناع البلطجية المحاصرين للأبواب ليسمحوا لنا بالدخول، ماذا لو تحرشوا بنا لفظيا أو اعتدوا علينا بدنيا أو حطموا سياراتنا، ماذا نفعل وإلى أين نذهب؟
تعلمنا منذ القدم أن الشكل جزء من الوظيفة لذلك بنى أجدادنا الفراعنة معابدهم بهذه التصميمات المهيبة ونفس السبب كانت تصميمات المساجد والكنائس والمعابد وكانت تصميمات المكتبات ودور العلم؛ الشكل جزء من الوظيفة والمهابة جزء من الرسالة وان كانت الهيبة من نافلة القول في بعض المؤسسات فهي للجامعة فرض لا يستغنى عنه، كيف يشعر الطبيب وطالب الطب والمريض الذي يتردد على جامعة استبيحت أسوارها الباعة الجائلين فعلقوا عليها بضاعتهم من ملابس أطفال وقمصان نوم وعباءات واستباح أبوابها الباعة المتجولين وسائقو التوكتوك واستباحت ارصفتها وواجهاتها شركات الدعاية والإعلان فلا تستبعد أن تجد واجهة المستشفى المجاني تقابلك بإعلان ضخم عن مستشفى خاص أو مركز طبي بلا مراعاة للقيم أو المثل العليا التي هي للجامعة روحها وكينونتها، أنقذوا مستشفى سوهاج الجامعي من تغول الفوضى وحصار العشوائية وحصنوا أسوارها بالجمال والقيم وانتصروا للفضيلة ويسروا على المترددين من مقدمي الخدمات وأصحاب الحاجات قضاء حاجاتهم.
وهكذا اختتم الدكتور كرم علام نداءه ، يستصرخ عقولا وضمائر والسنة واقلاما ، من فتك كل ما هو رديء ومن بطش كل ما هو سيء بمستشفي سوهاج الجامعي .ولا تزال ثلة من أقرانه يستحثون الناس علي التغيير ويدفعون البعض دفعا . بهم سيكون التغيير حتميا ، لم يصبهم اليأس ولن يصيبهم . يكفيهم شرفا أن يقولوا قولا سديدا في أزمنة الخرس.