عاجل
الخميس 14 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
أفيقوا.. يرحمكم الله
بقلم
محمد نجم

أفيقوا.. يرحمكم الله

بقلم : محمد نجم

تخيل نفسك فى سباق للجرى.. تحاول الوصول إلى نقطة النهاية حتى تحصل على جائزة مالية تستخدمها فى علاج ابنك المريض!



بينما من خلفك يتعمد أن يجذبك من ملابسك.. يمنعك من الاستمرار فى السباق.. ليس إلا!

فماذا تفعل؟

عن نفسى.. ولو حدث ذلك معى.. فسوف أستدير للخلف لأوجه له ضربة قوية تطرحه أرضا..

ثم أستكمل محاولتى.

طبعا.. فالموقف يغيظ..

فلا هو يحاول، ولا سايبنى أحاول،

وكل همه - فقط - ألا أنجح فيما أسعى إليه!

هكذا الحال فى مصر الآن، يد تبنى ويد تهرى على الفيس بوك.. من نخبة تاهت بوصلتها، وشباب مدعى الثورية و«كتائب إلكترونية» تحاول تصفية حسابات سياسية.

طيب هؤلاء وغيرهم من الذين لا يعملون ويحاولون منع غيرهم من العمل.. ألا يلبسون؟ وألا يأكلون؟ وألا يسكنون ويتحركون فى كل مكان؟ فمن الذى يوفر لهم ما يأكلونه ويلبسونه ووسائل الانتقال التى يتحركون فيها وبها، وأيضا المساكن التى يصدرون من خلالها «إحباطاتهم» لبقية الشعب العامل؟

بالطبع من يقوم بكل ذلك.. هم «الناس» الطيبين من أهل مصر الذين يواصلون الليل بالنهار فى عمل جاد من أج-*ل الحصول على «رزق حلال» متوكلين على الله.. سائلينه دوام الصحة والستر.

نعم.. قد يكون هناك خلاف فى «وجهات النظر» حول موضوع أو قضية ما، وهو أمر صحى ومطلوب ودليل على حيوية المجتمع.. وقد يكون هناك معارضون لنظام الحكم الحالى، هذا طبيعى جدًا.. والمعارضة موجودة فى جميع البلاد ومن قديم الأزل.. و«المتكلمون» يقولون دائما.. إن المعارض يشد أزر المفاوض!

كل ده مطلوب.. ولكن اللى مرفوض أن نقطّع هدوم بعض..

وألا نعمل.. وأن نحاول إعاقة من يعمل.. لأن معنى ذلك أن نستورد شعبًا آخر يخدمنا!

يا أيها «المستهترون».. لقد نجح أجدادنا وآباؤنا المؤسسون لمصر العصيه على المحن أن يتركوا لنا ميراثا نفتخر به.. تركوا لنا بلدًا يوصف بـ «درة الشرق».. ودفة الحركة فى المنطقة، بلد زاخر بالإمكانيات.. متنوع الأنشطة وإذا كان البعض لا يرغب فى الإضافة إليه، فالأغلبية لن تسمح له بهدمه أو الانتقاص منه.. وإذا كانت الدول - مثل الأفراد - قد تصاب بوعكة صحية.. فإنها فقط تمرض ولكن لا تموت، فالأفراد زائلون ولكن الدول باقية..

وجرت العادة - على مر التاريخ - أن كل جيل يسلم راية دولته مرفوعة للجيل الذى يليه، وإن قصر منهم جيل.. فسرعان ما يعالج الجيل اللاحق هذا التقصير.. هكذا تجرى الأمور.. والأمر بديهى.. ولكن يبدو أننا نحتاج لأن نتذكر الكثير من البديهيات المتفق عليها والمعمول بها فى كل زمان ومكان.

qqq

لقد استفزتنى وضايقتنى كثيرًا التعليقات السخيفة من البعض على شبكات التواصل الاجتماعى بشأن ما طالب به الرئيس من تجميع «الفكة» فى صناديق خاصة.. لإمكانية استخدامها فى تحسين أحوال مواطنينا المقيمين فى المناطق العشوائية، أو استخدامها فى بناء مدارس للتعليم أو مستشفيات للعلاج.. وهو «أمر» معمول به فى كل الدول شرقية كانت أو غربية.. نامية أو متقدمة.. وليست بدعة نخترعها نحن المصريين، بل كلنا نذكر حملة «القرش» التى استخدمها البعض فى بدايات القرن الماضى لإقامة مصانع للطرابيش أو «نعال» للحفاة فى مصر.. وقتها!

ونظرًا لأننى قرأت وكتبت كثيرا فى الاقتصاد يمكننى القول إن المسألة لا تتعلق بالفكة فقط ولكن تتعلق أيضا بمعدلات الادخار فى مصر والتى لم تتجاوز حاليا 12% من حجم الدخل القومى، فى حين أننا إذا كنا نرغب فى رفع معدلات النمو الحالية فى الناتج المحلى الإجمالى من 5% حاليا إلى 8.7% خلال السنوات المقبلة فلابد أن يرتفع معدل الادخار إلى أكثر من 20% على الأقل.

وبالطبع الكل يعلم أهمية رفع معدلات النمو فى الاقتصاد القومى.. وما يعنيه ذلك من توافر فرص عمل لمواجهة ظاهرة البطالة بين الشباب والخريجين، ويعنى أيضا زيادة الإنتاج لمواجهة الطلب المتزايد على السلع والخدمات بسبب زيادة السكان.. مما يعنى فى النهاية - بإذن الله - تحقيق التوازن بين العرض والطلب.. أى ثبات الأسعار إن لم تنخفض.

هذا ما شرحه بالضبط رئيس الجمهورية بكلمات بسيطة وبلغة يفهمها الجميع، بينما بعض الأخوة الاقتصاديين يعجز عن ذلك بسبب تمسكه بالمصطلحات الاقتصادية «المجعلصة» مثل التمويل بالعجز والاختلال الهيكلى والاقتصاد الكلى والمنفعة الحدية وغيرها من التعبيرات التى اخترعها المنظرون للاقتصاد الدولى!

المسألة ببساطة.. وكما شرحها الرئيس: هانشتغل.. يعنى هاننتج.. يعنى هتاكل وتلبس وتسكن وتتعالج وتعلم ولادك وعلشان نشتغل يعنى لازم يكون فيه مشروعات أو مصانع.. وأعتقد أن الكل يعلم أن الدولة حاليا تنفذ العديد من المشروعات وتقيم الكثير من المصانع سواء بتمويل ذاتى أو بالاقتراض من البنوك المصرية أو من الخارج.

وهذه القروض سوف تمثل عبئا على الموازنة العامة - بسبب أقساطها وفوائدها - كما أنها ستكون ميراثا ثقيلا للأجيال المقبلة.. والدولة تحاول تسرع عجلة الاقتصاد فما يتم حاليا ليس كافيا بسبب الزيادة السكانية المتطردة والمتوقعة.. ولا نستطيع التوسع فى الإقراض للأسباب السالف الإشارة إليها، فلماذا لا يساهم المجتمع فى تسريع الوتيرة؟

نعم.. هناك القطاع الخاص.. والأهلى (الاقتصاد غير المسجل).. ولكننا نحتاج للأكثر..

فماذا لو جمعنا «الفكة» التى لا تغنى ولا تسمن من جوع على المستوى الفردى، ولكنها مجمعة يمكن أن تحقق الكثير.

وببساطة شديدة نحن أكثر من 90 مليونا ولو كل أسرة مكونة من خمسة أفراد، فلدينا حوالى 18 مليون متعامل يوميا، أطرح منهم 8 ملايين فقراء، فلن يقل عدد المتعاملين القادرين بالاستغناء عن تلك الفكة عن 10 ملايين مواطن يوميا.

ولو كل واحد منهم ترك جنيها - فى المتوسط - فى الصندوق المخصص لذلك فسوف يتجمع لدينا 10 ملايين جنيه فى اليوم، وسوف يرتفع المبلغ إلى 300 مليون جنيه فى الشهر.. مع العلم أن الطعمية الواحدة بقت بجنيه.. وكوباية العصير بـ 2جنيه.. وتذكرة الأتوبيس فى المتوسط بجنيه ونصف، بمعنى أن الجنيه مايجبش حاجة حاليا، ولكن لو جمعناه فسوف يحقق المبلغ المشار إليه شهريا.

وإذا تجمع لدينا 300 مليون جنيه كل شهر - مساهمات من المواطنين القادرين - ألا يمكن أن نقيم كل شهر مدرسة جديدة؟ أو مستشفى صغيرا للإسعافات السريعة؟ أو نستكمل المبالغ المطلوبة من رجال الأعمال المحترمين والبنوك المصرية لتطوير منطقة عشوائية جديدة ونوفر حياة كريمة للقاطنين فيها، أليسوا جزءا من الشعب.. ولا علشان ماتولدوا فقراء لازم يعيشوا فقراء؟!

 

هذا هو الموضوع ببساطة.. المليان يكب على الفاضى.. وبماذا؟ بما لا يستخدمه أو يستغنى عنه مجبرا، ألم يقل رسولنا الكريم إن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد أزر بعضه بعضا، وأليس المجتمع كالجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعت له سائر الأعضاء..

ألا توجد فى أدبياتكم ما يسمى بـ «ثورة الجياع» والتى إن حدثت - لا قدر الله - سوف تأتى على الأخضر واليابس لديكم؟

أفيقوا يرحمكم الله.. واحمدوا ربكم على نعمة الستر والصحة.. وزكوا عن أنفسكم فالزكاة تطهر أموالكم.

 

حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز