عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصطفى محمود وتجديد الفكر الدينى "2"

مصطفى محمود وتجديد الفكر الدينى "2"

بقلم : د. عزة بدر

من أهم ملامح تجربة مصطفى محمود فى محاولة فهم عصرى للقرآن الكريم أنها تميزت بإعمال العقل فى فهم النصوص الدينية الكريمة، بل وفى النظر إلى المعنى الحقيقى للتدين، وقد كانت مداخله كلها لدراسة هذه القضايا تتصل باحتياجات الفرد، وحرية إرادته، الفرد الذى يعيش فى مجتمع قد تؤدى الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية فيه إلى أزمة لمواطنيه التى قد تكون أزمة روحية بالدرجة الأولى.

• المكون الدنيوى
كما أن مناقشته للجوانب الحياتية واتصالها بجوهر الدين تؤكد أهمية المكون الدنيوى وحضوره المحسوس فى النص القرآنى والأحاديث والسنة والسيرة النبوية وهو ما دفعه لمناقشة قضية «الشفاعة»، ومدى مسئولية الإنسان عن أفعاله «مُسيّر أم مُخيّر»، بل تعرض للعديد من القضايا المعاصرة مثل نظام الحكم فى الإسلام، والديمقراطية والشورى، والاجتهاد فى تفسير النصوص الدينية.



• الدين.. ما هو؟
وفى مقالة له بعنوان: «الإسلام ما هو»؟ يقول: «الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة، ولا توجد فى الإسلام وظيفة اسمها رجل دين».. وهو ما يتفق مع رأى أمين الخولى: «إن هناك صورا من الرياسة الدينية، وليس فى الإسلام مشيخة ولا شيخ، ولقب المفتى من هذا النوع فأهل الفتوى ليسوا محصورين فى واحد، ولو كان هذا المفتى مجتهدا لما كان قوله ملزما لأحد فكيف وهو مقلد ينقل من الكتب فيحسن النقل والتطبيق أو يسيئه» «مجلة الأدب» العدد السابع، السنة الثامنة، ديسمبر 1963، ص 491».

ويدعو مصطفى محمود إلى البحث عن جوهر الدين، عن الإيمان الذى وقر فى القلب ويصدقه العمل، ويعلى من مسئولية الإنسان عن أفعاله فيقول: «إنك حر مسئول لم تولد عبثا، ولا تحيا سدى، وإن موتك ليس نهايتك، وإنما سيعبر بك إلى غيب من حيث جئت من غيب، والوجود مستمر، وهذا الإحساس يورث الرهبة والتقوى والورع، ويدفع إلى مراجعة النفس، ويحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة ويصوغ من نفسه وجودا أرقى كل لحظة، هذه الأزمة الوجودية المتجددة والمعاناة الخلاقة المبدعة والشعور المتصل بالحضور منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت، والإحساس بالمسئولية والشعور بالحكمة والجمال والنظام والجدية فى كل شىء هو حقيقة الدين».

ويعرف مصطفى محمود «الدين» فيقول: «إنه حالة قلبية، شعور، إحساس باطنى بالغيب، وإدراك مبهم لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية مهيمنة عليا تدبر كل شىء».

وتأتى العبادات والطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية التى هى عين الدين وكنهه وجوهره، لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم عن أبى بكر الصديق: إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة، ولكن بشىء وقر فى قلبه».

«مصطفى محمود: الإسلام ما هو؟، دار العودة - بيروت، ص 5- ص 7».

ومن هنا يرى مصطفى محمود «أن الإحساس بالغيب هو روح العبادة، وجوهر الأحكام والشرائع، و المعنى الحقيقى للدين هو الهجرة إلى الله كدحا، وقد قال تعالى: «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه»، الآية 6 سورة الانشقاق.

فلا شىء غير الكدح يعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة، والجهاد النفسى تقربا إلى الله هذا هو الدين وهو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو زيًا رسميًا.

• الذات قدس الأقداس
المداخل الأدبية والبيان الرشيق وعذوبة الكلمات كانت جزءا من الخطاب الأسلوبى لمصطفى محمود فى مخاطبة قرائه بحثا عن زمن آخر خاص يعيشه كل واحد منا فى نفسه ويضبط عليه وجوده، وفيه يملك قراره وحرية إرادته، وحرية عقله وهو ما يتفق أيضا مع رؤية أمين الخولى عندما نادى بتحرير العقيدة تحريرا واعيا فيقول: «آمنوا بالسببية لتعيشوا عصر العلم»، ويأخذ على رجال الدين أنهم لم يستطيعوا أن يقدموا الدين بصورة حية تؤمن بالعلم، وتمسك على الناس إيمانهم، ولا تبلبل أفكارهم بين درس علمى وإيمان ينكر العلم» «مجلة الأدب: العدد السابع، السنة التاسعة، ديسمبر 1964، ص 399».

أما منهج مصطفى محمود فقد كان يعتمد أيضا على تحرير الإرادة الإنسانية، والعقل الإنسانى فأكد أن الإنسان مُخير فيما يعلم، ومُسير فيما لا يعلم فالروح سر، وذواتنا قدس الأقداس، قائلا: «إن الله يضع كل جنده على باب ذاتنا، كما يقول طاغور فقد خلقت حرة كالطائر الغرد فإذا هتف امرؤ: «ماذا هناك؟ ماذا وراء الباب؟.. ماذا بداخلى؟!» فيجيبه: «إرادة.. إرادة لا نهائية لا حد لها إلا نفسها، إرادة حرة خالقة مبدعة تنبثق انبثاقا».

ويمضى كاتبنا فى وصف حرية الإرادة الإنسانية فيقول: «فى اللحظات التى أحس فيها أنى أخلق الأفكار والقيم وأكتشف العالم أحس بأنى أدفع العالم كله أمامى.. أدفعه كعربة، وفى اللحظات التى أسقط فيها فى هذه العادة والتكرار والتقليد والمجاملات والروتين تضيع إرادتى من يدى.. أحس بأن العالم كله يدفعنى أمامه كالعربة، لا شىء فى الدنيا أكبر من الإرادة.. الظروف المالية، والبيئة والوراثة لا تلغى الإرادة، ولا تمحو الحرية أبدا.. ولكنها تؤثر فيها، وتؤثر فى الكيفية التى تعلن بها عن نفسها، الإرادة كالشوق لا يوصف وإنما يكابد، وأحسن طريق لمعرفتها هى أن تباشرها فهى المفتاح السحرى الذى تفتح به الكون كله».

«لغز الموت»، الأعمال الكاملة، دار العودة، بيروت، د. ت، ص 74».

• زمن المؤمن
تطلع مصطفى محمود إلى زمن خاص يؤمن فيه بذاته وحرية إرادته وقدرته على الفعل على أساس أنه ذات مسئولة وحرة، وقدس أقداس فيتساءل: ما هو الزمان؟ هل هو حركة عقرب الثوانى والدقائق والساعات؟ هل هو دقات ساعة الجامعة؟ هل هو الأرقام العامة التى تنشرها مصلحة الأرصاد عن توقيت الأيام والليالى، وساعات الظهر والمغرب والعشاء؟.. أم هو زمن آخر خاص يعيشه كل واحد منا فى نفسه ويضبط عليه وجوده؟ فيقول: إننا بهذه الأسئلة نبلغ المنطقة التى يكثر فيها الضباب وتصعب الرؤية لأننا نريد أن نبحث فى الإرادة ذاتها.. حقا إن المجتمع يضغط على الفرد وعلى حريته، ولكن العقل يستطيع دائما أن يقلب هذا الضغط إلى مصلحة ومنفعة وحرية بأن يكتشف ببصيرته القوانين التى تربط الأشياء بعضها ببعض.

• مُسير أم مُخير؟
وقد اختار مصطفى محمود أن يخاطب قراءه بحوار على طريقة سقراط فكان يبدأ بالإشكال كما يتصوره القراء فى خطاباتهم وتساؤلاتهم ثم يتخذ من هذه التساؤلات مدخلا إلى الموضوع ليكون أقرب ما يمكن إلى عقل القارئ العام وتصوراته ومن هنا تعرض لأهم القضايا ومنها: كيف يمكن التوفيق بين فكرة الحرية وفكرة العناية والتدخل الإلهى، وبمعنى آخر هل الإنسان مسير أم مخير؟ فيناقش كاتبنا قيمة الحرية قائلا: «إن الحرية تفقد معناها بمجرد سقوط المقاومات حولها لأن انعدام المقاومات وامتلاك كل شىء فى كل وقت معناه انتفاء كل نقص عند المرء ومعناه الكمال، وبالتالى تنعدم مطالبه ورغباته وبانعدام الرغبة والمقاومة يسقط معنى الحرية.

لقد كان غاندى أكثر الناس حرية وهو يسعى حافيا على قدميه لا يملك إلا مغزل صوف يدويا وكيسا به بضع تمرات وشاة يشرب من لبنها ويصنع من صوفها ثيابه، وكذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم، والمسيح عليه السلام، والأحرار العظام الذين صنعوا لنا حرياتنا وغيروا التاريخ.

والمرء عندما يقيم الضوابط على شهوته يكسب حريته لأنه يصبح سيد نفسه، ومن هنا يخلص كاتبنا إلى «أن حرية القمار والسكر وتدخين المخدرات والتبذل الجنسى ليست حريات، لكنها درجات من الانتحار، وإهدار الحرية، فكل اختيار ضد القانون الطبيعى ليس اختيارا وإنما إهدار الاختيار.

لذا فالإنسان مخير فيما يعلم، مسير فيما لا يعلم، والله أعطانا الحرية، وهو يعلم منذ الأزل ماذا سنفعل بهذه الحرية، والله لا يأمر الظالم أن يظلم، وإنما هو يعلم أنه سوف يظلم بحكم أنه محيط بكل شىء علما، وسبحانه وتعالى يقول لنا إنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ويقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: لا إكراه فى الدين.

إذن الحرية حقيقية وكل نفس تجد جميع الظروف ميسرة لتفصح عن مكوناتها، وتحقق ذاتها بالخير أو بالشر لتكون كما هى».
«مصطفى محمود، لغز الموت، دار العودة - بيروت ص 90- ص 99».

• تفسير النصوص القرآنية
حسم مصطفى محمود قراءاته للنصوص القرآنية وتفسيرها لرؤية مؤداها «أنه إذا احتملت الآيات القرآنية الكريمة أكثر من وجه فعلينا أن نفهمها على أكرم وجوهها».

وعلى سبيل المثال عندما يناقش رخصة تعدد الزوجات فيستند إلى رؤية المستشار مصطفى كمال المهدوى الذى يقول: «إن رخصة تعدد الزوجات التى جاءت فى القرآن جاءت بشرطين: قال تعالى: «وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»، آية 3 من سورة النساء.

والشرط الأول هو: «وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى».

بمعنى لا يصح التعدد لمجرد إرضاء الشهوة، وإنما ربما تضم إلى زوجتك الأولى امرأة أخرى هى أم أيتام تخاف على أيتامها التشرد فتضمها زوجة ثانية، وتعول أولادها وهو عمل صالح، وكذلك الثالثة والرابعة، ففى هذه الحالات تنقذ أيتاما ولست الرجل الشهوانى الذى يجمع بين الشقراء والسمراء والبيضاء، والشرط الثانى هو العدل، فإن لم تستطع العدل فى الإنفاق فعليك بالاكتفاء بزوجة واحدة، والإسلام بهذا المعنى دين عطف ورعاية لا دين شهوة واستمتاع»، وبنفس المعنى يؤكد مصطفى محمود على ما رآه المهدوى فى تفسير آية «ما ملكت أيمانكم»، فهو لا يراها رخصة بمسافحة الجوارى والسرارى وأسيرات الحرب، وإنما هو زواج، ولا تستحل النساء فى القرآن إلا بالزواج والمهر بدليل الآيات: قال تعالى: «ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان»، آية 25 من سورة النساء، أى أن من لم يستطع أن يصاهر الحرائر، ويدفع مهورهن فليتزوج من السرارى ويدفع مهورهن ولا يسافح ولا يخادن.
وهذه الرؤية فى التفسير تعتمد على أن الله تعالى قال فى كتابه الكريم «واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم»، الآية 55 من سورة الزمر.

• الحكم فى الإسلام
ويمضى مصطفى محمود فى مناقشة أكثر القضايا حيوية فيتناول قضية هل هناك وجود لنظام حكم فى الإسلام؟ وهل الديمقراطية مسموح بها فى الدين، فيقول: «لو نص القرآن على نظرية للحكم لسجنتنا هذه النظرية،لكن هناك إطاراً عاماً، وتوصيات عامة ومبادئ عامة للحكم الأمثل مثل العدل والشورى، والأيديولوجيات التى حاولت المصادرة على تفكير الناس، وفرضت عليهم تفكيرا مسبقا ومنهجا مسبقا قال به هذا أو ذاك من العباقرة ثبت فشلها، إذن فالحكم فى الإسلام مدنى ديمقراطى، يخطئ صاحبه ويُراجع، وأبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب التزما بالمعنى الحقيقى لهذه العبارة: «إن أصبت فأعينونى، وإن أخطأت فقومونى».

• اجتهاد العقل
ومن القضايا المهمة التى تناولها كاتبنا قضية تحرير العقل فيناقش من يدعون أن الإسلام يقف سدا منيعا أمام اجتهاد العقل بالمقولة الشهيرة: «لا اجتهاد مع النص»، فيرد مصطفى محمود: «لا يوجد فى القرآن نص أكثر تحديدا وصرامة من قطع يد السارق، وقد جاء فى القرآن هذا النص مطلقا لا استثناء فيه، فقد قال تعالى: «والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما» الآية 38 من سورة المائدة.

ومع ذلك فقد اجتهد النبى عليه الصلاة والسلام فى فهم النص فلم يطبقه فى الحروب، واجتهد فيه عمر بن الخطاب فلم يطبقه فى عام المجاعة وهى استثناءات لم ترد فى القرآن فضربا بذلك المثل على جواز الاجتهاد، وجواز إعمال العقل حتى فى نص من نصوص الشريعة فما بال النصوص التى لا تمس حكما لا عبادة.

• من أسرار القرآن
وفى كتابه «من أسرار القرآن» يقول مصطفى محمود فى فصل بعنوان: قطع اليد فى القرآن، «نتيجة تراخى القوانين الخاصة بالسرقة وعدم انضباطها فى أكثر مدن العالم فأصبحت السرقة هى الحرفة المفضلة لنجوم المجتمع ولبعض الحكام! فلقد اختل نظام العالم تماما، وأصبح الجاه والرفعة من نصيب اللصوص، والذل والهوان والبؤس من نصيب الشرفاء، ومع ذلك نأخذ على القرآن أنه حكم بقطع يد السارق».

ويستطرد قائلا إنه وعلى الرغم من بشاعة وغلظة قطع اليد فإنها مازالت أكثر الأساليب قطعا لدابر الجريمة فلم يطبق هذا الحد فى عهود الخلفاء الأربعة الأوائل إلا أربع مرات، وكانت هذه المرات الأربع كافية لحسم الأمر على مدى السنوات الطويلة التى حكموا فيها فانتشر الأمن، ويضيف مصطفى محمود: «ومعلوم أنه لا يجوز تطبيق هذا الحد فى شبهة أو فى مجاعة أو فى ظروف حرب، ولا يجوز تطبيقه على سارق سرق ليأكل أو رجل مختل العقل كما لا يجوز تطبيقه فى مجتمع تشيع فيه المظالم، وإنما لابد أن يواكب القانون نظام إسلامى عادل لتوزيع الثروات وتشغيل الأيدى المتعطلة».
«من كتابه: «من أسرار القرآن»، دار العودة، بيروت، ص 281».

لقد حاول مصطفى محمود مناقشة العديد من القضايا المهمة مثل نظام الحكم فى الإسلام، وفكرة «لا اجتهاد مع النص» فأعمل العقل واجتهد واستند إلى بعض التفسيرات والاجتهادات فعرض لها وناقشها فى محاولة لإقامة الحوار، وعرض الآراء، والإعلاء من شأن الحرية، وإرادة الإنسان فى الاختيار وتحمل نتائجه مما يعضد النزعة العقلية ويساند النزعة النقدية.. وهو يقدم مفهوما آخر للإسلام السياسى فهو يراه الإسلام الذى يتجاوز الإصلاح الفردى إلى الإصلاح الاجتماعى، والإصلاح الحضارى، وليس الإسلام السياسى الذى تتصور فيه كل طائفة أنها وحدها التى تحكم بما أنزل الله، وأن معها التفويض بالخلافة والحكم وإقامة شرع الله فى الأرض، تلك الأصولية السياسية التى لا علاقة لها بالدين، والتى تحولت إلى فتنة كبرى تأكل أولادها، وتدفع بالمسلم فى مواجهة المسلم فى تصارع وتقاتل وتناحر لا يبقى ولا يذر.

الإسلام الذى يريده مصطفى محمود فى كتابه هو «الإسلام الذى يريد أن يشق شارعا ثقافيا آخر، ويرسى قيما أخرى فى التعامل، ونماذج أخرى من الفن والفكر، وينهض بالعلم والاختراع والتكنولوجيا، ولكن لغايات أخرى غير التسلط والغزو والعدوان».

ثم يطرق جانبا آخر حول رؤية الغرب للإسلام فيقول «إنه عندما يصرح الساسة فى الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام، وأنهم ليسوا ضد الإسلام كدين، فإنهم يكونون صادقين بوجه من الوجوه إذ لا مانع عندهم أبدا من أن نصلى ونصوم ونحج ونقضى ليلنا ونهارنا فى التعبد والتسبيح والابتهال والدعاء، ونقضى حياتنا فى التواكل، ونعتكف ما نشاء فى المساجد فهم لا يعادون إسلام الشعائر والعبادات والزهد، ولا مانع عندهم فى أن تكون لنا الآخرة كلها، فهذا أمر لا يهمهم ولا يفكرون فيه، بل ربما شجعوا على التعبد والاعتزال، ولكن خصومتهم وعداءهم هى للإسلام الآخر، الإسلام الذى ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقعا فى حركة الحياة».
كانت تلك قراءة فى كتابات مصطفى محمود من أعماله الكاملة وخاصة كتابه «لغز الموت» ومن «أسرار القرآن» وغيرها، وإلى حلقة قادمة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز