عاجل
السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الصنايعية.. والبورصجية!
بقلم
محمد نجم

الصنايعية.. والبورصجية!

بقلم : محمد نجم

عندنا.. وفي كل العالم، نوعان من المستثمرين، الأول؛ هم ما يطلق عليهم رجال الأعمال أو «الصُنّاع».. أو بلغة أولاد البلد «الصنايعية»، وهم الذين يطلق عليهم- تجاوزًا- التراب في أيديهم يتحول إلى ذهب! حيث يجيدوا تنفيذ الأفكار الجديدة على أرض الواقع ويحولون المواد الخام أو المدخلات البسيطة إلى منتجات نهائية عالية القيمة، وهو ما يعنى فرص عمل.. ومنتجات ضرورية للاستهلاك المحلي، أو للتصدير.. بما يمثل في النهاية تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي.. والمجتمع ككل.



أما النوع الثاني من المستثمرين.. فهم ما يطلق عليهم «البورصجية» أي الذين يتاجرون في الأسهم والسندات المطروحة في البورصة، وهم يجيدون «التوقعات» ويبحثون دائمًا عن «الفرص» السريعة!، أي تحقيق ربح سريع بطريقة «اخطف واجري»، وكفى المستثمرين منهم شر التصنيع والإنتاج والتوزيع.. إلخ
ولقد واجهنا هذه النوعية الأخيرة من المستثمرين في الكثير من المشروعات التي طرحت للخصخصة، اشتروا وباعوا بأسرع ما يمكن حدث ذلك في شركة «البيرة»، وشركات الاتصالات، والمراجل وغيرها، ومؤخرًا حاولوا «الاستيلاء» على شركة أميسال التي تستخرج الملح من بحيرة قارون، ولكن بعض المخلصين من أبناء مصر كانوا لهم بالمرصاد، حيث دخلوا في «شراكة» مع الشركة المذكورة وحدث تحديث وتطوير لمشروع الاستخراج والتصنيع للملح بالكامل حفاظا على البحيرة التاريخية (قارون).

وقد تكرر الأمر مؤخرًا ولكن هذه المرة كان في صناعة التعدين.. واستخراج الذهب.

والحكاية ببساطة.. أن مصر نجحت في وضع نفسها على خريطة التعدين في العالم، خاصة في مجال استخراج الذهب من منجم السكرى وحمش والبرامية ودنجاش والقواخير وغيرها.

فقد أنتج منجم حمش أكبر «سبيكة» في العالم بوزن 30 كجم في إبريل 2007، ولكن الشركة القبرصية التي تديره توقفت حاليا بسبب خلاف بين الشركاء وبعد أن أنتجت 200 كيلوجرام فقط.

بينما أنتج منجم السكري حتى الآن أكثر من 175 طنًا من الذهب النقي، ويوجد به احتياطي مؤكد أكثر من خمسة آلاف طن على الأقل.

هذا النجاح وهذا الحجم من الإنتاج السنوي، والاحتياطي المؤكد حتى الآن تحقق بعد جهد كبير من البحث والاستكشاف، وإقامة بنية تحتية من محطات مياه وكهرباء ومعدات حفر ونقل وتكسير.. إلخ، قام بها مصري وطني كان مهاجرًا لأستراليا ونجح في تأسيس شركة للتعدين واستخراج الذهب في بعض الدول الإفريقية، وأقنعه أحد المخلصين من الوزراء السابقين بضرورة الاستثمار في مصر.. بلده.. وموطن أهله، فكانت استجابته سريعة وظهر منجم السكرى مرة أخرى بعد إعادة افتتاحه وتطويره، وقد حصلت الحكومة المصرية- حتى الآن- على حوالى 77 طن ذهب من إنتاج المنجم، بعضها أضيف لاحتياطي البلاد من الذهب في البنك المركزي، والبعض الآخر تم بيعه في بورصة لندن واستغلال ثمنه في مشروعات التنمية الاقتصادية.

الجديد في الموضوع.. أن رجل أعمال مصري من البورصجية عيناه زاغت، ولعابه سال على منجم السكرى، فأوعز للشركة الأم المساهم بها (كندية) أن تستحوذ على الشركة الأم (أسترالية) والتي تمتلك نسبة 50% من الشركة الفرعونية التي تدير منجم السكرى، بالمناصفة مع الحكومة المصرية.

الطريف في الموضوع أن رجل الأعمال المصري الذي أعاد اكتشاف منجم السكرى وابنه من بعده رفضا العرض رفضا بتاتا، وكان ذلك في عام 2018، ولم ييأس المستثمر المصري وأعيد عرض الاستحواذ في الشهور القليلة الماضية، فتكرر الرفض أيضا، ومنحت بورصة لندن- المسجل فيها أسهم الشركتين الاسترالية والكندية- الشركة الأخيرة مهلة لتقديم عرض جديد، ولكنها فشلت وطلبت تمديد المهلة حتى 15 يناير الجاري!

وأعتقد أن الصفقة لن تتم، لأن أصحاب الشركة «الفرعونية» التي تدير منجم السكرى رجال صناعة وهذا مجال عملهم الأساسي، كما أنهم «صعايدة» ولن يتخلوا عن «حقهم» ومهما كلّفهم الأمر.

كما أن الشركة الراغبة في الاستحواذ عليهم، والتي يساهم فيها المستثمر المصري (البورصجى) عليها ديون كبيرة وأصولها ضعيفة وإذا خضعت للتقييم من جهة محايدة فلن تكون النتائج في صالحها.

وأقول للإخوة المستثمرين.. أن الملعب كبير.. والمجال واسع والمنافسة مطلوبة وصحية، ولكن «الاستهبال» والفهلوة مرفوضة!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز