12:00 ص - الإثنين 25 فبراير 2013

عندما تعلن الأحزاب الرئيسية فيما يسمي بجبهة الأنقاذ عن انسحابها وعدم خوضها للانتخابات النيابية القادمة بدعوي عدم توافر الضمانات الكاملة التي تضمن سير العملية الانتخابية , وعن ان التوقيتات الخاصة بها لم يتم التشاور عليها بشكل جيد , هذا الي جانب مايصرح به بعض قادة الانقاذ , خاصة الفضائيون المتعلقة ارواحهم باستديوهات البث , يرجون الله ان تكون خاتمتهم امام الكاميرات واخر دعواهم هي الرجاء بأن يزيل الله دولة الأخوان المستبدة غير الديمقراطية , دولة التمكين , وان يبدلها بدولة خيرا منها وبرئيس افضل من رئيسها الحالي , او حتي بمجلس جماعي للقيادة , لأنه من يرضي وسط جوقة النجوم الا يأتي هو رئيسا, وهو الممسك بمفتاح اقبية النبيذ , والذي سوف يفيض انهارا بشوارع القاهرة وبضواحيها فور اعتلائه كرسي احمس - طارد الهكسوس - .ء
عندما تعلن هذه الأحزاب وتحديدا " الدستور " لصاحبه محمد البرادعي, والذي يعاني حزبه الناشئ لجملة انشقاقات وانقلابات داخلية واحتجاجات علي عدم ممارسة الديمقراطية واصدار قرارات فردية بتعيينات لقيادات غير مرضي عنها من قبل غالبية شباب الحزب الذين اندفعوا نحو عضويته , بعد ان رأوا في د. البرادعي نموذجا حديثا للمخلص , عن انهم لن يخوضوا الانتخابات النيابية القادمة , فعليه اولا ان يسعي من اجل ترميم حزبه الذي يعاني من تصدعات مبكرة وشللية ومؤامرات يتم بعدها فصل بعض المؤسسين خاصة بالمحافظات وبالتحديد من دخلوا في مشاحنات مع جورج اسحاق مسئول المحافظات بالحزب والكائن الفضائي المتميز والذي اكتفي بالظهور المنفر علي حساب الاجتهاد في بناء حزب جديد يطمح في ان يكون بديلا هو وحلفائه للحزب الحاكم .
وبالتالي فأننا امام كائن هش , متحالف مع كائن اخر هلامي يسمي " التيار الشعبي " ليست له بنيه تنظيميه , هو مجرد تجمع للشتات و للشظايا , تم اعلانه فقط من اجل اعلاء وتأكيد زعامة حمدين , وعندما جد الجد وعلا وطيس المعركة وبرقت السيوف واعتلي الرماة قمم جبال القاهرة , كان طبيعيا ان يعلن الزعيم الاباصيري عن ان تياره الشعبي سوف يقاطع الانتخابات , ولكن قد يقوم البعض من افراده بالترشح بصورة منفرده , وان اعضاء التيار وجماهيره الجلاتينية الكاسحه , سوف يقومون بمؤازرة المرشحين عبر قوائم باقي فريق الأنقاذ او المرشحين علي المقاعد الفرديه , هذا في حال مشاركة البعض او ان مابقي من احزاب الانقاذ قد قرر المشاركة .
يبقي حزب الوفد والذي اعلن عن مقاطعته للانتخابات احتجاجا علي عدم قيام مؤسسة الرئاسة بالتشاور الكافي قبل اعلان تواريخ اقامة الجولات الانتخابية بدءا من 22 ابريل القادم , وهو اعلان يلتزم بماحدده الدستور من حيث التوقيتات . والحقيقة ان الوفد اذا استمر علي حال المقاطعة هذه , فأنه سوف يكرر مأساة عام 90 , عندما امتنع هو وباقي الاحزاب الفاعلة في هذا الزمن من خوض الانتخابات اعتراضا علي عدم توافر الضمانات اللازمة لاجرائها , ولم يفت هذا في عضد النظام وقام باجراء واحدة من الانتخابات شبه النزيهه - شارك فيها خارج اجماع المعارضة حزب التجمع , اكبر حلفاء الحزب الوطني طوال الربع قرن الأخير من تاريخ الحياة السياسية المصرية - وعندما قررت الأحزاب ومعهم جماعة الأخوان خوض انتخابات 95 , تم اسقاط الجميع في ابشع انتخابات نيابية جرت في تاريخ مصر الحديث , ويكفي ان اثنين من مرشدين الجماعه فيما بعد تم اسقاطهم , الأول المستشار مأمون الهضيبي والذي فازت عليه وزيرة التأمينات امال عثمان والثاني مهدي عاكف والذي خسر في دائرة جدائق القبة امام مرشح غير قادر علي تذكر اسمه , ولم ينجو سوي الأخواني " علي فتح الباب " المرشح علي مقعد العمال بدائرة حلوان والذي ترشح باسم حزب العمل , وللأمانه كان اداؤه محترما .
اذكر ان الحزب الوطني سمح بنجاح خمسه من مرشحي الوفد علي رأسهم النائب المخضرم " ياسين سراج الدين " والذي كان يحظي علي حد تعبيره بحماية خاصة من الرئيس مبارك , حماية سمحت له بالفوز في انتخابات 95 علي نائب الدائرة حلمي المراغي , ثم تكرر الفوز في انتخابات 2000 علي احد النجوم الصاعدة في الحزب الوطني " حسام بدراوي " . وبالتالي فأن عملية الخروج القسرية للوفد وباقي احزاب المعارضه خارج البرلمان لعب دورا سلبيا في تضييق الرقعه الجماهيرية المستحقه لهذه الأحزاب , لأنه في غياب التمثيل البرلماني المناسب , يتراجع حجم الخدمات المقدمة للناخبين وبالتالي تتراجع شعبية هؤلاء ويسعي الناس بقوة نحو من يستطيعون تقديم الخدمات والدعم لهم , وفي ظل غياب المؤسسات - التابعه للأحزاب - القادرة علي تقديم الخدمات - تعليميه , رياضية , صحيه - واكتفاء العديد من قيادات هذه الأحزاب بالنضال الفضائي , فأن القطاعات العريضة من الناس تظل علي دعمها للقوي التقليدية , اسلامية كانت او قبلية او مناطقية , وهو الأمر الذي لم تدركه قيادات الأحزاب الجديدة وخاصة احزاب جبهة الانقاذ , ومنهم من خاض الانتخابات النيابية الأخيرة وحقق نتائج معقوله , لكن ضيق الوقت وسرعة ابطال المجلس الأخير لم يدع فرصه للمراجعه والتقييم , فماتم انفاقه علي العملية الانتخابية من قبل حزب مثل " المصريين الأحرار " بفضل تبرعات نجيب ساويرس ومنير غبور , زاد عن 30 مليون جنيه , اهدر اكثر من نصفها في عمليات ترضية لبعض المرشحين - لاداعي لذكر التفاصيل الان - وخرج الحزب من الانتخابات واستمر دون ان يبدأ في مشروع واحد كبير علي الأرض يمكن به المنافسه في عمليات الاستقطاب وحشد الكفاءات .
وبالتالي فأن اعلان رئيسه د.احمد سعيد , ان خوض الانتخابات النيابية القادمة نوع من الترف , ليس سوي محاولة للهروب من واقع مر , فعلي صعيد الجبهة المزعومة هناك حالة من التشظي وعدم الرضي عن محاولات ترتيب القوائم وتحديد المرشحين الفرديين , فالمقاعد الدافئة تقع في المقدمة واستكمال باقي القائمة من الراسبين مقدما بحاجه الي استشهاديين لايتوافرون مطلقا بين كافة كوادر الانقاذ . وعلي صعيد المصريين الأحرار - رغم الجهد التنظيمي الهائل وتخلص الحزب من اسماء مثل ابوحامد وباسل عادل وهاني سري الدين , فأن محاولات اعداد قوائم منفردة للحزب بالمحافظات كشفت عن غياب فادح للأسماء القادرة علي المنافسه .
لذا يبقي الحديث عن الامتناع هو الحل العبقري للخروج من المستنقع , واذا اصرت مؤسسة الرئاسة علي اعلانها الخاص بتوقيتات الترشح , دون الالتفات للضمانات المطلوبة من قبل بعض احزاب المعارضه التي ترغب في خوض الانتخابات القادمة , فأنها هي الأخري سوف تجعلنا جميعا نسبح في بركه اسنه , ولن يهم وقتها من خرج من المياه فائزا , فالفائز سوف يخرج مثخنا بالجراح , ملطخا بالعطن .