مآذن تمبكتو البديعة

تُعد مدينةُ تمبكتو (تنبكت) Timbuctu  (في مالي حاليًا) من أبرز المدن التاريخية والأثرية القديمة في غرب إفريقيا، وهي مدينة تشتهر بتراثها المعماري الكبير، ولاسيما فيما يرتبط بعمارة المساجد والجوامع بصفة عامة، وهي مساجدٌ تبرز فيها المآذن التي تتميز بطرازها الإفريقية التقليدية.

ولا ريب أن "تمبكتو" تعد في ذات الآن مدينة أثرية مهمة جدًا في غرب إفريقيا، لما تضمه من آثار وطُرزٍ معمارية تُشكل بدورها أهم نماذج العمارة في غرب إفريقيا، لاسيما العمارة الدينية، وفي مقدمتها المساجد، وتضم مدينة تمبكتو العديد من المساجد الأثرية القديمة التي نالت شهرة واسعة في بلاد السودان الغربي.

 ولعل من أهم مساجد هذه المدينة: مسجد سنكوري (سانكوري) Sankore، وهو واحدٌ من أهم المساجد الأثرية القديمة في غرب إفريقيا، وكذلك المسجد المعروف باسم: مسجد "جنجير بير"Djenguer-ber ، إضافة إلى مسجد القاضي (سيدي) يحيى التادلي، وغيرهم.. إلخ، وسوف يكون لنا وقفات فيها المزيد من الإسهاب والتعمق في الحديث عن عمارة تلك المساجد الأثرية فيما بعد، عندما نتحدث عن عمارة تمبكتو. 

ومن المعروف أن مساجد "تمبكتو" كانت في الغالب شيدت من قوالب الطوب أو الطين، وتتميز كل منها بمآذن جميلة تعد من أبرز نماذج عمارة المآذن الطينية، كما يظهر في مآذن تمبكتو التأثر الفني والمعماري المغربي والأندلسي، مع تأكيد الخصوصية الإفريقية، وبما يوافق البيئة الصحراوية التي شيدت فيها تلك المساجد. وتتميز تلك المآذن ببساطتها وجمالها المعماري الواضح، بحيث عندما تراها من الوهلة الأولى تعرف أنها مآذن تمبكتو، وليست مآذن مدينة أخرى. 

ومن ناحية أخرى، يذهب بعض العلماء والدارسين المُحدثين، ومن أبرزهم الدكتور محمد الفاسي، إلى الاعتقاد بأن المنابر ذات الطراز المعماري الذي يأخذ شكل المستطيل في مدن غرب إفريقيا، تعد نسخاً من المنابر في المزاب، وهي التي صارت بمثابة المركز الرئيس لطائفة الإباضيين، وذلك بدءًا من حقبة القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي. 

وإذا لاحظنا مئذنة جامع سنكوري، فهي متأثرة بشكل واضح بعمارة الأبراج، وبالطراز المغربي الأندلسي، مع وجود الخصوصية الإفريقية، وهي مئذنة مبنية من الطين، وتتميز المئذنة بأنها ذات قاعدة عريضة.

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي