الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

محمد العريان: نعاصر اقتصادًا عالميًا تكتنفه حالة من عدم اليقين غير المعتاد

محمد العريان
محمد العريان

واقعنا المؤلم قد فرض علينا العيش في حي محفوف بالتحديات ألا وهو الاقتصاد العالمي والنظام المالي العالمي

 

 ألقى الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي العالمي، كلمة مسجلة، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي (مصر -2022)، الذي بدأت فعالياته صباح اليوم بتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبحضور كبار المسؤولين والوزراء ونخبة من الخبراء والمختصين بالشأن السياسي والاقتصادي وممثلين عن مجتمع الأعمال المصري، والخبراء. 

وخلال كلمته، أكد الدكتور محمد العريان أن المؤتمر الاقتصادي، ينصب تركيزه على النظرة المستقبلية لمصر والفرص والمخاطر وإمكانية إطلاق العنان لإمكانات مصر الكبيرة.

وأشار د. العريان إلى أنه سيركز، خلال كلمته، على السياق المحيط بمصر، مشبهًا مصر بمنزل يوجد في حي يعبر عن البيئة المحيطة به، ولافتًا إلى أن الأحياء ذات أهمية وتأثير على المنزل، فالحي الجيد يعزز من قيمة المنزل، في الوقت الذي تفرض التحديات التي يواجهها الحي تحديات على المنزل.

وشدد، في هذا السياق، على أن واقعنا المؤلم قد فرض علينا العيش في حي محفوف بالتحديات ألا وهو الاقتصاد العالمي والنظام المالي العالمي، وقد ولدت تلك التحديات من رحم الدول المتقدمة واقتصادات مجموعة السبع على وجه الخصوص، مؤكدا أنه كلما زاد عدم الاستقرار في الدول المتقدمة، تفاقمت هشاشة الاقتصاد العالمي؛ مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة للدول الأخرى.

وتطرق الدكتور محمد العريان لما يراه مثالا حديثا لما ذكر لتسليط الضوء على الوضع المتقلب الذي نعيش فيه، منوها في هذا الإطار إلى أن هذا المثال يتعلق بالاقتصادات المتقدمة، خاصة باقتصاد مجموعة السبع، أي نخبة الاقتصادات المتقدمة، متسائلًا: كم مرة حدث في اقتصاد مجموعة السبع ما يلي: انهيار فوضوي في العملة، وزيادة غير منضبطة في العائدات، وتوبيخ علني من صندوق النقد الدولي، وتحذيرات وكالات التصنيف، وتدخلات طارئة من البنوك المركزية، وسياسات حكومية متعددة معاكسة انتهت باستقالة رؤساء وزراء.

وأكد د. العريان أن هذه الأمور الستة حدثت بالفعل في اقتصاد مجموعة السبع، خلال الأسابيع الخمسة الماضية، وهي توضح عدم الاستقرار الكامن وغير المتصور الذي نعاصره والذي تأسس في الدول المتقدمة، وتعد المملكة المتحدة مثالا واضحا جدًا، فكان سبب عدم الاستقرار بها هو أخطاء في السياسات المالية، مثل محاولة خفض الضرائب دون وجود تدابير تعويضية للإيرادات.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن هناك أسبابا متعددة كذلك لعدم الاستقرار في جميع الاقتصادات المتقدمة، ففي الولايات المتحدة يحاول البنكُ الفيدرالي الأمريكي - والذي يُعد أقوى البنوك المركزية حول العالم – خفض جماح التضخم، إلا أنه وقع في خطأ تصنيف التضخم بوصفه تضخمًا مؤقتًا، وبالتالي فشل في تبني التدابير اللازمة، ويعمل حاليًا على رفع سعر الفائدة بمعدلات تعد الأسرع في التاريخ.

وأشار د. العريان إلى أن البعض يعتقد أن ذلك سيتسبب في وصول الاقتصاد الأمريكي إلى الكساد، كما يساور القلقُ بعضَنا أيضا حيال تقويض ذلك الأمر لأداء الأسواق المالية حول العالم، مضيفًا أن بنك اليابان يعاني كذلك من مشكلات في عالم تسوده أسعار فائدة مرتفعة، وينطبق الأمر ذاته على البنك المركزي الأوروبي.

وأكد د. محمد العريان، أن بيت القصيد هو أننا نعاصر اقتصادًا عالميًا يكتنفه حالة من عدم اليقين غير المعتاد، ولا يعد ذلك غموضًا فحسب، بل إنه عدم يقين غير معتاد، وأثار سؤالًا حول السبب وراء تفاقم عدم استقرار الحي المحيط بالمنزل حتى أصبح هشًا.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه من المؤكد أن لذلك العديد من الأسباب، مستعرضًا ثلاثة من أبرز الأسباب في رأيه، مشيرًا إلى أن السبب الأول يتعلق بالقدرة على النمو، حيث فقدت العديد من الدول قدرتها على النمو بسبب الخصائص المتغيرة للاقتصاد العالمي، فقد انتقلنا من اقتصاد عالمي يفتقر إلى معدلات كافية من الطلب، إلى اقتصاد عالمي يفتقر إلى معدلات كافية من العرض، حيث يشهد العالم اضطرابات في معدلات العرض، لذا، يواجه النمو الاقتصادي تأثيرات معاكسة جديدة.

وأضاف د. العريان: كما تغيرت العولمة هي الأخرى بسبب التطورات الجيوسياسية ورغبة الشركات في تفضيل المرونة على الكفاءة، مما أدى إلى نوعٍ جديدٍ من العولمة، ويفسر ذلك التباطؤ الاقتصادي المتزامن للمناطق الثلاث الرئيسة في العالم: الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وعليه تتباطأ محركات النمو الثلاثة للاقتصاد العالمي في الوقت ذاته، وقد دفع ذلك صندوق النقد الدولي لإعادة النظر في توقعاته أوائل الشهر الجاري، وحذرنا من أن "الأسوأ لم يأتِ بعد، لذا، فإن عجز النمو في الاقتصاد العالمي هو القضية الأولى التي نواجهها الآن".

وقال الخبير الاقتصادي: القضية الثانية هي التضخم المرتفع والمستمر، وقد تحول ذلك التضخم من كونه نتيجة لصدمة الطاقة الناتجة عن الأزمة الروسية-الأوكرانية، وصدمة الغذاء الناتجة أيضًا عن تلك الأزمة، إلى شيء أوسع نطاقًا، حيث يقيس الاقتصاديون محركات التضخم بما يسمى التضخم الأساسي، ويستبعد التضخم الأساسي التقلبات، التي تشهدها أسعار بعض السلع صعودًا وهبوطًا.  

تم نسخ الرابط