القصة كاملة وراء معركة الشرطة يوم 25 يناير والاحتفال بالذكرى
يحتفل الشعب المصري في 25 يناير من كل عام بذكرى عيد الشرطة، وهذا العام تحتفل الدولة بالذكرى الـ71 لعيد الشرطة المصرية الذي وقعت فيه معركة الإسماعيلية 1952، وراح ضحيتها نحو 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة على يد الاحتلال الإنجليزي، بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزي.
وكان من الضباط، الفنان صلاح ذو الفقار الذي كان نقيبًا في قوات الشرطة حينها، حيث تخرج من كلية الشرطة عام 1946، ضمن دفعة الوزراء أحمد رشدى والنبوى إسماعيل وزكي بدر، وعمل في سجن طرة، وتم تعيينه مدرسًا في كلية الشرطة.
ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى السيد فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية في هذا الوقت، والذي طلب الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، الأمر الذي جعل "إكسهام" وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حي العرب وحي الإفرنج، ووضع سلك شائك بين المنطقتين.
ولم يكن هذا السبب الوحيد لرد الفعل البريطاني، حيث كانت هناك أسباب أخرى مثل إلغاء معاهدة 36 في 8 أكتوبر 1951، تسبب في غضب بريطانيا لتشعل الحرب ضد المصريين، وأحكمت الإغلاق على مدن القناة التي هي مركزاً رئيسياً لمعسكرات الإنجليز.
وبدأت أولى حلقات النضال المصري ضد المحتل الإنجليزي بانطلاق المظاهرات الحاشدة التي تطالب بجلاء الإنجليز، وفي 16 أكتوبر 1951 انتفض المصريون ضد الاحتلال، وقاموا بحرق "النافي" الذي كان مستودع تموين وأغذية للإنجليز كان مقره بميدان عربي وسط مدينة الإسماعيلية.
لتزداد قبضة الإنجليز على أبناء مدينة الإسماعيلية الباسلة وتزيد الخناق عليهم مما أدى إلى توحيد الجهود وتنظيم الصفوف من أجل محاربة بريطانيا ورحيلها عن مصر فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وبدأت المجزرة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال البريطاني في تمام الساعة السابعة صباحاً بعدما انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلاً ومدافع الدبابات "السنتوريون" الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة.
وتسببت في مجزرة بشعة شهدت عليها أرض المدينة الباسلة بعد أن سالت الدماء الطاهرة كالنهر، ليأمر الجنرال "إكسهام" بوقف ضرب النار وإمهال رجال الشرطة المحاصرين مهلة قصيرة من أجل الاستسلام وترك أسلحتهم وإلا سيستأنف الضرب بقوة.
وهنا ضرب ضابط الشرطة المصري أروع الأمثلة في التضحية والبسالة، فقام النقيب مصطفى رفعت، بالصراخ في وجه الجنرال البريطاني بكل شجاعة قائلاً: "لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة"، لتستأنف قوات بريطانيا حربها على مبنى المحافظة ودكته دكاً حتى تحول إلى أنقاض فوق جثامين شهداء الشرطة الطاهرة.
كما أبدى "إكسهام" إعجابه بشجاعة رجال الشرطة الذين لم يستسلموا وفضلوا الموت على أن يتركوا أسلحتهم أو يخرجوا مذلولين الأعناق، فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".
وأمر أيضًا الجنرال البريطاني أفراد قواته بإعطاء التحية العسكرية لرجال الشرطة المصرية أثناء خروجهم من المبنى اعترافًا بشجاعتهم في الدفاع عن الأوطان.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح 25 يناير إلى عيد للشرطة يتم الاحتفال به كل عام، كما أصبح عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية.
جدير بالذكر أن بدأت معركة الشرطة في صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 عندما قام القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير إكسهام"، باستدعاء ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذاراً لكي تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.



