جمعهم حب "المشيرة أم العواجز".. المصريون يحتفلون بالليلة الكبيرة لمولد السيدة زينب
في نفس الموعد من كل عام، يحتفل المصريون بمولد السيدة زينب، وهو آخر ثلاثاء في شهر رجب، فهي حفيدة رسول الله بنت الإمام علي بن أبي طالب وابنة السيدة فاطمة الزهراء.
وفي رحاب السيدة المشيرة رئيسة الديوان ستنا زينب «عشق المصريين» وعلى أعتاب مسجدها توافد مئات الآلوف من أتباع الطرق الصوفية ومحبي آل البيت لإحياء الليلة الختامية لمولدها الذي يأتي تزامنا مع التجديدات التي تسير على قدم وساق على مستوى المسجد والميدان.
وحرصت إدارة مسجد السيدة زينب على تكليف جميع العاملين بالمسجد على الحضور، والانتظام على مدار الساعة، فضلا عن تنظيف الفرش والسجاد الخاص بالمسجد وشددت إدارة المسجد على العاملين بضرورة متابعة عدم الاختلاط بين الرجال والنساء أو السماح بممارسة طقوس غريبة تنال من قدسية المسجد.
ووجود استعدادات أمنية، وكذا وجود عربات إسعاف ومطافي كنوع من انواع الاستعداد والسلامة الأمنية والمهنية وقد منع حى السيدة زينب، إقامة سرادقات بجوار ساحة المسجد وأغلق بابه في وجه عشرات الطلبات المقدمة من كبار مشايخ الطرق الصوفية، رغبة منهم فى إقامة سرادق لهم بساحة المسجد. وسمح الحى بالتنسيق مع قسم شرطة السيدة زينب، لإقامة السرادق في الشوارع الجانبية والمحيطة بالمسجد، وتقيم بعض الطرق الصوفية كالرفاعية والضيفية والأحمدية الشاذلية والبيومية والعزمية والشبراوية والجازولية سرادقات لها لتقديم مختلف المأكولات والمشروبات لزوار مولد أم العواجز فرحة وبهجة ولا يقتصر على تقديم الطعام والشراب فقط لزوار المولد حيث تقام فى بعض السرادق العديد من حلقات الذكر والأبتهالات والأناشيد في حب السيدة زينب وآل البيت بحضور عدد كبير من كبار المنشدين منهم عميد الأنشاد الدينى الشيخ ياسين التهامى والشيخ عبدالحميد الشريف وكبير مبتهلى الأذاعة والتليفزيون الشيخ منتصر الأكرت، وغيرهم وعدد كبير من قراء القرآن الكريم، يقول الشيخ هاشم محمد خليل وكيل المشيخه العامة للطرق الصوفية إن مقام ستنا السيدة زينب رضي الله عنها ترياق مجرب يرفع فيه المحب التوسلات إلى الله وتستجاب فيه الدعوات.
ودعت لأهل مصر قالت «يا أهل مصر: نصرتمونا نصركم الله وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، جعل الله لكم من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا»، لخصت كل شيء في دعائها لمصر، ولذلك يقال مصر المحروسة وهي محروسة بدعاء الأولياء بأهل البيت وبأبنائها وهذ الإخلاص والتعلق والحب لسيدنا محمد ولسائر الأنبياء وهذا الحب لله تعالى لعمارة الأرض لعبادة الله لتزكية النفس.
يقول الكاتب والمؤرخ الصوفي محمد أبوالفضل السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أمها سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولدت بالمدينة يوم الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة للهجرة ولما ولدت جاءت بها أمها السيدة الزهراء إلى أبيها أمير المؤمنين الإمام على، وقالت: سم هذه المولودة.
فقال عليه السلام: ما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان في سفر له، ولما جاء وسأله الإمام علي عن اسمها.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ما كنت لأسبق ربّي تعالى"، فهبط جبرائيل عليه السلام وقال له: "سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم"، ثمّ خبره جبرائيل عليه السلام بما يجري عليها من المصائب، فبكى صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: "من بكى على مصائب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها: الحسن والحسين".
كنيتها: "أم كلثوم" و"أم الحسن"، وأشهر ألقابها الحوراء، أم المصائب، عقيلة الطالبيين، الغريبة، العالمة غير المعلمة، عابدة آل علي، الطاهرة ولقبت بالعقيلة، والعقيلة هي المرأة الكريمة على قومها العزيزة في بيتها، النفيسة والمخدرة.
وقد سميت أم المصائب، وحق لها أن تسمّى بذلك، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشهادة أمها السيدة الزهراء عليها وشهادة أبيها أمير المؤمنين وشهادة أخيها الأمام الحسن، وأخيرًا المصيبة العظمى، وهي شهادة أخيها الحسين، في واقعة الطف مع باقي الشهداء (رضوان الله عليهم).
وُلدت بعد مولد سيدنا الحسين بسنتين، ويقال إن كليهما ولد في شهر شعبان، أمَّا هي ففي السنة الخامسة أو السادسة للهجرة، فعاصرت إشراق النبوة عِدَّةَ سنوات، وسَمَّاهَا الرسول ﷺ «زينب»؛ إحياء لذكرى ابنته السيدة زينب.
ومعنى زينب: الفتاة القوية المكتنزة الودودة العاقلة، واشتهرت السيدة زينب بجمال الخلقة والخلق اشتهارها بالإقدام والبلاغة، وبالكرم وحسن المشورة، والعلاقة بالله، وكثيرا ما كان يرجع إليها أبوها وإخوتها في الرأي، ويأخذون بمشورتها؛ لبعد نظرها وقوة إدراكها.
وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يرد الطالبين بزواجها، وعندما تقدم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهو الكفؤ لعقيلة بني هاشم الذي لقب بـ(بحر الجود)، وافق على زواجه منها.. وللسيدة زينب خمسة أولاد، أربعة من الذكور هم علي، عون، محمد وعباس، ولها ابنة تدعى أم كلثوم.
كانت السيدة زينب رضى الله عنها ثانية أمها الصديقة الزهراء في العبادة والتهجد والذكر، فكانت صوامة قوامة، قانتة لله تعالى تائبة إليه، تقضي أكثر لياليها متهجدة تالية للقرآن الكريم، ولم تترك كل ذلك حتى في أشد الليالي، وشهدت السيدة زينب كربلاء بكل مآسيها، حيث قُتل أبناؤها وأخوتها وأقمار بني هاشم أمام عينيها، ولكنها بقيت صابرة محتسبة عند الله ما جرى.
ويبرز دورها في رعايتها للنساء وللأطفال، وقد برز دورها في محطات عدة: قدمت قافلة السبايا إلى الكوفة بعد الإمام مقتل الإمام الحسين، ومعهم الأجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فصارت نساء الكوفة يبكين وينشدن، فسمعت السيدة زينب الإمام علي بن الحسين يقول: إن هؤلاءِ النسوة يبكين، فمن قتلنا ! فبدأت السيدة زينب خطبة بليغة نذكر منها: "..أما بعدُ ، يا أهلَ الكوفةِ ، يا أهلَ الخَتَلِ والغَدْرِ والخَذْلِ.
ألَا فلا رقأتِ العبرةُ ولا هدأَتِ الزفرة.. تدرونَ ـ ويلَكُم ـ أيَّ كبدٍ لمحمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَرَيْتُم ؟! وأيَّ عهدٍ نَكَثْتُم ؟! وأيَّ كريمةٍ لَهُ أبرزتُم ؟! وأيَّ حرمةٍ لهُ هتكتُم ؟! وأيَّ دمٍ لهُ سفكتُم ؟! لقد جئتُم شيئاً إدّاً ، تكادُ السماواتُ يتفطَّرْنَ منهُ، وتنشقُ الأرضِ، وتخرُّ الجبالُ هداً؟!" خطبتها في مجلس ابن زياد: حين سألها ابن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟! فقالت: ما رأيت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمك يا بن مرجانة! وأنتهى موقف السيدة زينب إلى فضح القتلة وتبيين مقام شهداء كربلاء وقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
تمنع الأطفال من أخذ الصدقة، حينما دخلت قافلة السبايا إلى الكوفة كان أثر الإجهاد والإعياء والإرهاق واضحاً على الأطفال والصبية في القافلة، كما كانوا يعانون من الجوع.. ولاحظت ذلك بعض نساء أهل الكوفة، فصرن يقدمن التمر والخبز إلى الأطفال والسبايا، لكن السيدة زينب رفضت ذلك ومنعت الأطفال عن تناول صدقات الناس قائلة: "إن الصدقة حرام علينا أهل البيت".
ونصحها البعض أن تذهب إلى مصر وقالوا لها إن فيها قوما يحبوكم لقرابتكم لرسول ﷺ، فإن لم تجدوا في الأرض موطنا فستجدون قلوب أهلها موطنا لكم.



