عاجل| يوم إفريقيا.."نكروما".. صهر المصريين الذي حكم "غانا" من داخل سجون الاحتلال
كوامي نكروما هو المناضل والزعيم السياسي الغاني، وأحد أشهر رموز المقاومة الإفريقية ضد الاستعمار، وأحد أبرز دعاة حركات التحرر النابغين بالقارة السمراء.
كوامي نكروما
نشأته وحياته
ولد نكروما في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر عام 1909، وتدرج في المراحل التعليمية حتى تخرجه من دار المعلمين بالعاصمة الغانية أكرا.
ظهرت انتماءاته وأفكاره السياسية مبكرًا، ووصلت لأوجها عند بلوغه السادسة والعشرين من عمره، ليبدأ نضاله الفعلي خلال فترة تواجده كمدرس بجامعتي لنكولن بالولايات المتحدة عام 1935 ومدرسة الاقتصاد بالعاصمة البريطانية لندن عام 1945.
نضال واعتقال
بعد انتهاء فترة عمله كمدرس بمدرسة الاقتصاد، عاد نكروما إلى ساحل الذهب - اسم غانا سابقا - وبدأ دعوته ونضاله السياسي للتجرر والاستقلال عن التاج البريطاني أواخر عام 1947.
بعد عام الجهاد والدفاع عن حقوق بلاده المشروعة في التحرر والاستقلال، تولى منصب "الأمين العام لمؤتمر شاطئ الذهب الموحد"، ليتم اعتقاله للمرة الأولى عام 1948، ما دفعه لتأسيس صحيفة "أخبار المساء"، كي تكون منبرًا لنشر أفكاره، وقاعدة إطلاق قذائفه السياسية على الاحتلال البريطاني.

رئاسة وزراء من داخل المعتقل
نجح كوامي نكروما في بث مشاعر القومية والتحرر بدماء الشباب الغاني، ليلتف حوله آلاف المؤيدين والداعمين لأفكاره السياسية، لتتجلى الحاجة لتأسيس كيان حزبي قوي، ينضوي تحت مظلته ويتشرب بشعاراته المواطنين المؤمنين بهذه القضية.
في عام 1949 نجح نكروما في تحويل تلك الفكرة الحالمة إلى حقيقة واقعة ليعلن عن تأسيس "حزب المؤتمر الشعبي"، بهدف الحصول على الحكم الذاتي، ليأتي العقاب سريعًا ويتم اعتقاله للمرة الثانية عام 1950، والحكم عليه بالسجن 3 سنوات.
ورغم اعتقاله والزج به في غياهب السجن، إلا أن أفكاره وشعاراته واصلت صعودها، بعدما أصبحت وقودًا يحرك آلاف الغانيين، للحصول على حريتهم وإدارة بلادهم بعيدًا عن المحتل، ليخوض حزبه المعركة الانتخابية ويفوز بالانتخابات البلدية والعامة، ويتم إعلانه ممثلًا لدائرة أكرا باكتساح. بعد إعلان النتيجة تم إطلاق سراحه وتولى رئاسة الوزراء في مارس 1952، وبعد خمس سنوات فقط أعلن "نكروما" استقلال ساحل الذهب، ويتم إعلانها رسميًا تحت مسماها الجديد "غانا"، وتحديدًا في السادس من شهر مارس عام 1957.
الاشتراكية وإعلان الدستور
مع توليه السلطة الفعلية أعلن كوامي نكروما تطبيق مفاهيم الاشتراكية، لتكون هي المبادئ السياسية التي أقرتها الدولة الناشئة بمسماها الجديد، وذلك قبل انتخابه كأول رئيس لها.
في عام 1965 أعيد انتخاب “نكروما”، ليتعرض بعدها لعدة محاولات "اغتيال"، بسبب تصرفات حزبه الحاكم صاحب الأغلبية، ما أدى لاشتعال شرارة الدعاوى المكتومة للانقلاب عليه.
بعد مرور ست سنوات نجح مجموعة من الضباط في تنفيذ مخططهم واستغلوا تواجد "نكروما" في فيتنام، لتتم الإطاحة به عن سدة الحكم عام 1971، ما دعاه للتوجه إلى غينيا، ليبدأ منها دعوته للتمرد ضد هذا الانقلاب.
"السرطان" يغتال حلم العودة
عانى “نكروما” في منفاه الاختياري من هجمات سرطان الجلد والبروستاتا، الذي نهش جسده النحيل، وقضى على أحلامه بالعودة كزعيم وقائد لبلاده مرة أخرى.
وقبل مُضي عام على الإطاحة به، أسدل المرض الستار على قصة المناضل والزعيم الغاني كوامي نكروما، إثر وفاته في السابع والعشرين من شهر إبريل عام 1972، أثناء تواجده في رومانيا، وأعلنت السلطات الغانية الحداد الرسمي، ليعاد جثمانه من غينيا، ويتم تشييع جنازته رسميا في غانا.
مؤلفاته وإرثه السياسي
خلف “نكروما” إرثًا ثقافيًا وسياسيًا كبيرًا، سجله بنفسه في العديد من مؤلفات التي تُرجم بعضها إلى اللغة العربية، أبرزها "الاستعمار الجديد"، و"صراع الطبقات في إفريقيا"، بالإضافة لسيرته الذاتية التي نشرها بعنوان”غانا”.
كان السياسي الغاني المخضرم، نكروما قد تزوج من الفتاة المصرية فتحية رزق والذي نشأت في حي "الزيتون أحد أحياء مدينة القاهرة، لأسرة مسيحية مصري، كانت الابنة الثالثة لموظف في الخدمة المدنية في مصر الذي توفي، في حين تولت الأم تربية أطفالها دون الزواج مجددا.

وأنجبت فتحية نكروما، ثلاثة أبناء هم جمال نكروما وسامية نكروما وسيكو نكروما، واضطرت بعد الإطاحة بزوجها من الحكم لأصطحاب أطفالها إلى القاهرة لتنشأتهم هنا في حين غادر زوجها إلى المنفى.
وتوفيت فتحية في 31 مايو 2007 في مستشفى البدراوي في القاهرة نتيجة نزيف حاد أصابها بعد فترة من المرض. أقيم لها قداس جماعي في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وترأس القداس البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية. في يوم الجمعة 1 يونيو 2007، ودفنت إلى جوار قبر زوجها في غانا، نزولا على إصرار الرئيس الغاني جون كوفور.



