خبير أوكراني: اقتصاد البلاد أسوأ حالاً من الكساد الكبير إلا أنه لم ينهار بالكامل
أعرب مستشار الرئيس الأوكراني وعميد كلية كييف للاقتصاد تيموفي ميلوفانوف عن اعتقاده بأن إحصاءات الاقتصاد الكلي للبلاد تُظهر أن الأمور ساءت أكثر من فترة الكساد العظيم التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك، فإن الاقتصاد لم ينهار بالكامل للدرجة التي تجعل المواطنين يبيتون في الشوارع.
ونقلت شبكة البلقان الإخبارية المتخصصة في شؤون أوروبا الشرقية وأوراسيا عن الخبير الاقتصادي قوله إن التحديات المستمرة في أوكرانيا وتأثير العمليات العسكرية الروسية عليها تجلت في الإحصائيات القاتمة التي تشير إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص نزحوا داخليًا، وفر أكثر من 8 ملايين شخص من البلاد، حيث يمثل هذا العدد ما يقرب من 30 في المئة من السكان، مقارنة بمجموع سكان الولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا وتكساس الذين فقدوا منازلهم وأجبروا على الانتقال.
وقال ميلوفانوف إن 18 في المئة من مساحة أوكرانيا و12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل الهجمات لا تزال تحت السيطرة الروسية منذ العمليات الروسية الشاملة على أوكرانيا خلال عامي 2022 و2023، حيث شبه الخبير تلك النسبة بتخيل أن الروس هاجموا الاتحاد الأوروبي "واحتلوا فرنسا واليونان بالكامل"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن العواقب الاقتصادية كانت وخيمة، وارتفعت نسبة البطالة من 10 في المئة في عام 2021 إلى 25-26 في المئة في عام 2022. وجد واحد من كل أربعة أفراد قادرون ومستعدون للعمل نفسه بلا وظيفة، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 29.1 في المئة، وارتفع تضخم المستهلك بنسبة 26.6 في المئة في نفس العام.
وأدى انخفاض سعر صرف الهريفنيا بنسبة 25 في المئة إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، مع انخفاض الإنتاج الصناعي في أوكرانيا بنسبة 36.9 في المئة في عام 2022.
وكان تأثير الهجمات الروسية على قطاع التجارة الأوكراني كبيرًا أيضًا، حسبما أوضح ميلوفانوف، فقد انخفضت صادرات السلع بنسبة 35 في المئة، بينما انخفضت صادرات الخدمات بنسبة 28.3 في المئة في عام 2022.
وقال ميلوفانوف إن هذه المؤشرات تتشابه مع مؤشرات الكساد العظيم التي شهدتها الولايات المتحدة، إلا أن الفارق في حالة أوكرانيا هو السرعة التي حدث بها مثل هذا التدهور الاقتصادي الحاد، حيث استغرق الأمر بالنسبة لواشنطن نحو أربعة أعوام من عام 1929 إلى عام 1933، انخفض خلالها الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 29 في المئة، بينما شهدت أوكرانيا هذا الانخفاض في غضون عام واحد.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الميزان التجاري للبلاد عكس التباطؤ الاقتصادي، حيث ساهم صافي الصادرات سلبًا في تغير الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10 في المئة، ووصل الميزان التجاري نفسه إلى قيمة سلبية قدرها 25.9 مليار دولار في عام 2022، مقارنة بـ 2.7 مليار دولار في عام 2021. كما انخفضت واردات السلع بنسبة 20.3 في المئة، الأمر الذي جعل قطاع الإنتاج الصناعي يعاني بشكل كبير بعدما شهد انخفاضًا بنسبة 36.9 في المئة في عام 2022.
وقال ميلوفانوف إنه على الرغم من جميع تلك التحديات، تمكنت أوكرانيا من تجنب الانهيار وتمويل نفقاتها، بما يشمل قطاعات الدفاع والاحتياجات الاجتماعية، حيث لعبت القدرة على التكيف والمرونة بين الأفراد والشركات دورًا مهمًا.
إضافة إلى ذلك، كانت المساعدات الدولية عاملًا بالغ الأهمية أيضا، حيث تلقت أوكرانيا 48.6 مليار دولار منذ 24 فبراير 2022. ومع ذلك، لم تكن تلك المساعدات مجانية، إذ وصل عبء الديون على كييف إلى 75.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أو 101.5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2022.
وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع البنك الوطني الأوكراني نموًا اقتصاديًا بنسبة 2.0 في المئة لعام 2023، إلا أن الحد من المخاطر الأمنية سيكون إجراءً ضروريًا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام خلال عامي 2024 و2025، كما سيظل تقديم الدعم الدولي ضروريًا، حيث تشير التقديرات إلى أن أوكرانيا قد تحتاج إلى أكثر من 42 مليار دولار من المساعدات في عام 2023 وحده، وهو ما يرى ميلوفانوف أنه لا يمثل تكلفة كبيرة كما يبدو، لا سيما إذا ما قارناه بثروات رجال الأعمال العمالقة، حيث يمثل 30 في المئة من ثروة رجل الأعمال الأمريكي جيف بيزوس، على سبيل المثال، أو يمثل أقل من 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.



