المحادثات الأمريكية الصينية.. هدوء ظاهري وتراشقات خفية
في أول زيارة لمسؤول أمريكي للصين منذ خمس سنوات، توجه وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى بكين، استمرت لمدة يومين، حيث عقد محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينج، واتفقا على تعزيز الحوار بين البلدين دون التطرق إلى حل القضايا الأكثر جدلاً بينهما.
ويسعى البلدان اللذان يمتلكان أكبر الاقتصادات في العالم إلى وضع العلاقات المتوترة على نحو أكثر استقرارًا، إذ أكد الرئيس الصيني لبلينكن أن التقدم المحرز في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تم بشكل جيد".
وقال بلينكين للصحفيين في مؤتمر صحفي في بكين: "نآمل أن تتحسن العلاقات بين البلدين، وأن نحظى بمحادثات أفضل وتطوير العلاقات التبادلية في المستقبل" مستشهداً ببعض الإتفاقات التي تم التوصل إليها دون الخوض في تعليقات وسائل الإعلام الصينية بشأن الخلافات بين البلدين.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إن بلينكن دخل جلسة مغلقة مع شي بعيداً عن الكاميرات، والتي استمرت لأكثر من 3 ساعات لمناقشة المناوشات العسكرية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، بينما لم يُصدر عن تلك الجلسة أى تصريحات لوسائل الإعلام.
ورغم الهدوء الذي ساد الزيارة ومحاولاتها في إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح، إلا أن لكن التوتر استمرت لا يزال مستمراً، فقد صرح بلينكن إن واشنطن لا تتوهم ما تواجهه العلاقات الثنائية من تحديات".
ووفقاً لموقع "بلومبرج" الأمريكي، لم يكن هناك ما يشير إلى أن محادثات بلينكن قد ساعدت في حل الخلافات الرئيسية التي يتنازع فيها البلدين، ولم يتم إحراز أى تقدم في استعادة المحادثات العسكرية بين جيشي البلدين، وهو أمر كانت الولايات المتحدة الأمريكية حريصة عليه وسط التوترات المتزايدة بين القوات حول تايوان وأماكن أخرى.
ويستمر الخلاف بين واشنطن وبكين حول نزاعات التجارة والممارسات المتعلقة بالملكية الفكرية في الصين، ونقل التقنيات الأمريكية إليها، وأزمات حقوق الإنسان، ودعم الصين للحرب الروسية في أوكرانيا، والقيود الأمريكية على التكنولوجيا المتقدمة، فضلاً عما يواجهُ الرئيس الأمريكي جو بايدن من حرب صناعية سيحاول ردعها بإرسال أربعة مشرعين أمريكيين إلى ديترويت لدعم شركتي فورد موتور وجنرال موتورز لتقليل مخاطر تعرضهما للطفرة الصناعية في شركات إنتاج السيارات الكهربائية الصينية الواردة إلى أمريكا.
ولم يكد يمضي سوى ساعات على مغادرة طائرة بلينكين لبكين، حتى اتخذت وزارة الخارجية الصينية نبرة متشائمة، حيث قللت من شأن اجتماع زعيم الصين بوزير الخارجية الأمريكي، معتبره الزيارة مجرد مسألة "مجاملة" وألقت باللوم على الولايات المتحدة الأمريكية في الاحتكاكات العسكرية التي وقعت مؤخراً.
ويظل التوتر سيد الموقف، فرغم ما بدا من تفاؤل في تصريحات الجانبين، حيث أعلنا استعدادهما لإعادة عقارب الساعة إلى نوفمبر، حين تعهد زعيما البلدين بتحسين العلاقات خلال اجتماعاً عُقد في إندونيسيا، إلا أن خرج هذا السلام المؤقت عن مساره في فبراير بعد أن طار منطاد تجسس صيني في المجال الجوي الأمريكي، مما تسبب في إلغاء زيارة بلينكين إلى بكين ووصلت العلاقات الأمريكية الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
لدى الصين أسباب تدفعها إلى تهدئة التوترات، حيث تواجه بكين مشهدًا جيوسياسيًا صعبًا بشكل متزايد، بسبب منع الولايات المتحدة الأمريكية وصول الصين إلى رقائق عالية التقنية لإحباط تقدمها العسكري وتضغط على الرئيس الصيني لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وتواصل واشنطن أيضاً الضغوط الجيوسياسية بهدف ردع الاستثمار الأجنبي حيث يواجه الاقتصاد الصيني رياحًا معاكسة محلية.
وفي لقائه مع بلينكين، انتقد وانج يي، كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الصين، العقوبات الأمريكية "غير القانونية" وألقى باللوم على واشنطن، في تدهور العلاقات.
ورفض وزير الدفاع الصيني لقاء نظيره الأمريكي لويد أوستن حتى ترفع واشنطن العقوبات المفروضة عليه، شهد الجيشان الأمريكي والصيني مؤخرًا مواجهتين بين السفن البحرية والطائرات النفاثة في المنطقة.



