تراجع نسبي في أعمال الشغب بفرنسا
سجلت أعمال الشغب في فرنسا تراجعا نسبيا ليل السبت - الأحد، بالرغم من القبض على مالا يقل عن 719 شخصا في جميع أنحاء البلاد، بينهم 194 في باريس وذلك خلال ليلة خامسة من الاضطرابات التي شهدتها البلاد إثر مقتل الفتى نائل برصاص شرطي في نقطة تفتيش مروري في نانتير غربي باريس الثلاثاء الماضي.
وقضت البلاد ليلة خامسة وصفت "بالأهدأ" مقارنة بالليالي الأربعة السابقة التي شهدت أعمال شغب أشد عنفا خاصة في مدن مارسيليا وليون.
واليوم الأحد، أعلنت وزارة الداخلية، في آخر حصيلة لها، أن أعمال الشغب التي وقعت الليلة الماضية كانت أقل عنفا وأسفرت عن إصابة 45 من رجال الشرطة والدرك وحرق 577 سيارة و 74 مبنى، فيما تم تسجيل 871 حريقا على الطرق العامة، بالاضافة إلى توقيف 719 شخصا في كل فرنسا بينهم 194 في باريس و65 في مارسيليا (جنوب فرنسا).
واعتبر وزير الداخلية جيرار دارمانين أنه تم تسجيل "ليلة هادئة بفضل الإجراءات الحازمة للشرطة". وفي مدينة مارسيليا الفرنسية، مسرح الأحداث وأعمال الشغب الأكثر عنفا وأعمال النهب، قام عدد كبير من رجال الأمن، بدعم قوات خاصة، بتفريق مجموعات من الشباب أقل عددا من اليوم السابق. حيث تصاعدت التوترات في الليلة الماضية وحاولت عدة مجموعات القيام بأعمال نهب في منطقة "كانيبيير"، لكن قوات الأمن تدخلت على الفور لتفريقهم، حسبما أعلنت شرطة مارسيليا.
وتم ضبط سبعة أشخاص متلبسين بسرقة مصرف لتحويل الأموال، وفقا لما ذكرته مديرية الأمن، بينما حاول أفراد آخرين اقتحام مركز رجال الإطفاء التابع لمنطقة "كانيبيير"، الا أن الشرطة تدخلت وأحبطت عملية الاقتحام.
كما ألقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق عدد من الاشخاص كانوا يحاولون التجمع عند ميناء مارسيليا القديم وحدثت بعض المناوشات مع قوات الأمن. وإجمالا تم توقيف 65 شخصا فى منتصف الليل فى المدينة الساحلية الجنوبية في فرنسا، وفقا لما ذكرته مديرية الأمن، بالاضافة إلى إصابة ضابطي شرطة بجروح، أحدهما في وجهه بعد تعرضه لقذائف الهاون وتم نقله إلى المستشفى، وفقا للشرطة المحلية.
أما في العاصمة الفرنسية باريس، بحسب وزارة الداخلية، تم القبض على 194 شخصا ليلا في باريس وضواحيها على خلفية أعمال شغب.
وشهدت جادة "الشانزليزيه" تواجد أمني مكثف على مدار الليل، خاصة بعد دعوات للتجمع والتظاهر الليلة الماضية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحاول بعض الأفراد التجمع في جادة "الشانزليزيه" بباريس ـ الا أن قوات الامن المتواجدة بشكل مكثف قامت بتفريقهم، وعند المداخل قامت قوات الأمن بعمليات تفتيش لنحو 375 شخصا على إثرها تم توقيف 37 شخصا "لحمل سلاح" حيث أشارت مديرية الأمن إلى أن الأشخاص الذين تم القبض عليهم يحملون أشياء يحتمل أن تشكل سلاحا أو يمكن أن تستخدم كقذيفة تشكل خطرا على سلامة الأشخاص والممتلكات.
لكن بعد ذلك، سادت حالة من الهدوء النسبي والوضع أصبح تحت سيطرة قوات الأمن التي تواجدت في جميع مداخل الشانزليزيه لمنع أي تجمعات او تظاهرات في هذا المعلم، أحد المقاصد السياحية المشهورة بالعاصمة الفرنسية باريس.
كما لم يتم الإبلاغ عن أي حوادث كبيرة أخرى الليلة الماضية في بعض الضواحي الباريسية التي كانت نقطة انطلاق لأعمال الشغب خلال الليالي السابقة احتجاجا على مقتل نائل البالغ من العمر 17 عاما برصاص ضابط شرطة.
وفي ليون (جنوب شرق فرنسا)، المدينة التي شهدت أيضا أعمال شغب أكثر عنفا في الأيام الماضية، تم اعتقال 21 شخصا فقط، وفقا لتقرير نشرته الداخلية الليلة الماضية. وتجنبا لأعمال عنف لليوم الخامس على التوالي، قررت الداخلية تكثيف تواجد قوات الأمن في كل أنحاء البلاد ونشر 45 ألفا من عناصر الشرطة والدرك، وهو نفس العدد الذي تم نشره في الليلة السابقة للتصدي لأعمال الشغب التي هزت البلاد. كما أعلنت الحكومة الفرنسية نشر مدرعات ثقيلة تابعة لقوات الدرك في محاولة لوقف ظاهرة العنف التي هزت شوارع المدن في أنحاء البلاد ، ومن بين هذه المدرعات، مدرعة "سونتير" والتي دخلت الخدمة لأول مرة خلال اليومين الماضيين لوقف الاشتباكات العنيفة بين عناصر الشرطة ومثيري الشغب.
كذلك، تم نشر تعزيزات أمنية كبيرة في مدن "مارسيليا" و"ليون"، المدن الرئيسية التي تضررت وشهدت أعمال أكثر عنفا، بالإضافة إلى إرسال مدرعات ومروحيات، ونشر خمس وحدات أمنية خاصة في مدينة مارسيليا "من أجل التمكن من استعادة الأمن والنظام العام بالكامل".
كما تواجدت رئيسة وزراء فرنسا إليزابيث بورن الليلة الماضية بغرفة قيادة العمليات بالشرطة الوطنية بوزارة الداخلية لمتابعة عن كثب آخر تطورات الوضع في البلاد على خلفية أعمال الشغب التي شهدتها البلاد في الأيام الماضية. وأصيب الفتى "نائل" برصاصة قاتلة أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية تفتيش مروري في "نانتير" غربي باريس وتم تشييع جنازته بالأمس في الضاحية الباريسية بحضور معارفه وسط غياب كامل للإعلام وفقا لرغبة عائلته. وتم توقيف الشرطي ووجهت اليه تهمة القتل العمد. ومنذ ذلك الحين، تتصاعد وتيرة العنف وأعمال الشغب في أنحاء البلاد، الأمر الذي اضطر بسببه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل زيارته الرسمية إلى ألمانيا والتي كانت مقررة اليوم الأحد إلى الثلاثاء وذلك بسبب الظروف الداخلية التي تشهدها البلاد. وأشار الاليزيه إلى أنه "بالنظر إلى الوضع الداخلي ، أكد الرئيس ماكرون رغبته البقاء في فرنسا خلال الأيام القادمة. لذلك اتفق الرئيسان (الفرنسي والألماني” على تأجيل الزيارة إلى ألمانيا إلى موعد لاحق".
إلا أن الوضع في الليلة الماضية كان أكثر هدوءا مقارنة بالليالي الأربع السابقة على الرغم من وجود بعض التوترات في وسط باريس واشتباكات متفرقة في بقية المدن الفرنسية الأخرى، وتسعى السلطات الأمنية بسط سيطرتها لعودة الهدوء في الشارع الفرنسي.



