السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حركة التبادل التجارى بين نيجيريا والنيجر تشهد أوقاتًا صعبة

بوابة روز اليوسف

على الرغم من مشاعر التعاطف العرقى بين قبائل الهوسا التي تعيش فى شمال نيجيريا وجنوب النيجر وحالة من التشابك الاجتماعى والثقافى وما خلقته تلك المشاعر من تعاطف "غير مرحب" بالتدخل العسكرى لدحر الانقلابيين في النيجر، تبرز اعتبارات أخرى ذات طابع اقتصادى وتجاري من الصعب تجاهلها عند احتساب معادلة الرفض أو التأييد الشعبى في مناطق الشمال النيجيري لأي عمل عسكري يقرره قادة دول تجمع إيكواس ضد النيجر. 

ويقول الخبراء إنه نظرا لضخامة مقومات الاقتصاد النيجيري، وكذلك لتشابك الروابط الحدودية والعرقية والقبلية بين شمال نيجيريا وجمهورية النيجر مقارنة بسائر الدول الاعضاء فى إيكواس، ستصبح تبعة تنفيذ الجانب الأعظم من العقوبات الاقتصادية المفروضة إقليميا على النيجر ملقاة على عاتق نيجيريا، وفى المقام ذاته ستكون تبعات تلك العقوبات وآثارها العكسية أكثر ضررا فى وقعها على نيجيريا بصورة تفوق وقع ضررها على النيجر. 

يقدر حجم التبادل التجاري عبر الحدود بين شمال نيجيريا و جنوب النيجر بنحو 226 مليونا و340 ألف دولار أمريكي وهو حجم كبير يجعل من الصعب المغامرة بالتضحية "إلى الأبد" به إذا كانت آلة الحرب هى الخيار الأخير الذي لا مفر منه لإزاحة الانقلابيين فى النيجر. 

إلا أن الخبراء والمراقبين يرون أن العقوبات الاقتصادية التي بدأت مع الساعات الأولى من شهر أغسطس الجارى بموجب قرارات قمة قادة دول ايكواس الاولى فى الثلاثين من يوليو الماضى، قد هددت بالفعل المصالح التجارية المشتركة لمناطق الحدود بين شمال نيجيريا وجنوب النيجر وخلقت أوقاتا صعبة بالنسبة لها، حتى وقبل أن تبدأ آلة الحرب عملها كما هو مرتقب. 

 

وكانت نيجيريا مبادرة بمعاقبة الانقلابيين فى النيجر بقطع إمدادات الكهرباء لها وإغلاق الحدود معها اغلاقا كاملا تنفيذا لمقررات قمة الايكواس، كما شرع بنك نيجيريا المركزى فى تجميد الأرصدة المالية ذات الصلة بمنفذى انقلاب النيجر وأقاربهم وكافة المؤسسات الداعمة لهم، إلا أن أصواتا من نيامى خرجت لتؤكد أن العقوبات النيجيرية لم يذق مرارتها سوى شعب النيجر وليس من قاموا بالإطاحة برئيس البلاد محمد بازوم. 

واعترف بشير أديينى المراقب العام للهيئة الجمارك الاتحادية في نيجيريا أن العقوبات التجارية وإغلاق الحدود بين نيجيريا والنيجر يضيع على الخزانة العامة النيجيرية إيرادات ضخمة نتيجة توقف تحصيل رسوم المرور والجمارك للتجارة والأفراد العابرين للحدود بين نيجيريا و النيجر. 

وأرسل المراقب العام لهيئة الجمارك النيجيرية كتابا إلى مجلس النواب الوطني يبلغهم فيه "مقدما" بالتداعيات المترتبة على إغلاق الحدود بين شمال نيجيريا و جمهورية النيجر واصفا الأمر بأنه "وكأن نيجيريا تعاقب نفسها بسبب هذا الاغلاق بقدانها لما تتمتع به من مزايا فى التجارة مع النيجر .....". 

وقال المسؤول النيجيرى فى كتابه إنه من أصل 226 مليونا و340 ألف دولار امريكى تمثل قيمة التجارة العابرة بين نيجيريا و النيجر سنويا تصدر نيجيريا بما فيمته 91ر192 مليون دولار إلى النيجر وتستورد منها بما قيمته 43ر33 مليون دولار أمريكى وهو ما يؤكد أن ميزان التجارة يتميل دائما لصالح نيجيريا. 

وكانت نيجيريا قد سبق لها أن أغلقت حدودها مع النيجر بصورة جزئية فى العام 2019 فكان نتاج ذلك أن تراجعت قيمة التجارة العابرة بين البلدين بنسبة 76ر78% بحلول العام 2020 من 98ر85 مليون دولار أمريكى إلى 27ر18 مليون دولار أمريكى. 

وتصدر نيجيريا إلى أسواق النيجر كل شىء تقريبا بدءا من الحليب الطازج والمجفف والأدوية والطيور والبيض والعسل الطبيعى والمنتجات الحيوانية المصنعة والخضروات والزيوت الغذائية، فضلا عن المواد الخام والملابس والأقمشة النيجيرية الصنع. 

وتعتبر الشركات النيجيرية أن أسواق النيجر هى مجال حيوى لمنتجاتها وبعضها من يعتبر أن أسواق النيجر هى امتداد لأسواق نيجيريا المحلية نظرا لتشابه عادات الاستهلاك وأذواق المستهلكين فى كلا البلدين لا سيما سكان مناطق شمال نيجيريا و جنوب النيجر اللذان يشكلان معا تكتلا بشريا متجانسا فى الثقافة والديانة والمناسبات الاجتماعية ومن ثم يشكل هذا النسيج المتجانس عرقيا سوقا جيدا للمنتجين والمصدريين النيجيريين. 

وتمتلك نيجيريا البالغ عدد سكانها 220 مليونا أقوى اقتصاد فى إفريقيا جنوب الصحراء، وإليها تتجه نسبة لا تقل عن 70% من الاستثمارات الامريكية فى غرب افريقيا، ويصل رأسمال اكبر عشر شركات نيجيرية كبرى متعاملة مع أسواق جمهورية النيجر إلى 6ر37 مليار دولار أمريكى يشكل ما نسبته 14% من حجم الناتج المحلى الكلى لنيجيريا. 

ولا يستبعد المراقبون أن يكون للعقوبات الاقتصادية المفروضة على النيجر أثرها السلبى على أداء البورصة النيجيرية خلال النصف الثانى من العام القادم – وفقا لمسار التعامل مع الازمة فى النيجر – وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن البورصة النيجيرية "بورصة لاجوس للأسهم"، كانت قد حققت فى النصف الأول من العام الجارى نموا فى تعاملاتها تجاوة 5ر5% وهو المعدل الذي كان متوقعا له أن يواصل الصعود بنسبة 25% بنهاية العام الجاري مقارنة بالعام 2022 لولا التطورات التي شهدتها النيجر بعد التمرد الانقلابى الذي وقع في السادس والعشرين من يوليو الماضي. 

تم نسخ الرابط