وزير الخارجية الياباني يؤكد رغبة بلاده تعميق علاقتها مع العالم العربي على مستويات متعددة
أكد وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هياشي رغبة بلاده في تعميق علاقتها مع العالم العربي على مستويات متعددة من خلال العمل بشكل مكثف على " ركائز ثلاث".
وأوضح الوزير الياباني - أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة للحوار السياسي العربي الياباني اليوم بالمقر الرئيسي لجامعة الدول العربية - أن الركيزة الأولى هي "التعاون نحو الرخاء"، مشيرا إلى أهمية تقوية " علاقتنا " الاقتصادية من منظور طويل الأجل، في مجموعة واسعة من المجالات، من خلال أعمال من قبيل ترويج الأعمال التجارية، وتنمية الموارد البشرية، ومواجهة التحديات الجديدة، بما في ذلك تغير المناخ.
وقال " مع إجمالي عدد السكان الذي يزيد عن 460 مليون نسمة، والناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ حوالي 3.5 تريليون دولار، فإن العالم العربي لديه القدرة على أن يصبح سوقا عملاقة ، كما أنه يتمتع بمعالم سياحية"..مضيفا أنه من ناحية أخرى، فإن اليابان لديها سوقا ناضجة، وتكنولوجيا وموارد بشرية عالية الجودة، وشركات ذات كفاءة عالمية، وشركات ناشئة مفعمة بالحيوية ومعا، يمكننا إنشاء تضافرات رائعة.
وأضاف أن اليابان ستعمل على تحسين بيئة الأعمال بما في ذلك إنشاء الأطر القانونية وعقد منتديات الأعمال في العالم العربي.
وأشار إلى أنه من خلال هذه التدابير، فإن الحكومة اليابانية ستقوم بتشجيع الشركات اليابانية بشكل فعال على توسيع عملياتها لتصل إلى الشرق الأوسط، ولمساعدة المنطقة على تنويع اقتصادها وصناعاتها.
وقال "نستعد الآن للمنتدى الاقتصادي الياباني العربي الذي سينعقد في اليابان في العام المقبل، وهو الذي ينعقد لأول مرة منذ 2019، وسيكون المنتدى بمثابة فرصة رائعة لتشجيع الشركات اليابانية للعمل على فهم جاذبية الاستثمار تجاه العالم العربي"..مضيفا " كما أننا سنعزز التعاون في مجالات الثقافة والرياضة والتعليم والعلوم".
ولفت إلى نظام التعليم باليابان، وقال " يعد أسلوب التعليم الياباني الذي نتبعه في المدارس المصرية اليابانية (EJS) والجامعة المصرية للعلوم والتكنولوجيا (E-JUST) بمثابة حالة نموذجية لنهج الاستثمار في البشر الذي نتبعه".
كما أشار إلى نجاح الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP27) في شرم الشيخ العام الماضي، وإلى عقد الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر (COP28) هذا العام في الإمارات.
وقال إن البلدان التي كانت معروفة بمواردها الطبيعية أصبحت الآن حاملة لواء إزالة الكربون..وقال " عندما زار رئيس وزراء اليابان كيسيدا، دول الخليج في يوليو الماضي، فإنه قدم رؤيته للشرق الأوسط كمركز عالمي لإمدادات الطاقة النظيفة والمعادن المهمة".
وأكد أن اليابان سوف تعمل على إحداث تحول في العلاقة التقليدية بين منتجي النفط ومستهلكيه، وسنتصدى معا للتحديات الجديدة، مثل تغير المناخ.
وأضاف أن الركيزة الثانية فهي "المبادرة نحو توطيد السلام".. ووقال " في مواجهة الصراعات المستمرة، يحتاج الشرق الأوسط إلى توطيد السلام؛ وليس مجرد الوصول لهدوء سريع الزوال".
وأكد أنه بدون حل القضية الفلسطينية لن يأتي السلام إلى المنطقة بالمعنى الحقيقي، موضحا أن موقف اليابان الداعم لحل الدولتين لا يتزعزع وأنه وطوال عقود من الزمن، ظلت اليابان تدعم بناء الثقة والاعتماد الاقتصادي على الذات لفلسطين، وهو ما يشكل أساس عملية السلام.
وأضاف " في الواقع، فإن اليابان أصبحت دولة مانحة للأونروا حتى قبل انضمامها إلى الأمم المتحدة، ولقد تجاوز مجموع مساعداتنا للأونروا المليار دولار"..مشيرا إلى أن المبادرة الخاصة باليابان أخذت تؤتي ثمارها أيضا؛ حيث تتزايد أعداد الشركات الفلسطينية العاملة في مدينة أريحا الصناعية الزراعية (JAIP)، وتستعد هذه المدينة الآن لمزيد من التوسع، ومع ذلك، تواجه مدينة أريحا الصناعية الزراعية (JAIP) مشكلات تتعلق بكيفية جذب الشركات ليصيروا مستأجرين جدد، وكيفية البحث عن سوق جديدة لمنتجاتها.
وأكد ترحيبه بشدة بدعم الدول العربية لهذه المبادرة الهامة، موضحا أن اليابان كانت تقدم أيضا مساعدات طويلة الأمد لبلدان مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق والسودان، حيث لا يزال الوضع متقلبا هناك.
وتابع أن اليابان سوف تبقى منخرطة وثابتة على القناعة بأن الحوار وليس القوة العسكرية، هو ما يحقق الاستقرار السياسي الدائم، مشددا على أن اليابان ستقوم أيضا بتعميق الحوارات والتعاون من خلال أطر التعاون الإقليمية، مثل جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي.
وقال إنه علاوة على ذلك سنعمل على توسيع نطاق تعاون "التعددية المصغرة" بما في ذلك التعاون الذي لدينا مع الأردن ومصر.. مضيفا أنه في شهر مايو الماضي، قامت اليابان بتوقيع اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن نقل المعدات والتكنولوجيا الدفاعية، وهي الأولى من نوعها بين اليابان والعالم العربي، كما قامت اليابان من خلال دعم من الأردن وجيبوتي، بإجراء تدريب على إنقاذ المواطنين اليابانيين المقيمين في البلدين في ديسمبر الماضي ، وهذا كان هو الأول من نوعه يحدث في الشرق الأوسط.
كما أكد أن اليابان ستواصل تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع بالطريقة التي تسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وقال أن الركيزة الثالثة والأخيرة تتمثل في "الجهود من خلال الحوار والممارسة نحو الحفاظ على وتعزيز النظام الدولي الحر والمفتوح القائم على سيادة القانون".. مضيفا " أن مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة (FOIP) هو الذي يعني تعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتصبح منطقة منافع عامة دولية، وتكون حرة ومفتوحة، تقدر الحرية وسيادة القانون، وتكون خالية من فرض القوة أو الإكراه، وهو مفهوم يركز على المنطقة التي مر فيها عدد لا يحصى من الأشخاص من العالم العربي وهم يقودون السفن، وهي المنطقة التي ازدهرت لمئات السنين".
وتابع أن" مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة (FOIP)‘ يرتكز على مبادئ عالمية، مثل الحرية والانفتاح وسيادة القانون".
وأوضح " لا يهدف مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة (FOIP) إلى تشكيل تكتل معين " ومع ذلك، فإنه من الواقع المحزن أيضا عدم مراعاة هذه المبادئ الواضحة بالضرورة، مضيفا " على وجه الخصوص، سيكون هناك تأثير مدمر إذا تم الدوس على تلك المبادئ في منطقة الشرق الأوسط، والتي هي نقطة محورية لحركة الملاحة البحرية ممثلة في قناة السويس، حيث تبحر فيها حوالي 20 ألف سفينة سنويا، فضلا عن مضيق باب المندب، ومضيق هرمز، وهما بمثابة الشريان الرئيسي لنقل الطاقة ".
وقال " منذ العصور القديمة، قام الشرق الأوسط، المعروف باسم مفترق طرق العالم، ببناء حضارات مجيدة، وتمتع بالرخاء من خلال قبول الناس والثقافات القادمة من الخارج بشكل إيجابي ، وكذلك فإن مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة (FOIP) يتشارك مع الشرق الأوسط في تنوعه وشموله وانفتاحه".
وأضاف إن "اليابان سوف تسعى جاهدة، بالقول والفعل معا، لنشر مفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة (FOIP) في المنطقة، وبالتالي، فإنها ستكون قادرة على العمل مع العالم العربي نحو الحفاظ على النظام الدولي الحر والمفتوح، والقائم على سيادة القانون وتعزيزه ".
وتابع في الواقع، فإن التعاون الإقليمي جار بالفعل، مثل المساعدة في تعزيز الملاحة الآمنة في قناة السويس وتطوير ميناء عدن، وكمساهمة أخرى في أمن الملاحة في المنطقة، قمنا بنشر سفن بحرية وطائرات دورية تابعة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية للقيام بعمليات مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال وفي خليج عدن"..مشيرا إلى أنه في المستقبل ستضع اليابان تعاونها موضع التنفيذ في مجالات أوسع، مثل التعاون الثلاثي في شرق إفريقيا.
وأكد أن اليابان، حتى يومنا هذا، قد قدمت دعما قائما على الاحتياجات وطويل الأمد للعالم العربي لمواجهة تحدياته، ومن خلال القيام بذلك، نحن لم نفرض أبدا قيما معينة على أحد ، فإن هذه هي الطريقة التي بنينا بها علاقات الثقة.
وقال " بما أن الوضع يتغير بشكل ديناميكي في الشرق الأوسط والعالم، فقد حان الوقت الآن لنا لدفع علاقتنا إلى الأمام على أساس الثقة التي بنيناها" مؤكدا تطلع اليابان بشدة إلى المناقشة بشأن السبل التي يمكننا من خلالها القيام بالتعاون للمضي قدما للأمام، كما أكد أنه حان الوقت للتوحد من أجل دعم النظام الدولي الحر والمفتوح والقائم على سيادة القانون.
وأضاف أنه بالنظر إلى الشرق الأوسط، فإنه بالرغم من أننا لا نزال نشهد صراعات طويلة الأمد في العديد من الأماكن فيه، إلا أن هناك بارقة أمل، مشيرا إلى أن هناك زخما جديدا للتعاون يبرز في أماكن مختلفة في المنطقة، مثل تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، وتحسين العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
وأضاف أنه من الممكن أن تؤدي هذه التطورات إلى المزيد من التفاعل الإقليمي الأكثر نشاطا وإلى تحقيق الاستقرار في نهاية المطاف.. لافتا إلى أن المجتمع الدولي يتغير والوضع في الشرق الأوسط يتطور بشكل ديناميكي، فإن طريقتنا في التعاون يجب أن تتغير أيضا. وتطرق وزير الخارجية الياباني إلى الطاقة ، قائلا إن أمن الطاقة يظل عنصرا أساسيا في السياسة اليابانية تجاه المنطقة..مضيفا " لكن علاقتنا لا ينبغي أن تتوقف عند هذا الحد، وبدلا من ذلك، في هذه الفترة المضطربة، ينبغي لنا أن نصبح شركاء بشكل أوثق شركاء يتصدون للتحديات معا".
وقال إن المجتمع الدولي يمر بنقطة تحول تاريخية، إثر الحرب الروسية الأوكرانية التي تهز أساس النظام الدولي..مضيفا " نشهد أيضا توترات متزايدة في شرق آسيا "..مشيرا إلى أن أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة أمر غير مقبول في أي مكان في العالم.
وقال " لا أحتاج إلى أن أتحدث واعظا عن مدى فظاعة العيش في عالم محكوم بالقوة أمام زملائي هنا، وهم الذين يمثلون العالم العربي الذي مر بالعديد من اضطرابات الحرب ".



