عاجل| بالفيديو.. من أرشيف الجبهة "الإرادة"
نشرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مقطع فيديو من أرشيف الجبهة " الإرادة "
شاهد الفيديو
بعد الخامس من يونيو عام 1967، أقامت إسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس، خط بارليف الرهيب، وذلك بامتداد 180 كيلومترا من جنوب بورفؤاد، وحتى السويس جنوبًا.
أنفقت إسرائيل على أنشاء هذا الخط، 238 مليون دولار، أرادته خطًا أقوى من كل الخطوط التي عرفت في التاريخ.. كميات هائلة من الصخور، والخرسانة المسلحة، وقضبان السكك الحديدية وحوائط الفولاذ، زرعت حولها الأسلاك الشائكة، والألغام.
وفي داخل مواقع الخط أحدث الأسلحة وأشدها فتكًا، وتدميرا، وبين مواقع خط بارليف ومياه القناة، أقامت العدو ساترًا ضخمًا من الرمال يعلو إلى 32 مترًا، حائط يجعل محاولة العبور في حكم الاستحالة.
وفي حملة نفسية ضارية، أكد قادة إسرائيل قدرة خط بارليف المنيعة، عدم إمكانية اختراقه مهما كانت قدرة القوات المهاجمة، بل انهم قالوا إن القوات المصرية إذا بدأت عبور القناة ستتحول إلى رماد، ومهما حشدت مصر من المدرعات والجنود فلن تستطيع إتمام عملية العبور، وستكون الخسائر المصرية رهيبة، وسيتم سحب قوات العبور المصرية قبل أن تصل إلى الضفة الشرقية، بل انهم قالوا إن إسرائيل ستقوم بضرب قوات العبور المصرية، قبل أن تصل إلى الضفة الغربية للقناة، وقبل أن تبدأ في عبور القناة.
الصبر والصمت
وعاش شعبنا تلك الفترة بالصبر والصمت، يرصد كل تحركات العدو، من هذا المنطلق كان التحدي الذي خاضته قواتنا البسالة، وردا على الغرور والصلف الإسرائيلي، بدأ العمل العظيم في جميع وحدات قواتنا المسلحة، الإعداد الدقيق، التدريب الشاق والتخطيط المحكم من اجل إعادة بناء القوات المسلحة، على أحدث الأساليب، والتمرس الواعي بمنجزات العصر في مجالات التسليح والأجهزة الإلكترونية.
ارتبط الرجال بمعداتهم، تعرفوها عليها وأحبوها، نشأت ألفة فريدة بين الأفراد وأسلحتهم فالمجابهة القادمة سيخوضها المقاتل مستخدمًا كل إمكانيات هذا السلاح، وسيثبت للعالم كذب كل ما روجه العدو عن حقيقة هذا المقاتل.
مناورات كثيرة ومشاريع متعددة، تتم في ظروف تشبه أرض المعركة التي يتوق الرجال لخوضها، ولست سنوات من المعاناة والجهد استمر التدريب الشاق في أسلحة البر، والبحر، والجو.
وفي 26 يوليو عام 1973، أعلن القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس محمد أنور السادات، أمام الشعب: أستطيع أن أقول بكل اطمئنان إن أرادتنا اليوم أصبحت تستند إلى قوة حقيقة، وليس علينا إلا أن نمارس هذه الإرادة، وقت أن يكون الظرف مناسبًا، ووقت أن نختار نحن هذا الوقت.
وفي اليوم العظيم، السادس من أكتوبر عام 1973، هب الرجال وأسلحتهم من الخنادق والملاجئ، لكي يضربوا الضربة الأولي، لكي يتقدموا ويعبروا اعقد مانع عرف في التاريخ.
وحانت ساعة الصفر، وتدفقت قواتنا بكثافة ضخمة، تعبر القناة، مستخدمة كافة وسائل العبور.. القوارب.. الدبابات البرمائية.. المعديات.. الكباري التي أقيمت على صفحة القناة في أزمنة قياسية، ورغم محاولات العدو اليأسة، التدخل بنيرانه وطيرانه، استمر السيل المنهمر من رجالنا إلى أرض سيناء، تحت حماية ستار نيراني من جميع أسلحة قواتنا.
في 6 ساعات فقط، من يوم السادس من أكتوبر عام 1973، صنعت قواتنا أعظم نصر عسكري في العصر الحديث.
عبر الرجال في أزمنة قياسية قناة السويس، واقتحموا ودمروا وأخطر خط دفاعي عرف في التاريخ، خط بارليف الرهيب.. كبدوا العدو خسائر مذهلة في المعدات والأفراد، تحولت الحصون إلى أشلاء مبعثرة ممزقة، تحكى جرأة وإقدام جنودنا الأبطال، لقد تم تدمير مواقع العدو وحصونه منيعة من عيون موسى جنوبًا، إلى شرق بور فؤاد شمالًا، ودفنت مدافعهم الثقيلة في دشمها.. تلك المدافع التي طالما ضربوا بها الأبرياء من سكان بور توفيق، والسويس ومدن القناة.
أمام شجاعة جنودنا وبسالتهم تهاوت أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، استسلم جنود العدو من هول الاقتحام وقسوة المفاجأة.
إن الأبطال المصريين الذين صنعوا معجزة النصر، هم الذين حطموا الأسطورة وأجبروا العدو على الاستسلام بأعداد كبيرة.
وتشهد أرض سيناء، وأجواءها ملحمة من أروع ملاحم النضال، تتدفق مدرعاتنا عبر المعابر العديدة إلى محاور سيناء، تعلن إرادة مصر الحازمة على تحرير الأرض.
إن رجالنا الذين تمرسوا بالتدريب الشاق على فنون القتال، بـ "قلاع الصلب المتحركة"، كان لهم دور بارز في إجلاء العدو عما اغتصبه من أرض الوطن، لقد تعاملوا معهم بكل الجرأة والإقدام تحت حماية جوية كاملة.
إن معارك الدبابات الكبرى، التي اشتركت فيها كل أسلحتنا، تحكي حجم الصراع الكبير، وظهرت التفوق العظيم لرجالنا البواسل، ومدي سيطرتهم على ما بأيديهم من معدات.
قامت قواتنا البحرية بدور بطولي أمنت به لقواتنا حرية الحركة في أرض المعركة وأحبطت محاولات العدو للنيل من شواطئنا.
في تنسيق رائع وإحكام دقيق، أطبقت قواتنا على العدو من كل جانب والتحمت معه واستخدمت كل أنواع الأسلحة، واقتحمت قواتنا مدينة القنطرة شرق، بعد أن تم حصارها داخليًا، وخارجيًا، ودار القتال مع جنود العدو في الشوارع والمباني، حتى انهارت قوات العدو واستسلمت.
وعاد العلم المصري مرة أخرى إلى مكانه العزيز فوق المدينة الثانية في سيناء كلها، مدينة القنطرة شرق، لقد كان المشهد مهيبًا رهيبًا على طول المواجهة، وفي عمق سيناء، القتال حول المواقع وفي داخلها، نيران المدفعية الثقيلة والصواريخ تزمجر بشدة. ويشهد بكفاءة الرجال خسائر العدو الجسيمة، الحديد الأسود المتفحم، الدبابات المحطمة، أبراج الدبابات التي طارت في الهواء، دروع الصلب الممزقة، أجزاء الطائرات المتهاوية، الأسلحة والذخائر التي تركها العدو سليمة وفر هاربًا من هول الصدام.
لقد تهاوت الأسطورة، وأجبرت إرادتنا على الانسحاب، ورفرفت أعلام النصر مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها.



