الجمعة 26 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

سهام السايح تكتب: (لست كومبارس)

سهام السايح
سهام السايح

تحت لحاف شتوي طويل اجتمعت عائلة طاهر متلاصقة ببعضها البعض للتخفيف من حدة الرعب الذي نتج جراء القصف العشوائي، "نموت جميعًا أو نحيا جميعًا" هذا مبدأ منطقي في مثل هذه المدينة المنكوبة، حاولت عاكفة تهدئة أولادها، تارة تروي لهم قصصًا دافئة بنهايات سعيدة وتارة تغني لهم بصوتها الحنون علها تمتص الخوف والقلق من قلوبهم الصغيرة، ولكن القذيفة التي أهلكت جيرانهم منذ ثوانٍ قليلة حالت بين ذلك، كل شيء ينتهي الحب والأحلام، وعندما شعرت الأم أن دورهم قادم احتضنت رضيعها وإخوته بكل قوتها، عسى شعور الأمومة العملاق يشكل مخدرًا لهم من قوة النيران.

 

نهضت صبا وهي الأخت الكبرى من تحت اللحاف لتذهب إلى دورة المياه، حاول أبوها منعها وإقناعها بأن تصبر قليلاً إلى أن يهدأ القصف، ولكن صبا لم تستطع الصبر أكثر من ذلك، سمحت لها أمها بالنهوض وحذرتها ألا تضيء كهرباء الحمام كما أوصتها أن تنتهي سريعًا. 

 

 

خلال دقائق قليلة فقط احتضنت الجدران بعضها البعض، وقد أطلقت عاكفة تنهيدة بحجم عشر قذائف، وقد نتج عن هذا الاحتضان أشلاء مبعثرة، وأوانٍ محطمة، وكتب متفحمة، وأثاث مكسر، وضباب أسود ولزوجة حمراء أغرقت المشهد بالكامل.

 

لم تستوعب صبا ما الذي حدث في هذه اللحظة، وكأن السماء سقطت على رأسها، كادت أن تختنق تحت الردم حاولت بكل ما تبقى لها من قوة أن تزيح الصخرة من على صدرها قبل أن تتلاشى رئتاها ثم شعرت بلزوجة تنبع من خاصرتها فأدركت أن هناك زجاجة اخترقت جسدها، أخذت تصرخ بأعلى صوتها:  ساعدوني.. أمي أنا أنزف.

 

لا من مجيب وكأن الكون أصيب بالخرس.

 

وجه الممرض حاتم أول ما ظهر أمام صبا عندما فتحت عينيها واستعادت جزءًا من عافيتها، وعندما عاد إدراكها إليها رمقته بنظرة متسائلة: أين أمي؟. 

 

-  ما اسمك ؟

 

- صبا اسمي صبا طاهر، وأمي اسمها عاكفة، وأبي سائد طاهر أبحث لي عنهم أرجوك.

 

- كم عمرك يا صبا؟

- خمسة عشر.

- حسنًا....أنتِ كبيرة بما يكفي لتدركي ما حدث، أنتِ الناجية الوحيدة التي تم العثور عليها على قيد الحياة  من تحت الردم، البقية استشهدوا للأسف.

 

قفز الرعب على ملامح وجهها وبدأت التجاعيد تُدخل خيوطها المتعرجة في ثنايا قلبها ثم تجلت على شفاهها ابتسامة ميتة ربما استعارتها من أحد الأشباح، فقد حولها هذا الخبر الصادم لدمية من الخزف لبضع دقائق.

 

  احتضنت الوسادة وأجهشت بالبكاء دون وعي تردد يا الله.. يا الله.

 

 

حاول الممرض حاتم مواساتها بعدما فطر قلبه على رؤيتها بهذه الحالة فوضع يده على رأسها ليخفف عنها، وبعد لحظات قليلة اخترق أذنه صوت جهور أجش قادم إليه: اكسر يدك من عليها ماذا تظن نفسك فاعلاً.

 

 

- ما بك أيها الرجل إني أواسي هذه الفتاة المسكينة وما دخلك أنت؟

 

- أنا عمها رائد طاهر وولي أمرها، هيا اذهب من هنا لا نحتاج لمواساتك الخبيثة.

 

 

نظرت صبا إلى عمها نظرة محملة ببؤس العالم.

 

 

- لم لا تضعين حجابك يا ابنة أخي... قاطعته ابنته سلمى بعينتين مليئة بالدموع: الحمد لله على السلامة يا حبيبتي، رحمهم الله، يا ويلي عليك يا رامي لم  يكمل عامه الأول بعد.

 

 

جلس عمها رائد بقربها على طرف السرير يربت بيده على كتفها قائلاً: هم الآن بالجنة إن شاء الله، عندما تُنهي علاجك في المشفى ستعيشين معنا في بيتي، بيتكم أصبح تلة من الخراب، أنت بمثابة ابنتي سلمى.

 

 

سلمى: أنا سعيدة بانضمامك إلينا يا صبا دائما ما كنت أحلم بأن تكون لي أخت تقاسمني الغرفة.

 

 

عادت صبا باحتضان الوسادة تُكمل بكاءها بعدما اكتمل إدراكها، كل شيء تبخر وأصبح رمادا إلا الذكريات.

 

 

ومرت الأيام ... انتهت صبا من إجراء عملية جراحية تكللت بالنجاح، ثم بدأت بالاستعداد لمغادرة المشفى، وقبل أن تنتقل للعيش إلى بيت عمها رائد ذهبت إلى منزلها الذي تحطم جراء القصف لتودعه للمرة الأخيرة، وقفت على رأس الخراب تنظر إلى الأشياء لعل هناك شيئا نجا من النيران، وأكثر ما أحزنها مشهد الكتب المتفحمة، كانت مكتبتها أغلى ما تملك، سهمت قليلاً ثم تذكرت حينما كانت تجمع مصروفها أسبوعًا تلو الأسبوع لتشتري الروايات بل كانت أحيانًا تقترض من مصروف إخوتها، ثم لفت نظرها نصف ورقة ممزقة  ناجية من الاحتراق التقطتها من بين الحجارة قد أصابها الفضول لترى ما هي هذه الكلمات الناجية: "نظن أن هذه الأشياء لا تقع إلا للآخرين حتى اليوم الذي تقع فيه على رؤوسنا "، ثم التقطت بقايا شال أمها الصوفي وقبعة أبيها ودمية شقيقتها نوال.

 

 

قبل أن ترحل قفز في أثير المكان صوت القذيفة التي قضت على عائلتها،غطت أذناها بيديها كي لا يصلها الأثير المحمل بصراخ إخوتها، ثم أخذت تبكي بحرقة قائلة في ذاتها: ليتني بقيت ملتصقة بكم تحت اللحاف.. ليتني لم أذهب إلى الحمام، اقترب منها عمها وأخذها من يدها متجهًا نحو بيته.

 

 

مرت الأسابيع تلو الأسابيع ولم تستطع صبا التأقلم في بيت عمها خاصة أن عمها غارق في الديون وبالكاد يدبر لهم لقمة الخبز، شعرت بنفسها هم زائد على همومه أو رنين زوجة عمها هي التي كانت تحسسها بذلك.

 

 

جاء اليوم الأول من الخريف

 

دخل رائد طاهر بيته بخطوات حائرة وهمس لزوجته رنين أن تلحق به إلى غرفة النوم، جلس على طرف السرير مرتبكًا.

 

 

- اسمعيني جيدًا يا رنين اليوم جاء أبو عطية إلى دكاني واقترح علي اقتراح جيد وغير جيد بذات الوقت، لهذا قلت له سأفكر بالأمر وأعطيه جوابي قريبًا.

 

 

- ماذا هناك يا رائد تكلم دون مقدمات.

 

 

-    -  اقترح علي أن يسدد جميع ديوني مقابل  تزويجه ابنتي سلمى. 

 

- ماذا تقول هذا مستحيل، هذا الأرمل في مثل سنك بل أن أولاده أكبر من سلمى.

 

 

- ولكن إذ لم أدفع أجار البيت وأسدد المبالغ الكبيرة التي علي خلال أشهر قليلة سنطرد جميعنا إلى الشارع.

 

 

-   لن نطرد.

 

- لديك حل آخر.

 

- نعم... لمَ لا تسد الدين بصبا، هي أصغر من سلمى بسنة واحدة فقط.

 

- ولكن يا رنين …

 

-  لا تخف سأتدبر أمرها بنفسي ولكن اكتم الأمر.

 

 

تغيرت معاملة رنين مع صبا بشكل كلي أصبحت تعفيها من الكثير من الأعمال المنزلية كما غيرت لها غطاء فراشها البني الممزق واستبدلته بغطاء جديد قرمزي اللون كغطاء سلمي، كما لم تعد تجبرها على اطفاء النور باكرًا في وقت الامتحانات، وتوقفت عن عد لقماتها في ذاتها وقت الأكل.

 

 

فرحت سلمى بهذا التغير بشكل كبيركانت دائمًا ما تشفق على صبا، ولم تعلم ما كانت تضمر أمها في قلبها.

 

 

فاتحت رنين صبا بأمر العريس.

 

- حسنًا يا صبا تعلمين أنك بمثابة ابنة لنا، سأزف لك خبرًا رائعًا. 

 

- ماذا هناك يا خالة؟

 

-جاءكِ عريس ثري جدًا، يا ليت سلمى ينالها مثل حظك، ثم وقفت ورفعت يداها إلى السماء قائلة بعينتين حالمتين : يا رب

 

- حقًا.. ولكن علي إكمال دراستي  وأشعر أنني صغيرة على الزواج  الآن. 

 

-  لست صغيرة لو كان هذا العريس جاء لسلمى لما ترددنا بالقبول لحظة واحدة.

 

- هل سيكمل لي تعليمي؟

 

-  بالطبع  ولمَ يمانع.

 

-  حسنًا يا خالة من هو وأين رآني؟

 

 

- إنه أبو عطية صاحب أكبر منجرة في البلد.

 

 

- ماذااا! ذاك العجوز بالطبع لن أوافق.

 

 

-  ليس عجوزًا كما أن الرجل لن يعيبه شيء سوى جيبه، وجيوبه مليئة وتفطح.

 

-  بالطبع لا مستحيل.

 

 

- ما هو المستحيل! وهل تظنين نفسك الأميرة ديانا، إنك لا تملكين قدرًا كافيًا من الجمال، كما أن جسدك مليء بالندوب من ذاك القصف، من سيرضى بك؟

 

 

-  لكن ذلك الرجل لا يليق بي.

 

 

- هل خطبك أحد غيره ورفضنا؟

 

 

-  لكني لم أبلغ السادسة عشرة من العمربعد.

 

 

-  اسمعيني يا صبا إن لم تتزوجي به وتنجي بنفسك ستموتين معنا هنا من الجوع. -  وما رأي عمي؟

 

 

-  موافق بالطبع وسعيد أيضًا، من يرفض أبو عطية إلا المجنون.

 

 

دخلت صبا إلى الغرفة تمسك وشاح أمها وتبكي بحرقة، ثم لحقتها سلمى واحتضنتها وشجعتها على عدم القبول بهذا الزواج.

 

 

- ولكن يا سلمى أمك محقه جسدي مليء بالندوب جراء القصف، أي شاب سيقبل بذلك كما أني أصبحت ثقيلة في هذا البيت.

 

 

- هذه الندوب مؤقته ستزول مع مرور الوقت. 

 

 

- ربما أبو عطية يمتلك شخصية مثل شخصية جان فالجان.

 

 

- الواقع لا يشبه رواياتك الخيالية بشيء، أرجوك أن تري الأشياء على حقيقتها.

 

 

دخلت "صبا" لتستحم، جلست تحت الماء وسحبت ركبتيها إلى صدرها، بدأت تتأمل أناملها كأنها ترى عمرها يتسرب بسرعة من بينهم، شعرت بأن مستقبلها يتشكل من البخار، وكأنها بقايا لحضارة منسية، فقدت حق البطولة في مشهد حياتها ولم يعطوها سوى دور الكومبارس، لم يقفز في خيالها في تلك اللحظة إلا صورة لملك الغابة وهو يتحول بين ليلة وضحاها إلى محط للسخرية في سرك حقير بسبب لحظة غفله، ثم شعرت بشكل مفاجئ بتيارات ثلجية تهبط على شعرها بسبب برودة المياه فتنبأت أن "رنين" قد أغلقت المياه الساخنة لأنها تجاوزت المدة المسموح بها للاستحمام، ولكن صبا لم تتأثر ببرودة المياه كثيرًا بسبب أحاسيسها التي تحترق من الذل في هذا البيت، ثم وجهت كلامها لقطرات الندى التي تتدفق من أهدابها قائلة: ليت ذلك القصف كتب الفصل الأخير من حياتي وحولني لجثة عابرة.

 

 

بعد تفكير دام أسبوع وافقت صبا على العريس تحت ضغط زوجة عمها على أمل أن يكون هذا العريس نجاة لها من الجحيم الذي تتقلب فيه في بيت عمها، إنها لم تتعرض للضرب أو التعذيب ولكن كان يحصل أشد من ذلك داخل روحها.

 

 

طلبت مكتبة مليئة بالروايات مهرًا لها.

 

فتح أبو عطية باب غرفته بكل لطف كي لا يتلف الزينة.

 

 

- أهلا بالعروس أدخلي الغرفة برجلك اليمين.

دخلت صبا الغرفة برعب بسبب كمية النفور التي تشكلت على جسدها الشاحب عند رؤيته، ثم أسدلت جفونها ندمًا وهو يظن أنها تسبلهما حياء، وضع أصابع يده المكرمشة على خصرها ليجعلها تسترخي ولكن ذلك لم يزدها إلا نفورًا، بل وكأنها مخالب جليد تنغرس في خاصرتها ثم ارتداها بشكل تقليدي شرس.

 

 

أدركت صبا بهذه اللحظات أنها كانت تتعلق بأهداب أمل مزيف مما جعلها تذرف دمعة خيبة ينصهر لها الحديد، وهو يظنها دمعة المتعة والألم.

 

 

حملت صبا بعد أيام قليلة من الزفاف، عندما علم أبو عطية بخبر حملها أخذ قرارًا دمر به الأجزاء المتبقية من روحها فقد منعها من أن تكمل دراستها بحجة الحمل والولادة.

 

 

 الشيء الوحيد الذي كان يواسيها مكتبتها فكانت تدفن نفسها بين الكتب أغلب النهار كي تنسى واقعها الأليم، وعند عودة أبو عطية من عمله ليلاً كانت تحاول بكل جهدها تزيف الواقع أمامها تارة تتخيله السيد "دارسي" بطل رواية جين أوستن، وتارة تتخيله "جان فالجان" بطل رواية "فيكتور هوغو"، وتارة أخرى تتخيله "هولدن" بطل رواية "سالينجر"، وعندما تشتم رائحة زوجها تعود بسرعة البرق إلى الواقع وتتلاشى روعة أحلامها إلى هاوية البؤس وزواياها.

 

 

جاء الشتاء مع الحرب في وقت واحد وكأنهما يتواعدان سرًا.

أصبحت صبا في الشهر الخامس من الحمل، وقفت أمام المرآة تتحسس بطنها وكأنها تسلم على جنينها، أخذ أبو عطية من الخزانة شالا من الصوف وألقاه على كتفيها كي لا يتسرب البرد إلى الجنين، وخلال لحظات قليلة فقط احتضنت الجدران بعضها البعض جراء القصف العشوائي، سارع أبو عطية باحتضان صبا كي يحميها هي وجنينها من الردم.

 

مات أبو عطية

 

 بقيت صبا على قيد الحياة أسفل صخرة صغيرة الحجم أمسكتها بأناملها كي ترفعها ثم توقفت قليلاً وفكرت أن موتها أفضل ما سيحصل لها منذ مدة طويلة فتركت الصخرة، وبعد مرور دقائق قليلة من اليأس غيرت رأيها عندما تذكرت وجود روح أخرى داخل أحشائها، بدأت برفع الصخرة رويدًا رويدًا ونجت بنفسها ولكن قوة الدخان تسببت لها بالإغماء.

 

 

أسوأ شعورٍ يحس به المرء أن يجد نفسه ضيفًا ثقيلاً غير مرغوب فيه في العالم وكأن الزمن حين قذفه إلى الدنيا كان مكرهاً .

 

وجه الممرض حاتم أول ما ظهر أمامها عندما استعادت وعيها.

- هذا أنت.

 

- الحمد لله على السلامة يا صبا.

 

 

- كيف حال الجنين كيف هو طفلي؟

 

- للأسف أجهضت الطفل، أنت صغيرة  يا صبا جسدك لم يقوعلى حماية الطفل. - لم لا تستقر على رأي أيها الممرض تارة تقول لي أنت صغيرة وتارة كبيرة .. هل لي أن أرى ابني ربما تعود له الحياة، قرأت ذات مرة أن هناك أم عادت لها الحياة عندما احتضنت رضيعها ربما الآن تصبح معجزة أخرى أين هو الآن هاته لي.

 

 

- أحضري لي إبرة مهدئ أيتها المساعدة.

 

 

استعادت صبا جزء من عافيتها النفسية والجسدية مع نهاية الشتاء (تعافت بالكتب)، سمحت لأظافر النسيان من خدشها، ثم قررت أن تدفن الأسى أو على الأقل أن تُوقف تمدده وتوسعه، أخذت بنصيحة الكاتب  ديستوفيسكي حين قال :"لا يمكنك أن تُشفى في نفس البيئة التي جعلتك مريضًا".

 

 

 إنها في هذه المدينة كاليرقة العالقة في خيوط العنكبوت كلما وصلت لنهاية الخيط وجدت كرة جديدة من الخيوط المتشابكة، قررت الرحيل عن مدينتها، إنها لا تتحمل وجود ذكرى حزينة جديدة تدخل حياتها،  لجأت إلى الهجرة غير الشرعية عبر البحر وصولاً إلى اليونان ومنها إلى دول أوروبية أخرى فاستقلت القارب ومعها عشرة فلسطينيين آخرين.

 

 

أشرقت شمس اليوم التالي بتردد.

 

 

 فتحت سلمى المذياع أثناء تحضيرها للفطور ثم أخذت تجهز أكواب الشاي إلى أن يخمر وقد لفتها صوت المذيع الحزين، أدركت أن هناك خبرًا حزينًا يجهز له، رفعت صوت المذياع:

 

 

المستمعون الكرام يؤسفني أن أصابحكم بخبر مأساوي: غرق قارب لمهاجرين فلسطينيين في عرض البحر قبل وصوله إلى اليونان وقد قضى المهاجرون ساعتين يصارعون بها الرعب والضباب والمصير المجهول الذي خلقته أمواج البحر حتى أنقذت الشرطة التركية أربعة منهم في حين فقدت أثار السبعة الباقين. 

 

 

الحياة أحيانًا تتحول إلى مصيدة ولكن بالوقت ذاته يستطيع المرء بقوته الداخلية أن يحول فتحات شباكها إلى أبواب بحجم الكهوف.

 

 

دخلت صبا إلى الأراضي التركية وقد وقفت تحت مظلة الرصيف واضعة يديها في معطفها.

 أسرعت الصحفية إليها.

 

 

- حدثينا عن الفاجعة وكيف نجوتي؟

 

 

نظرت صبا  إلى الكاميرا بنظرة لا تفسر قائلة: أبي علمني السباحة في البحر منذ نعومة أظافري، وأوصاني بوصية مازالت محفورة في أذني إلى اليوم حيث قال: "إذا ما قست المياه عليك في يوم من الأيام احتضنيها بكل رفق لأن الاحتضان يجعل وزن المرء خفيفًا كالريشة، نحن لسنا كومبارس في هذا العالم" وفي كل مرة كنت أنجو بها كنت أتأكد أني لست كومبارس في هذه الحياة وأن هناك شيئًا عظيمًا ينتظرني.

 

 

- هل ستعودين إلى أرض الوطن يومًا ما؟

 

 

لم تجبها صبا ثم سارت وحدها تطرح الأسئلة على ذاتها... وطني.. ما هو الوطن.. هل هو المكان الذي أولد فيه أم المكان الذي أشعر فيه بالحنان والأمان، أو لربما الوطن هو حضن الحبيب، أو يد الأم، أم صديقة وفية! ماهو الوطن.

 

 

 ما هو الوطن يا غسان ما هو؟.

 

 

تم نسخ الرابط