عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
يوم الشهيد
البنك الاهلي
هل أتاك حديث شهداء مصر وتضحياتهم؟

هل أتاك حديث شهداء مصر وتضحياتهم؟

لو أن للتاريخ عينين ولسانًا وشفتين؛ لقص علينا أحسن القصص، بما سطره شهداء مصر، من بطولات وتضحيات منذ فجر التاريخ لتحيا عزيزة أبية، مُنذ أشرقت على أرضها شمس الحضارة، ليمتد دفئها ويضيء نورها أرجاء الكون.



 

 

 

على أرض مصر نبتت الحضارة قبل سبعة آلاف عام، نمَت شجرتها الوارفة، أهدت ثمارَها إلى العالم، أسّسَت أول دولة في الكون بالمفهوم الحديث، أرض ذات حدود باقية، شعب متجانس يملك إرادة العيش المُشترك، قادر على الدفاع عن مقدراته وإرادته، يبذل في سبيل الحفاظ عليها الأرواح والدماء.

 

 

 

عام 3200 قبل الميلاد، هناك كان المَلك مينا في طيبة، يجتمع بقادة جيشه، يضع خطة التحرك لتوحيد قُطرَي مصر الشمالي والجنوبي، ينجح في هدفه، يعظم قدرات جيشه؛ لحماية الدولة، فيكون أول ملوك مصر الموحدة، وتتوالى أسرات مصر القديمة، في البناء والتعمير، ومجابهة التحديات العدائيات.

 

 

 

تزدهر الدولة المصرية، تؤسّس للحضارة الإنسانية، وما إن تصيبها لحظات من الضعف في عمر تاريخها، حتى يقتنص الهكسوس «سكان الرمال»، الفرصة للعدوان عليها واحتلال أراضيها.

 

لكن تاريخ مصر، يؤكد دائمًا أن هذا الشعب لا يعرف الاستسلامَ، فسرعان ما نظم المَلك "سقنن رع"- الأسرة السابعة عشرة 1575 ق.م- صفوفه ليبدأ الجهاد لتحرير الأرض؛ متقدمًا قواته، حتى ارتقى شهيدًا؛ ليكون أول مَلك شهيد في مصر القديمة في حروب «الاستقلال».

 

 

 

چينات الكرامة والتضحية والفداء، يتوارثها الأبناءُ والأحفادُ، فنهض المَلك "كامس"، الابن الأكبر للشهيد "سقنن رع"، يواصل ما بدأه أبوه، مؤكدًا: «لا يمكن أن يشعر أحد بالراحة عندما يتم حلبهم بضرائب الآسيويين، سأصارعهم لإنقاذ مصر التي دمروها».

 

واصل المَلك "أحمس" حروبَ الاستقلال بعد استشهاد شقيقه "كامس"، قاد معارك تحرير مصر، لنحو خمس سنوات، حتى حقق النصر المُظفر، بطرد الهكسوس من كامل البلاد، لاحقهم خارج حدودها؛ ليعود يواجه عدوانًا على الجبهة الجنوبية، فيحقق انتصارات مَهدت لإعادة بناء قوة الدولة المصرية القديمة.

 

 

 

يتوارث المصريون جينات المقاومة، فمنذ ذلك التاريخ وما تلاه من بطولات في كل حقب تاريخ مصر، لا يعرف شعبها غير الصمود والمقاومة بديلًا، لتحيا مصر ببطولات شعبها وتضحيات شهدائها.

 

 

صهر شعب مصر كل الغزاة، تتحطم على صلابة هويته، ومقاومته، إمبراطوريات وقوَى استعمارية متوالية، أبرزها: الهكسوس، والآشوريون والفرس والإغريق واليونانيون والبطالمة، والفرنسيون والبريطانيون، حتى الصهاينة 1967م. جميعهم رحلوا يجرون أذيال الخيبة، انهارت إمبراطوريات كانت لا تغيب عنها الشمس، وبقيت مصر.

 

 

 

الشهداء.. عند ربهم أحياء، هذا وعد الله الذي قال في كتابه الكريم: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون».. صدق الله العظيم.

 

 

 

ولا شك أن انتقال الشهيد من الحياة الدنيا، للحياة عند ربه، تكريمًا للتضحية والفداء الذي يقدمه الشهيد، فبهذه التضحية تحيا الأوطان، والأديان، والأنفس.

 

 

 

ولعل تضحية شهداء مصر، على مر التاريخ، في مواجهة التتار والمغول وحملات الصليبين، ثم العدوان الثلاثي عام 1956، والاحتلال الصهيوني لسيناء وأراضٍ عربية 1967، وما تلاها من حرب استنزاف سطرت فيه أعظم البطولات، وصولًا إلى انتصار أكتوبر 1973، كانت جميعها حماية لملايين الأنفس من بطش الأعداء واستعادة لكرامة الأمتين العربية والإسلامية وحفاظًا على التراب الوطني والدولة المصرية.

 

 

 

فما إن أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، حتى تحركت قوات الطيران الفرنسية والبريطانية ومن خلفهما الإسرائيلية، في عدوان ثلاثي 31 أكتوبر 1956م، محاولة كسر الإرادة المصرية، وإجبار قيادها على التراجع عن قرار التأميم.. فكانت دماء الشهداء وتضحيات شعبها جدار المقاومة وحصن الحفاظ على الإرادة واستقلال القرار المصري.

 

 

 

مع شروق شمس الاثنين 5 يونيو 1967م، في تمام الساعة 8.45 صباحًا تشن قوات العدو الإسرائيلي ضربة جوية مُكثفة على المطارات المصرية وبطاريات الصواريخ، ليقدم 25000 شهيد أرواحهم فداء للوطن، في استهداف صهيوني غادر لم يمكنهم من مواجهة عدوهم.

 

 

 

ساعات وبدأ الأبطال يضمدون جراحهم، ويبدؤون المواجهة في حرب استنزاف لم تمهل العدو وقتًا لالتقاط أنفاسه، فتكبد خسائر فادحة دفعته لإعادة حساباته، ورمّمت ما أصاب الروح المعنوية لمقاتلينا من شروخ.

 

 

 

وكما استشهد الجد المَلك القائد "سقنن رع الأول"، في مَعارك الجهاد لتحرير مصر من الهكسوس أول غزاة لمصر في التاريخ؛ فقد استشهد في 9 مارس 1969م، الفريق عبد المنعم رياض وسط جنوده على الجبهة الأمامية للقتال.

 

 

 

قدّم الفريق عبد المنعم رياض نموذجًا لطبيعة القادة، الذين تحمّلوا مُهمة إعادة بناء القوات وتنظيمها والتخطيط لحرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر المجيد، فقد تولى مهمته بعد هزيمة يونيو 1967م، وكان له دور بارز في قيادة عمليات حرب الاستنزاف، فهؤلاء الرجال كانوا دائمًا وسط جنودهم.

 

 

 

تحول يوم استشهاد الفريق عبد المنعم رياض إلى عيد سنوي للشهيد، تحيي فيه مصر ذكرى التضحية والفداء، واليوم تحتفي القوات المسلحة المصرية بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي في ندوتها التثقيفية ببطولات أبناء مصر من الجيش والشرطة الذين قدموا أرواحهم أو أجزاء من جسدهم لتحيا مصر وشعبها كرامًا آمنين.

 

 

 

استشهد الفريق عبد المنعم رياض في الخطوط الأولى على الجبهة، بعد جهود عظيمة لإعادة بناء القوات المسلحة وتجاوز آثار الهزيمة، ليواصل الأبطال حرب الاستنزاف وصولًا لانتصار أكتوبر العظيم الذي يُمثل إعجازًا وطنيًا بكل المقاييس العلمية والعسكرية والسياسية.

 

 

 

فعلى خطى الأجداد سطر الأحفاد بطولات عظيمة في حربهم ضد الإرهاب، ليحمي جنود مصر، جيشًا وشرطة، بأرواحهم شعب مصر، فقد قدمت مصر منذ العام 2013 حتى اليوم أكثر من 3277 شهيدًا، ونحو 12 ألفًا و280 مُصابًا، الكثير منهم فقدوا أجزاء من جسدهم.

 

 

 

بدماء آلاف الشهداء وتضحيات أبطالها، قضت مصر على الإرهاب، واستعادت أمنها، وحافظت على كامل ترابها، وكتبت بأحرف من نور ملاحم يجب أن تروى للأجيال ليدركوا حجم ما قدمه الأبطال ليحيا الوطن.

 

 

 

في يوم الشهيد، نبعث بتحية إلى أرواحهم، ونؤكد أننا على دربهم سائرون، في الحفاظ على سلامة الوطن، الذين ضحوا بأرواحهم في حروب ومعارك الاستقلال، وفي معارك التحرير من الاحتلال، ومعارك التطهير من الإرهاب، ومعارك التنمية والتعمير.. عبر ملف كامل في "بوابة روزاليوسف".

 

 

 

يجب أن يظل الشعب مدركًا تضحيات الشهداء، محافظًا على أسرهم، وأجمل ما نشهده في عيد الفطر المُبارك كل عام، هو احتفال الرئيس عبد الفتاح السيسي مع أبناء الشهداء، وهو رسالة رمزية من القيادة السياسية لكل مستويات القيادة بالدولة مفادها تقديم كل الدعم لأسر شهداء مصر.

 

 

 

تحية إجلال وتقدير لأرواح شهداء مصر في كل معاركها الوطنية، أبطال حروب «الاستقلال»، و«التحرير» و«التطهير» و«التعمير».

 

 

 

حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا ومؤسسات وقيادة.

 

[email protected]

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز