جمال عبدالصمد
نهاية الحكاية
لكل قصة بداية ونهاية ورحلتك في الحياة تبدأ بالبكاء عند قدومك إلى الدنيا وتنتهي أيضا بالبكاء عندما تودع الدنيا، وما بين البكاءين رحلة روحانية قد انتهت، فاز بها من فاز وخسر من خسر، فلهذا عليك أن تحرص دائما على التقرب إلى الله بالطاعات والأعمال الصالحة، وأداء الفرائض، والنوافل، بالإضافة إلى الزكاة والصدقات، والكلمة الطيبة، فضلا عن مد يد العون للمحتاج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، وغيرها من الأعمال الصالحة التي ترجح كفة الفوز بالآخرة.
أقوال ونصائح عديدة لعلها تكون عظة لبعض الناس الذين ضعفت نفوسهم واهتموا بمغريات الدنيا وتناسوا حساب الآخرة، فأعلم يا ابن ادم أنه عندما يأتي موعدك هناك من سيقوم بكل الإجراءات اللازمة فلا تقلق ولا تهتم، فستجد من يقومون بتجريدك من ملابسك تمهيدا لعملية تغسيلك ثم تكفينك بالثوب الأبيض، وآخرين يحملونك خارج منزلك متجهين بك إلى سكنك الجديد "القبر"، وسيأتي الكثيرون من الاصدقاء والجيران والأقارب لكي يودعونك من خلال مشاركتهم في تشييع جنازتك، فمنهم من سيقوم بتأجيل مهامه وارتباطاته، ومنهم من سيلغي اعماله، وذلك من أجل حرصهم على تواجدهم لكي يودعوك وينظروا إليك نظرة الوداع الأخيرة.
لحظات وتتحول من حاضر إلى ماض، سوف يتم التخلص من أشيائك ومقتنياتك الخاصة عن طريق التصدق بملابسك وأحذيتك، وستتحول إلى مجرد ذكرى لدى أحبابك والمقربين إليك، فاعلم جيدًا أنه بعد وفاتك لن تتوقف ساعة الدنيا، بل طاحونة الحياة ستظل تعمل وتدور، وكذلك مجريات الأحداث اليومية، أما بالنسبة لعملك فسوف يأتي غيرك لكي يستكمل مسيرة وظيفتك، بينما أموالك سوف توزع على الورثة من خلال القسمة الحلال، لكن أنت الذي سوف تحاسب عليها بمفردك، وبعد أن تنتهي حكايتك بين الناس "الدنيا" ستبدأ قصتك الحقيقية نحو "الآخرة"، وفي هذا الوقت يكون قد زال عنك المال والجمال والأبناء والصحة وغيرها من متع الدنيا وأهوائها ولم يبق معك سوى عملك.
ختامًا.. وبعد أن تم سرد تفاصيل رحلة الإنسان في الحياة، علينا أن نتقرب إلى الله عز وجل وأن نعلم جيدًا أن الدنيا فانية ليس لها أي قيمة، فعلينا جميعًا أن ننتبه إلى أن نزرع في دنيتنا ما نسعى إلى حصاده في الآخرة، وهنيئا لمن ربحت تجارته حيث باع الدنيا واشترى الآخرة، نحن أمام حقيقة تحتاج إلى التأمل وتطرح العديد من التساؤلات ومنها:
ماذا اعددنا جميعا لأخرتنا؟ هل قمنا بزراعة ما ينفعنا عندما يتم حصاده؟ هل استعديت للموت ومغادرة الدنيا بسلام وطمأنينة؟ هل سألت نفسك ماذا سيكون مصيرك عندما يتوفاك الله؟ هل بعت الدنيا واشتريت الآخرة؟ هل لديك رصيد كاف يفيدك في الآخرة؟ هل حان الوقت لكي تنقذ نفسك من دوامة الحياة؟
نصيحتي لك هي أن تنتهز الفرصة الآن لعلك تنجو قبل أن يسدل الستار على نهاية الحكاية.
اللهم احسن خاتمتنا، اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا، وسخر لنا من عبادك من يدعو لنا إن حان وقتنا، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة.. اللهم آمين يارب العالمين.
















