في أيام قرطاج المسرحية.. "لعبة النهاية" تزدهر خارج أسوار الطليعة
احتفى الجمهور التونسي بالعرض المصري "لعبة النهاية" المشارك بالمسابقة الرسمية ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية شهد العرض اقبالا كبيرا بمسرح الريو بمدينة تونس؛ ربما كانت تلك المرة من المرات الفارقة التي يقدم فيها العمل الفني خارج أسوار مسرح الطليعة؛ خرج العرض من قاعة صلاح عبد الصبور الصغرى ليشهد اقبالا جماهيريا كبيرا في قاعة أكبر بين حضور جماهيري أضخم بخشبة الريو مما كان له أثرا واضحا على حالة العرض بشكل عام.
"لعبة النهاية" مأخوذ عن نص "نهاية اللعبة" لصموئيل بيكيت وهو أحد رواد مسرح العبث؛ في أجواء عبثية تماما تدور أحداث العرض المسرحي حول شخصية "هام" الرجل الأعمى الذي يجلس عاجز على كرسيه ولا يتحرك طوال العرض وخادمه "كلوف" الذي يخلص كل الإخلاص في طاعة وخدمة سيده وتلبية أوامره بلا جدوى ثم "ناج" و"نيل" والد ووالدة هام اللذان توفيا منذ وقت طويل ويظهران له من حين إلى آخر داخل براميل أشبه ببراميل القمامة المتعفنة.
منزل عفا عليه الزمن لا يدخله الضوء إلا في صورة شحيحة ورجل عجز عن الحركة والحياة أصيب بالعطب في جسده وروحه مما كان له أبلغ الأثر على خادمه الذي ضجر به وبالحياة معه وبطاعة أوامر ليس لها نهاية أو معنى؛ يدور بين شخصيات العرض حوارات فارغة حالة غير منطقية وحياة كئيبة قاتمة تبعث في نفس صاحبها الرغبة في الإنتحار ربما يعتبر العمل نموذجا مثاليا عن تعبير مؤلفة بيكيت عن شدة ضجره بتلك الحياة المملة الرتيبة التي لا تشهد تغيرا أو تطورا يذكر سوى ثبات المكان والزمان وتوقف آلة الزمن وبالتالي توقفت حركة الحياة كما توقفت حياة هذا الرجل الذي أصبح يعيش في عجزه يتذكر من حين إلى آخر والده ووالدته اللذان يخرجان له من هذا البرميل الصدىء يداعبانه في ثرثرة حوارايه ليس لها أي جدوى سوى أنه قام باستدعاء أحدهما أو كلاهما في خياله من باب التسلية وإضاعة الوقت.
في محاولة لخلق معنى من اللامعنى قدم سعيد قابيل إعداد مسرحيته "لعبة النهاية" حاول رسم أجواء تلك الحياة المنتهية لهذا الرجل ومن معه؛ نجح قابيل ومعه فريق العمل في إجادة وإتقان تلك الحالة المسرحية الاستثنائية التي قدم عليها العرض المسرحي؛ لعب الدكتور محمود زكي بطولة العرض بمهارة واحتراف كبير أتقن حياة الضجر والخيال التي يعيشها هذا الرجل كما استطاع ومعه محمد صلاح في دور خادمه وضع الجمهور في هذه الدائرة العبثية غير المجدية بين الرجل وخادمه وأمه وأبيه لمياء جعفر ومحمد فوزي كان لحضورهما واختفائهما داخل تلك البراميل الباليه أبلغ الأثر على توقف حياة هذا الرجل وكأنه يحيا بينهما داخل قبر كبير؛ اكتملت عناصر الجودة بالعمل الفني وازدهرت اللعبة بأيدي صناعها يوم عرضها ضمن فعاليات التسابق بأيام قرطاج المسرحية حيث شهد العمل ثناء كبيرا من الحاضرين.



