6 أسباب دفعت "بايدن" إلى العفو عن "هانتر"

أثار الإعلان المفاجئ مساء الأحد الماضي عن العفو الشامل عن هانتر بايدن غضب واشنطن. 

وبحسب مجلة التايم في عددها الجديد، تحول الحديث إلى ما قد يعنيه هذا التحول في الموقف بالنسبة لإرث الرئيس، والتأثير الذي قد يحدثه على مصداقية وزارة العدل المنهارة بالفعل، وما إذا كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وهو نفسه مجرم مدان، سيقبل العفو باعتباره الكلمة الأخيرة. 

بدا الأمر كله صاخبًا للغاية، وعاجلًا للغاية - وبالنسبة للبعض، كان متوقعًا للغاية.

ولكن عندما ننظر إلى خيار بايدن ــ استخدام سلطة مضمونة في الدستور مع قيود قليلة للغاية ــ فإننا ندرك أنه يبدو منطقيا بعض الشيء، نعم، تراجع بايدن عن تعهده المطلق بعدم ممارسة حق تجنيب ابنه المحاكمة. 

نعم، يتعارض هذا مع انتقادات الديمقراطيين القديمة لترامب، والتي تؤكد أنه لا ينبغي لأحد أن يكون فوق القانون بغض النظر عن ارتباطه بالمكتب البيضاوي.

 ونعم، سوف يلاحق هذا القرار الأسابيع الأخيرة لـ"بايدن' في منصبه بطرق قد تشتت انتباهه عن عمله العاجل لبناء إرث بعد نصف قرن من الحياة العامة.

لكن كل هذه الانتقادات تتجاهل حقيقة أكبر: واجه جو بايدن قرارًا أكثر صعوبة من قرار إبقاء ابنه الوحيد الحي خارج السجن أم لا. 

سيعتبر الكثيرون هذا القرار خطوة أنانية تمامًا من قبل أب مذنب يتبع غريزته.

 ومع ذلك، بطريقة ما، ربما كان هذا هو القرار الأكثر تفكيرًا الذي اتخذه بايدن هذا العام - وهذا يشمل الإعلان المفاجئ في يوليو عن نيته التنحي عن الترشح للرئاسة على قائمة الحزب الديمقراطي.

وفيما يلي العوامل الستة التي تفسر سبب توقيع بايدن على الأمر الذي يبلغ عدد كلماته نحو 200 كلمة.

 ترامب لم يخف رغبته في الاستمرار في ملاحقة عائلة بايدن

لسنوات، كان هانتر بايدن وعمله في شركة طاقة أوكرانية بمثابة مادة دسمة للمحافظين - الذين لا يزال الكثير منهم يعتقدون أن الأموال المدفوعة لهانتر مقابل عمله في مجلس إدارة شركة بوريسما كانت كيسًا من النقود لعائلة بايدن، حيث استولى جو بايدن على حصة من هذه الإموال، ولكن تم تفنيد الكثير من قضية الحزب الجمهوري ضد عائلة بايدن وفشلت جهودهم لعزل جو بايدن.

 ومع اقتراب ترامب من العودة إلى قيادة وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي - بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قد يقوده موالٍ صريح أيد تعهد ترامب بدهس أعدائه انتقامًا - كان هناك خوف هادئ من أن يجعل الرئيس المنتخب مطاردة جرائم هانتر بايدن أولوية - حتى لو كان هانتر بايدن يقضي بالفعل عقوبة بالسجن. 

وجعل توقيع جو بايدن على عفو واسع النطاق بشكل غير عادي هذه الجهود بلا معنى، حيث لا يمكن توجيه أي تهم فيدرالية لهانتر بايدن.

التعامل مع قضايا هانتر بايدن بشكل مختلف

ويخلص معظم الخبراء إلى أنه بالنسبة لأي شخص آخر يواجه هذه التهم، كان من المرجح أن يتم التعامل مع القضايا بصفقة إقرار بالذنب، وهي صفقة كانت مطروحة على الطاولة ذات يوم لكن قاضٍ عينه ترامب رفضها بسبب اتساع نطاقها الجديد. 

وأصبحت الملاحقة القضائية أكثر حداثة بمجرد فوز المدعي العام الأمريكي لولاية ديلاوير الذي رشحه ترامب بمنصب مستشار خاص في قضية هانتر بايدن. 

وبفضل مكانته المحصنة، واصل المستشار الخاص ديفيد فايس السير على مسار أسفر عن إدانات في ثلاث تهم جنائية فيدرالية لشراء سلاح بشكل غير قانوني وتسعة إقرارات بالذنب في تهم ضريبية فيدرالية. 

وكان من المقرر أن يُحكم على هانتر بايدن بإدانته بحيازة السلاح في 12 ديسمبر الجاري، يليه حكم في 16 ديسمبر أيضًا بتهمة التهرب الضريبي. وإذا ما حُكِم عليه بالعقوبات القصوى ــ وهو أمر غير مرجح ــ لكان ليواجه ما يصل إلى 42 عاما في السجن.

لم يكن التقاعس عن العمل خيارًا أبدًا

نعم، لقد تراجع جو بايدن عن موقفه دون أي اعتذار. 

نعم، لقد كان يركض حول العالم - حرفيًا - ليخبر الجميع أن نظام العدالة الأمريكي يعمل لصالح ابنه ومنافسه ترامب.

 نعم، كان ليتقبل الهراء من بعض نفس الأشخاص الذين سعى بايدن لكسب تأييدهم لعقود من الزمان. 

لكن الناخبين أصدروا حكمهم على نهج بايدن عندما اختاروا إعادة ترامب إلى السلطة. 

والواقع أن ترامب طرح مرارًا وتكرارًا العفو الجماعي عن أولئك المتورطين في هجوم 6 يناير 2021 على الكونجرس. وقرر الناخبون أن هذا أمر جذاب - أو على الأقل ليس سببًا للاستبعاد - واختاروا إعطاء ترامب المفاتيح مرة أخرى.

إذا بدا أن ترامب يعتقد أن التلويح بعصا سحرية لإعادة النظر في القانون لا يكلفه شيئًا، فربما يراهن بايدن بحق على أنه يتمتع بنفس القدر من الحرية. 

ففي نهاية المطاف، تضمنت فترة ولاية ترامب الأولى هدايا مجانية لحاكم إلينوي السابق رود بلاجوفيتش، ومفوض شرطة نيويورك السابق بيرني كيريك ، و" ملك السندات غير المرغوب فيها " مايكل ميلكن. 

كما استخدم سلطته في التساهل لتجنيب خمسة موظفين ومستشارين، وثلاثة من أفراد الخدمة العسكرية المتهمين بارتكاب جرائم حرب ، وسبعة أعضاء سابقين في الكونجرس -جميعهم جمهوريون- وعشرة من مقدمي الرعاية الصحية المتهمين في مخطط احتيال ضخم على الرعاية الطبية.

وبالنظر إلى هذا التاريخ الحديث، تخيل لو أن الحكم الصادر في منتصف ديسمبر الجاري بحق هانتر بايدن تضمن سنوات من السجن ــ عن مخالفات يقول الخبراء إنها نادرا ما تتم مقاضاتها.

ماذا كان ليحدث لو رفض جو بايدن، في الأيام الأخيرة من رئاسته، استخدام بطاقة الخروج المجاني من السجن لابنه؟

العائلة هي محور العلامة التجارية بايدن

كان جو بايدن قد أمضى نصف قرن من حياته في السياسة مصرا على أن السياسة ليس لها مكان في النظام القضائي، لكن هذا الادعاء اصطدم بمبدأ متنافس مفاده أن الأسرة تقف فوق كل الاهتمامات الأخرى. 

كان حزن الرئيس على وفاة ابنه بو بايدن هو السبب وراء الكثير من عملية صنع القرار في عائلة بايدن في العقد الماضي، ومن المؤكد أنه كان عاملاً في تفكير الرئيس عندما كان يزن احتمال قضاء أحفاده المزيد الوقت بدون والديهم، لقد كانت خطوة محفوفة بالمخاطر سياسيا، لكنها لم تكن غير متوقعة. 

بعد كل شيء، عندما سأل أحد سكان ولاية أيوا بايدن عن عمل هانتر في أوكرانيا في ديسمبر 2019، وصف نائب الرئيس السابق آنذاك الرجل بأنه "كاذب ملعون" وتحداه أن يثبت صحة إدعائه ثم تبع ذلك تعهد جو بايدن بالحفاظ على نظام بيته إذا انتُخب.

ولم يكن من قبيل الصدفة أن يكون هانتر بايدن صريحًا للغاية بشأن معاركه مع الإدمان، ويبدو أنه نجح في تغيير حياته على مدار السنوات التي أعقبت بعض الخيارات السيئة التي أقر بها.

 ولن تفيد فترة السجن الطويلة هانتر بايدن في تعليمه أي دروس لم يستوعبها بالفعل.  

ويبدو أن هذه الحجة ساعدت جو بايدن في الحصول على موافقة.  

يمكن لجو بايدن أن يفعل هذا دون الكثير من العوائق

إن سلطة العفو مطلقة وهي من اختصاص الرئيس وحده، ولا يلزم الحصول على موافقة من الكونجرس ولا يملك أحد في إدارته أي سلطة حقيقية لمنعه.

 ولهذا السبب، عندما قال بايدن "لن أعفو عنه" في 13 يونيو، شكك البعض في ذلك. 

كان العفو دائمًا خيارًا، بغض النظر عن مدى حث مساعديه وحلفائه على خلاف ذلك في كل ما يتعلق بهانت. 

فكيف نفسر سبب ترحيب جو بايدن بهانتر بايدن في عشاء رسمي بعد أيام فقط من إبرام بايدن الأصغر صفقة محكوم عليها بالفشل مع المدعين الفيدراليين، بقيادة المدعي العام الذي حضر نفس الحدث؟ على الرغم من أشباح هانتر بايدن، إلا أنه لا يزال يتمتع بنفوذ داخل الدائرة الداخلية لوالده باعتباره الابن الأكبر على قيد الحياة لسلالة سياسية متخيلة ذات يوم.

مؤلم ولكن ربما فقط لفترة وجيزة

أصدر البيت الأبيض الخبر في وقت متأخر من يوم الأحد الماضي، تمامًا كما كان بايدن على وشك ركوب طائرة متجهة إلى رحلته الخارجية الأخيرة كرئيس. وهذا يجعل الرئيس خارج واشنطن حتى يوم الخميس دون مؤتمر صحفي رسمي، وهي استراتيجية تتبع رحلة إلى أمريكا الجنوبية الشهر الماضي والتي جاءت مع تعتيم إعلامي مماثل.

 وهذا يترك الكثير من الوقت لملء واشنطن التي غمرتها هذا الانتهاك الواضح لتعهد بايدن بعدم القيام بما فعله للتو. وعلى متن الرحلة الرئاسية على متن طائرة الرئاسة، ضاعفت المتحدثة باسم البيت الأبيض من التأكيد على التراجع.

وفي يوم الاثنين، بينما كانت ترحب بأعضاء الحرس الوطني في البيت الأبيض لتجوال زينة العطلة، تعرضت السيدة الأولى جيل بايدن لوابل من الأسئلة حول العفو.

وقال الدكتور بايدن في غرفة الطعام الحكومية بالبيت الأبيض: "بالطبع أنا أؤيد العفو عن ابني".

وعلاوة على ذلك، تواجه واشنطن هدية تبدو وكأنها تتجدد تلقائيا، وهي عبارة عن موعد نهائي للإنفاق يتعلق بعطلة الأعياد؛ ففي هذا العام، أمام الكونجرس حتى العشرين من ديسمبر الجاري لتأجيل الأمر، وهناك الكثير من الخلاف حول المدى الذي ينبغي أن يتطلع إليه الكونجرس في فترة ولاية ترامب الثانية.

وببساطة: لن يظل العفو في أذهان معظم الأمريكيين، ومن المرجح أن يجد ترامب وسيلة لاختطاف الخطاب العام مع استنزاف فريق جو للوقت.