الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

مظاهر الرحمة قد نراها في يومنا في العديد من المواقف الإنسانية بين الإنسان وأخيه الإنسان، وتستحق الإشادة بها.. و أيضا جبر الخواطر وإدخال البهجة على الآخرين  سواء بالمواساة أو المؤازرة أو بالكلمة الطيبة، جميعها مواقف تجعلنا لا بد أن نتوقف ونتأمل حولها.. ولكن الرحمة ما بين الإنسان والحيوان هي التي تتطلب مننا جميعا الانتباه إليها. 

والسبب في الحديث عن ذلك، موقف شدني كثيرا عندما اكتشفت ما وراءه، فهو شاب بملابس أزهرية يهرول فى أحد شوارع القاهرة وعلى وجهه ملامح الحزن والأسي، و يحتضن قطته برفق، وهي مستكينة بين ذراعيه،  وأيضا ممسكًا في يده ورقة وهي روشتة علاج، ليست لعلاجه أو لعلاج أحد من أبنائه أو والديه أو أى أحد غالى عليه ، ولكن كانت لعلاج قطته المريضة فى يده.

ولم تكن القصة بتلك البساطة، حيث اكتشفت أن ذلك الشاب الأزهري "الشيخ محمود"، ليس من قاطني القاهرة، ولكنه جاء  من قرية "نجريج" مركز بسيون بمحافظة الغربية  التي يعيش فيها ، هو قطته التي يربيها، إلى شوارع وسط البلد بالقاهرة بحثًا عن علاج لقطته الحبيبة التي لم يتهاون لحظة في البحث عن علاجها لمجرد أنها حيوان .

 

 والأكثر من ذلك، الذي جعلنىذي أتوقف أمام حكايته كثيرا، أن ذلك الشيخ الصغير، هو "ذوي الهمم"،  وطالب في الأزهر الشريف، وعندما علم  أن قطته مصابة بورم خبيث، ليس له علاج في قريته، قرر ألا يستسلم لليأس، وصحبها في رحلة علاج إلى القاهرة.

وتحرك بلهفة على قطته من واقع الرحمة والإنسانية التي توجد في قلبه، مع الإصرار  رغم ظروفه بأن يتحمل مشقة وعناء السفر في سبيل محاولة إنقاذ قطته، ليعطينا جميعا درسا فب العطف والرحمة ليس فقط من الإنسان للإنسان، ولكن من البشر لجميع مخلوقات الله سبحانه وتعالى.

 وفرحت كثيرا، عندما اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بتلك القصة و تداولها مستخدمو "فيس بوك" ، لتكون قدوة للجميع وأهمية العطف والحنان في حياتنا والرفق بالحيوان مثل الإنسان .

حيث يحتاج أطفالنا بصورة خاصة، أن يعلمهم الآباء،   معنى الرفق بالحيوان وعدم ضرب القطة في الشارع أو رميها بالمياه أو الجرى ورائها لإخافتها وغيرها من الأمور التي قد لا يفهم الطفل أنه يقوم  بذلك الفعل  بإيذائها أو أي حيوان غيرها .

وتعد  أيضا جبر الخواطر بين البشر من الأمور المهمة،   ومن اللفتات الإنسانية، ما حرص عليه فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على جبر خاطر طفل، حينما كان يفتتح أحد  المعاهد الجديدة، في مدينة القرنة بمحافظة الأقصر.

حيث وجد قبل بدء مراسم الافتتاح من كلمات وغيرها،  "طفل" من محافظة الأقصر، صغير يبكي بجانب المنصة التي تقام عليها فعاليات الافتتاح، وعلى الفور  طلب فضيلته إحضار الطفل لمعرفة سبب بكائه، الذي أخبره  بإلغاء فقرته المخصَّصة لإلقاء قصيدة شعرية، نتيجة ضيق وقت الاحتفال بافتتاح المعهد.

وكان تصرف سريع وتلقائي من شيخ الأزهر الذي طلب وقف مراسم الافتتاح،  وأثنى على الطفل بكل حنان وطلب منه إلقاء القصيدة الشعرية، وبالفعل قام الطفل بالقائها وكانت قصيدة مميزة عن أدب  وشهامة أهل الصعيد، ولم يكتف فضيلة شيخ الأزهر بذلك، بل قام بتشجيعه بتميزه فى إلقاء الشعر والتقاط صورة تذكارية معه. 

كما حرص فضيلة الشيخ، على مشاركة التلاميذ والأهالي فرحتهم، والحديث معهم والتقاط الصور التذكارية معهم، كنوع من جبر الخواطر، إيمانا بأن  "من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركتهُ عناية الله وهو في جوف المخاطر" .

ومن مواقف جبر الخواطر أيضا، اللافتة الإنسانية التي قام بها الدكتور أسامة الأزهري،  وزير الأوقاف، حينما استقطع من وقته المكبل بالمواعيد المهمة، ليزور أحد الفنانين العمالقة من الزمن الجميل، وهو الفنان رشوان توفيق،  للاطمئنان على صحته والرفع من معنوياته، مما كان أثر  تلك الزيارة كبير ومؤثر للفنان المريض.

 

ألستم تتفقون معي، أننا جميعا بحاجة في جميع تعاملاتنا إلى جبر الخواطر التي تتضمن الرحمة والحنان ومراعاة المشاعر، للتخفيف من ضغوط الحياة ومسؤولياتها، ولو بالكلمة الحسنة، وأيضا بالفعل الحسن وانتقاء الكلمات، والأخذ بمقولة "من لا يجيــــد جبر الخواطر عليه فقط أن لا يكسرها".

تم نسخ الرابط