د. أحمد عبد المنعم يكتب: متلازمة المُحتال

ظهر مصطلح «متلازمة المُحتال»  impostor syndrome لأول مرة في عام 1978 من قبل عالمي النفس بولين روز كلانس وسوزان إيمز، ليصف الحلقة المفرغة من الانتقاد الذاتي الشديد والمستمر للأداء، وهجوم الشخص على نفسه والتقليل من إنجازاته وكفاءته، فعند تحقيق الأهداف  يشعر الشخص بعدم الاستحقاق،  وقد ينسب النجاح والإنجازات التي يحققها إلى أي أسباب أخرى لا تعود إليه، وأنه لا يستحق المكانة أو الاحتفاء أو التقدير الذي يحظى به أو أنه مبالغة من قبل المحيطين،  وقد تتسبب متلازمة المحتال في تفاقم القلق والاكتئاب وارتفاع مستوى التوقعات والكمالية مما يفقد الشخص متعة الشعور بالإنجاز والنجاح.

أصحاب متلازمة المحتال يبذلون جهوداً كبيرة لتحقيق التفوق والتميز في الإنجاز لتعويض مشاعر النقص التي تعتريهم، ويفرضون معايير مثالية على أنفسهم ويسعون للكمال باستمرار، مما يعرضهم للاحتراق النفسي والوظيفي والجسدي باستمرار.

أعراض متلازمة المُحتال:

الشعور بعدم الاستحقاق بشكل مستمر وتحديداً عند تحقيق أي إنجاز.

الشعور بالتقصير الدائم وأنهم بحاجة لبذل المزيد من الجهد.

التوقعات المبالغ فيها من الذات، وانخفاض الشعور بالرضا عن النفس.

التركيز على الاخفاقات البسيطة التي يُمكن أن تحدث وعدم القدرة على تخطيها.

الخوف المستمر من أن يخيب أمل الآخرين ولا يُلبي توقعاتهم منه.

أسباب متلازمة المُحتال:

ترتبط متلازمة المُحتال بشكل كبير  بعوامل التنشئة الأسرية والتجارب والخبرات الحياتية التي مر بها الشخص وعززت لديه بعض أنماط التفكير  السلبية كوسيلة للتأقلم والتوافق النفسي والاجتماعي، فالبيئة الأسرية القائمة على الانتقاد الزائد والحماية المفرطة والمقارنات والتوقعات المثالية من الأبناء تعزز لديهم شعور دائم بالتقصير والذنب والميل لاسترضاء المحيطين بهم للحصول على القبول.

أيضا الأشخاص أصحاب القلق المفرط ومنخفضي الثقة بالنفس أكثر عرضه للاصابة بمتلازمة المُحتال، وفي بعض الأحيان تكون التوقعات المبالغ فيها من المحيطين وتحديداً مع أصحاب الموهبة والإبداع والأبطال الرياضيين تشعرهم بأنهم قادرون على إنجاز كل مهمة بكفاءة واقتدار  مما يشعرهم دائماً بأنهم في سباق لتحقيق توقعات الآخرين وتفقدهم المرونة النفسية عند حدوث أي اخفاق.

خطوات مواجهة متلازمة المُحتال:

الخطوة الأولى: الاعتراف بوجود مشكلة والتعبير عن المشاعر السلبية التي تعتريك والإقرار بوجودها، كون إخفاء هذه المشاعر يُزيد من حدتها وسطوتها.

الخطوة الثانية: التحدث إلى المقربين والسماع لأرائهم وتوجياتهم، وناقش معهم الايجابيات التي تمتلكها ودونها، فتساعدك في بناء ثقتك بنفسك وبناء أهداف واقعية.

الخطوة الثالثة: التقليل من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فالدراسات العلمية تُشير إلى تسبب هذه المواقع في زيادة سقف التوقعات بشكل مبالغ فيه وزيادة فجوة الشعور بالنقص لأنها تقدم محتوى وصور غير واقعية وتعجز النفس البشرية عن تحقيقها، فما يُشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي لا يعكس الصورة الحقيقية والواقعية.

الخطوة الرابعة: إعادة التفكير في المعتقدات وأنماط التفكير السلبية المتسببة في تفاقم المتلازمة، وقد يتم ذلك بمساعدة معالجاً نفسياً لتتمكن من إجراء تقييم موضوعي لمهاراتك ومواهبك وإنجازاتك،  وفي الوقت نفسه اتخاذ خطوات نحو تقبل الذات وبناء جسور الثقة بالنفس والتخلي عن الكمالية.