
مسجد الإمام الحسين بن علي في القاهرة.. تاريخ وأهمية دينية ومعمارية

بسنت محمد
يُعد مسجد الإمام الحسين بن علي في القاهرة من أبرز المعالم الإسلامية في العاصمة المصرية، حيث يحيط به تاريخ طويل ومكانة دينية كبيرة.
يقع المسجد في حي الحسين، الذي يحمل اسم الإمام الحسين بن علي، ويجاوره خان الخليلي الشهير والجامع الأزهر، مما يجعله واحدًا من أبرز معالم القاهرة القديمة.
يعد هذا المسجد بمثابة معلم تاريخي وثقافي، له مكانة كبيرة بين المصريين والمسلمين حول العالم. تاريخ المسجد تم بناء مسجد الإمام الحسين في عهد الفاطميين سنة 549 هجريًا (1154 ميلاديًا) تحت إشراف الوزير الصالح طلائع.
يضم المسجد ثلاث أبواب مصنوعة من الرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، بالإضافة إلى باب آخر بجوار القبة يُعرف بـ الباب الأخضر.
سُمّي المسجد بهذا الاسم استنادًا إلى روايات عدة تقول بوجود رأس الحسين بن علي مدفونًا فيه.
وفقًا لبعض المؤرخين المصريين، ففي بداية الحروب الصليبية، خاف الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأصلي في مدينة عسقلان بفلسطين.
فقام بإرسال طلب لنقل الرأس إلى مصر، حيث تم حمله ودفنه في المكان الحالي للمسجد، الذي أقيم عليه.
الاختلاف في مكان رأس الحسين تختلف الآراء حول مكان دفن رأس الحسين، وتدور العديد من الروايات حول هذا الموضوع.
ففي حين يرى البعض أن الرأس مدفون في المدينة المنورة بالبقيع، استنادًا إلى روايات أهل السنة، حيث دفنه يزيد بن معاوية عند قبر أمه فاطمة في البقيع، يذهب بعض المؤرخين الشيعة إلى القول بأن الرأس مدفون في كربلاء مع الجسد بعد أن قام علي بن الحسين السجاد بإعادته إلى كربلاء بعد أربعين يومًا من مقتله.
كما تذكر بعض الروايات أن الرأس كان في دمشق، حيث تم دفنه بعد أن أخذ من خزانة يزيد بن معاوية بعد وفاته، وهناك من قال أنه دُفن في عسقلان، حتى حمله الفاطميون إلى مصر في القرن السادس الهجري.
وتدعي رواية أخرى أن الرأس دُفن في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وهو ما تم تأكيده في بعض الدراسات الأكاديمية الحديثة.
وصف المبنى يُعتبر مسجد الإمام الحسين من المعالم المعمارية الفريدة في القاهرة، حيث يتضمن المبنى خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية.
محرابه مبني من قطع صغيرة من القيشاني الملون بدلاً من الرخام.
كما يحتوي المسجد على منبر خشبي يقع بجوار بابين يؤديان إلى القبة، و حجرة المخلفات التي أُضيفت للمسجد عام 1311 هـ. المسجد مبني بالحجر الأحمر على الطراز الغوطي، أما منارته التي تقع في الركن الغربي القبلي فقد بُنيت على نمط المآذن العثمانية، وهي أسطوانية الشكل، ولها دورتان وتنتهي بمخروط. يحتوي المسجد أيضًا على ثلاثة أبواب من الجهة الغربية، وباب من الجهة القبلية، وباب آخر يؤدي إلى صحن المسجد الذي يتضمن مكانًا للوضوء.
أعمال التجديد والترميم في إطار الحفاظ على هذا المعلم التاريخي
أُجريت أعمال تجديد وترميم شاملة للمسجد في السنوات الأخيرة.
فقد افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مسجد الإمام الحسين في 27 أبريل 2022 بعد أعمال الترميم والتأهيل، وذلك لغرض توسيع المسجد وترميمه من الداخل، وتزيين ضريح رأس الحسين بشباك جديد بعد اندلاع حريق بالقرب من ساحة المسجد في بداية نفس العام.
وجاء الافتتاح بحضور سلطان طائفة البهرة الإسماعيلية، مفضل سيف الدين من الهند، كما تم بث مراسم الافتتاح عبر القنوات المصرية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن هذا الترميم جاء تنفيذًا لتوجيهات الرئيس المصري بترميم وتجديد مقامات آل البيت في مصر، ومنها ضريح سيدنا الحسين.
يُعد مسجد الإمام الحسين من أقدم وأهم المعالم الإسلامية في القاهرة، إذ يجمع بين التاريخ الديني العميق والعمارة الفريدة التي تعكس إبداع الحضارة الإسلامية. ورغم التحديات التي واجهها، يظل المسجد وجهة دينية وسياحية مهمة، متمتعًا بمكانة خاصة لدى المسلمين في مصر والعالم العربي.